} جرت الجولة الأولى من المرحلة الثالثة للانتخابات البرلمانية المصرية في مناخ متوتر لكون العاصمة أحد المدن التي شهدت المنافسات، إذ ترشح فيها وزراء ونجوم من رجال الأعمال ورموز جماعة "الإخوان المسلمين". ووقعت مشاحنات بين أنصار المرشحين في دوائر عدة في حين شكا مرشحو "الإخوان" من اجراءات استهدفت منع مؤيديهم من دخول أقلام الاقتراع، وأطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع في دائرتين رشح فيهما اثنان من رموز الجماعة. أصيب عدد من المواطنين في مشاجرات وصدامات وقعت بين الشرطة وبعض الأهالي في مدن وأحياء مصرية وبين أنصار المرشحين في مناطق أخرى التي شهدت الجولة الثالثة من الانتخابات أمس، وسط اجواء متوترة للغاية وغير مسبوقة في المرحلتين السابقتين اللتين وقعت فيهما أحداث العنف في جولتي الإعادة. وتنافس أمس 1344 مرشحاً من كل الاتجاهات السياسية على 160 مقعداً في ثماني محافظات، تمثل الرقم الأعلى في كل المراحل، ودفع الحزب الوطني الحاكم بمرشحيه على كل المقاعد في محاولة لتعويض الهزائم الساحقة التي مُني بها في المرحلتين السابقتين، وبدا أن شعاره "لا خسارة بعد اليوم" تحول واقعاً عملياً. ولم يكن غريباً أن تكون الدوائر التي رشحت فيها جماعة "الإخوان المسلمين" 22 من رموزها الأكثر سخونة، لكن اللافت أن دوائر أخرى تنافس فيها مرشحون في أحزاب المعارضة ومستقلون لم تخل من الصدامات والحوادث الغريبة. وسجلت تقارير رسمية اعتداء أنصار المرشح بدر القاضي في دائرة بولاق أبو العلا وسط القاهرة على رئيس لجنة مدرسة التحرير الابتدائية قاض بعدما رفض الأخير السماح بحدوث تجاوزات داخل اللجنة لمصلحة المرشح. وشكا مرشحو "الإخوان" من تدخلات لمنع مؤيديهم من أداء عملية الاقتراع. وقال نائب المرشد العام للجماعة المستشار مأمون الهضيبي، الذي خاض الانتخابات على مقعد الفئات في دائرة الدقي منافساً وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة الدكتورة آمال عثمان "إن الشرطة تصدت للناخبين ومنعتهم من الوصول إلى لجان الاقتراع". ولوحظ وجود أمني كثيف في المناطق التي تقع فيها تلك اللجان، وتحدث مراسلون لصحف أجنبية وعربية عن اعتداءات وقعت عليهم من جانب اشخاص كانوا يقفون قرب اللجان. وقال الهضيبي إن السلطات لجأت إلى تغيير أماكن لجان الاقتراع لإرباك مؤيديه والحؤول دون وصولهم إليها. ولوحظ أن سيارات للأمن نقلت اعداداً من الناخبين إلى لجان الاقتراع في الدائرة. ونصبت حواجز أمنية في الشوارع المؤدية إلى اللجان، ورفع مؤيدو الدكتورة عثمان بطاقات صادرة عن الحزب الوطني، مما سهل مرورهم إلى حيث لجان الاقتراع. ولم تخل دائرة واحدة من الدوائر التي تنافس فيها مرشحو "الإخوان" من توتر شديد، وأطلقت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع في مدينة كرداسة على مؤيدي مرشح الجماعة السيد طارق المكاوي، كما وقعت احداث مماثلة في مدينة بسوس حيث خاض مرشح "الإخوان" عبدالمجيد هيكل الانتخابات هناك. وفي دائرة الشرابية حيث رشح "الإخوان" اثنين هما ماجد حسن ونبيل عابدين، كما خاض قبطي من أعضاء حزب "التجمع" يدعى سعد ساويرس المنافسات ضد مرشحي الحزب الحاكم اللذين عمدا إلى استخدام "بلطجية" للإعتداء على منافسيهم، واضطر القضاة لإغلاق أربع لجان لفترة من الوقت بعد أن تفاقمت اعتداءات أنصار الحزب الحاكم على منافسيهم. وأبلغت غرف عمليات أحزاب المعارضة "الحياة" أنها تلقت شكاوى وبلاغات عدة من القاهرة والجيزة التي شهدت اعتداءات على إعلاميين من الوكالات الأجنبية ومراسلي الفضائيات، حيث قدم خمسة من هؤلاء بلاغات إلى النيابة أكدوا وقوع اعتداءات عليهم وهم مراسل "نيوزويك" عبير علام و"دير شبيغل" نوربرت شيلر والتلفزيون الالماني أحمد مصطفى و"صوت اميركا" ديل جافلاك ورئيس طاقم قناة "الجزيرة" حسين عبدالغني ومساعده المصور حسام أبو المجد. ولوحظت كثافة أمنية غير عادية في شوارع القاهرة، أحاطت بمقار اللجان في كل الدوائر الانتخابية من دون استثناء، مجهزة بالعصي والقنابل المسيلة للدموع، ووضعت حواجز حديد قرب مقار الاقتراع لمنع التجمهر حولها وإبعاد الناخبين ومؤيدي المرشحين. وقالت مصادر المعارضة إن مرشحيها اشتكوا من معوقات عدة حالت دون إدلاء أنصارهم بأصواتهم، في حين حمل أنصار مرشحو الحزب الحاكم بطاقات ذات ألوان خاصة كان يتم السماح لحامليها فقط دخول مقار الاقتراع. وقال المرشح الناصري المستقل محمود زينهم النائب الحالي والذي تنافس ضد وزير الإسكان الدكتور محمد إبراهيم سليمان إنه سيقوم بملاحقة الوزير قضائياً بعد التدخلات والتجاوزت التي شهدتها الدائرة، ومنع أنصاره من الادلاء بأصواتهم وترويع الناخبين بنشر قوات أمن كثيفة أمام مقار الاقتراع وما أسماه "حالة إرهاب" لمعارضي الحزب الحاكم، وشدد زينهم على أن "ما حدث غير مسبوق ولم تشهده دائرة الجمالية من قبل". وكان اللافت انتشار أعداد كبيرة من "البلطجية" حول مقار الاقتراع، حيث لوحظ حدوث مشاجرات بينهم وأنصار المرشحين الآخرين لمنعهم من الوجود حول مراكز الاقتراع أو الدعاية لمرشحيهم. وتلقت "الحياة" بياناً صادراً من المرشح المستقل مصطفى بكري في دائرة "التبين" جنوبالقاهرة، لافتا إلى "حدوث تجاوزات خطيرة من أنصار وزير الأوقاف السابق محمد علي محجوب، وقيامهم بالإعتداء على أنصار بكري والدفع بسيدات غير مسجلات للإدلاء بأصواتهن بدلاً من المسجلين في القوائم". وشهدت الدائرة صباح أمس صدامات عنيفة بين أنصار المحجوب وأنصار مرشح مستقل هو مجدي طنطاوي أمام لجنة "حلوان البلد" أسفرت عن عدد من المصابين من أنصار الطرفين. وقال بكري ل"الحياة" "إن هذه الأحداث تسيء إلى القائمين عليها ومن يساندونها"، غير أنه "يثق في قدرة القضاء على حماية إرادة الناخبين داخل صناديق الاقتراع". وفي المنيل حيث ترشح رئيس تحرير صحيفة "الشعب" مجدي أحمد حسين والمسجون بعد إدانته بقدح وذم وزير الزراعة الدكتور يوسف والي، أفادت زوجته الدكتورة نجلاء القليوبي "الحياة" بوجود عراقيل عدة أمام الناخبين ومنعهم من الإدلاء بأصواتهم، والسماح لأنصار مرشحي الحزب الحاكم وحدهم بالتصويت. وقالت الدكتورة القليوبي انها اضطرت لتحرير محاضر عدة، وتقدمت بشكاوى إلى رئيس اللجنة العامة للسماح للناخبين الإدلاء بأصواتهم وفك الحصار المضروب على مقار الاقتراع، وإطلاق أنصار زوجها الذين تم توقيفهم أمس من أمام بعض اللجان والسماح للآخرين بالدعاية لصالحه بالمساواة مع منافسيه الآخرين. وفي المقابل، أشارت تقارير حزبية موثوقة أن بقية الدوائر سارت فيها الانتخابات بهدوء، وقال مسؤول في حزب "التجمع" إن دائرة كفر شكر التي ترشح فيها زعيم الحزب السيد خالد محيي الدين جاءت هادئة ومن دون إثارة مشاكل أو مشاحنات بين أنصار المرشحين. وقال رئيس غرفة عمليات حزب الوفد الدكتور السيد البدوي ل"الحياة" إن "المشكلة الحقيقية التي واجهت مرشحي الحزب تمثلت في ارتباك قوائم الناخبين وما تضمنته من أخطاء عدة، وغير ذلك لم تسجل أي تجاوزات أو اعتداءات". وبدا واضحاً أن الأحداث الساخنة جرت في الدوائر التي ترشح فيها عناصر "الإخوان" أو تلك التي يتعرض فيها مرشحو الحزب الحاكم الرسميون لمواقف حرجة وعدم قدرتهم على استقطاب تأييد الناخبين، مما يؤدي إلى إثارتهم لمشاجرات أو مشاحنات.