جلس محمد خان 25 عاماً في مطعم "أريانا" على الطريق العام الذي يربط بين غزني وقندهار يداعب حبات سبحة كانت في يديه، وهو يقول لي: "لم يعد لدينا ما نخسره في هذا العالم، فخلال القرن الماضي قاتلنا البريطانيين وهزمناهم شر هزيمة، ثم دخلنا في مواجهة مع أعتى قوة على وجه الأرض هي القوة السوفياتية وخرجنا منتصرين، والآن نحن في مواجهة مع أميركا التي كانت بالأمس تقول انها معنا، لكننا متيقنون أن النصر حليفنا، والمسألة مسألة وقت". ولا يفوت الأفغان أن يعبروا عن خيبة أملهم في المجتمع الدولي لأنه تخلى عنهم في حين كانت البلايين تنصب أمس لتشغيل طاحونة القتل والخراب في الحرب بين المجاهدين والشيوعيين. "أين أصحاب البلايين تلك"؟ يتساءل أحد المعلمين السابقين في "ثانوية الاستقلال" في كابول. هذه حال الأفغان الذين التقيناهم هنا وهناك طوال رحلة استغرقت اسبوعاً كاملاً بين ولايات أفغانية عدة، من قندهار الى زابل الى غزني وميدان وكابول. لا يرى معظمهم ان هناك ما يخسرونه في أي مواجهة مع أعداء الخارج، بل "بالعكس سنكسب الكثير" يقول أحد الخريجين من كلية الاقتصاد في جامعة كابول، خصوصاً "تعزيز الوحدة الداخلية التي لا يمكن أن تأتي في ظل التباينات العرقية واللغوية والاثنية إلا من خلال وجود العدو الخارجي". كما يضيف. يتابع المتحدثون الى "الحياة": "ماذا نخسر، فبلادنا مدمرة، ولا يوجد هدف استراتيجي وحيد يتحدث عنه العالم اللهم إلا قتل زعيم حركة طالبان الأفغانية الملا محمد عمر". ويفتخر "الطالبانيون" اتباع الملا محمد عمر بثبات موقف الأخير بمنح حق اللجوء لأسامة بن لادن وعدم المساومة في ذلك على رغم كل الاغراءات والتهديدات الأميركية. وهذا يشير الى "صدقية" الحركة "من الناحية الاسلامية"، حسب قول أحد الطالبانيين. يضيف زميله: "ها هي ايران الى جوارنا وقد تخلت عن كل المبادئ التي رفعتها إبان الثورة من قتال الشيطان الأكبر، وعلى العالم الاسلامي أن يدرك الآن أن السنّة يمكنهم أن يقولوا للغطرسة الأميركية: لا، بالفعل لا بالقول، ولذا دفعنا الثمن 70 صاروخ "كروز" أميركياً انصبت على بلادنا قبل عامين، وها نحن نترقب موجة صواريخ جديدة". على طول الحدود الباكستانية - الأفغانية وقبل الوصول الى الأراضي الأفغانية تواجه الزائر على الجدران الباكستانية عبارات: "كل طالب أسامة"، ومعلوم أن عدد طلبة المدارس الدينية يتعدى المليون طالب في باكستان منتشرين في أكثر من 25 ألف مدرسة دينية رسمية وغير رسمية. وتتوقع مصادر غربية عدة أن يلعب هذا العدد دوراً محورياً في التغيير المحتمل في باكستان، وهو ما عكسه أخيراً مساعد وزيرة الخارجية الأميركية كارل أندرفورث حين حذر باكستان مما وصفه بالاتجاه نحو "طلبنة" البلاد.