قبل نحو اسبوعين، تحدث رئيس مجلس النواب المغربي السيد عبدالواحد الراضي في برنامج تلفزيوني عن الصراع الذي كان قائماً بين حزبه الاتحاد الاشتراكي والقصر الملكي على امتداد اربعين عاماً. وخلص الى القول ان احداً من الطرفين لم يحقق اهدافه بالغاء الاخر او اطاحته، ما مهّد للنزوع الى التعايش في صورة "التناوب" الذي قاد الاحزاب الرئيسية في المغرب الى الحكم عام 1998. وقتذاك اعتبر كلام الراضي، العضو القيادي في الحزب الاشتراكي، هفوة لسان. الا ان اسبوعية "لوجورنال" الصادرة بالفرنسية فجرت امس العلاقة بين احزاب اليسار والقصر الملكي والجيش، في اشارة الى ما وصفته ب "تورط" قياديين من الحزب في المحاولة الانقلابية الثانية التي قادها الفريق الركن الراحل محمد اوفقير ضد الملك الراحل الحسن الثاني صيف عام 1972، عبر الهجوم على الطائرة التي كانت تقله من باريس الى الرباط، وآلت المحاولة الى انتحار اوفقير وفق الرواية الرسمية. واستندت الاسبوعية في ذلك الى رسالة قالت ان المعارض الفقيه محمد البصري وجهها الى قيادة الاتحاد الاشتراكي عام 1974 وعرض فيها الى الموضوع، وتحديداً عبر الحديث عن تفاهم بين الفريق الركن اوفقير وقياديين في الحزب في مقدمهم الراحل عبدالرحيم بوعبيد ورئيس الوزراء الحالي عبدالرحمن اليوسفي والمقاوم حسن الاعرج عبر المستشار ادريس السلاوي لدعم حركة انقلابية. كما اشارت الرسالة التي لم يتسنَ التأكد من صحة مضمونها امس الى سعي الراحل عبدالرحيم بوعبيد زعيم الاتحاد الاشتراكي السابق الى اشراك زعيم حزب الاستقلال الراحل علال الفاسي. بيد ان الحسن الثاني اكد في احدى المناسبات ان شعوراً ما انتابه، فأمر بتغيير مسار رحلة عودته من باريس الى الرباط في 17 آب اغسطس 1972، وتوقف في برشلونة، ما تسبب في ارباك حركة الانقلاب التي كانت ترمي الى قصف الطائرة واسقاطها في البحر وانجاز المهمة الانقلابية قبل انكشاف الأمر. وسئل في مناسبة اخرى عن مدى ثقته بمساعديه القريبين، فقال انه كان يشك في وسادته قبل الخلود الى النوم. القضية ذاتها اثيرت في وقت سابق، تحديداً بعد صدور تصريحات للسيدة فاطمة اوفقير ارملة الجنرال اتهمت فيها قياديين بارزين في احزاب المعارضة السابقة بالتورط في المحاولة الانقلابية الفاشلة، لكن احداً لم يرد على تلك الاتهامات في ضوء النفور من اي علاقة محتملة بين اوفقير واحزاب المعارضة السابقة. الا ان التطور البازر في الملف يكمن في اللجوء الى فتح ملفات كانت محظورة، وبعدما اقر العاهل المغربي الملك محمد السادس تعويض انقلابيين امضوا سنوات في معتقل تازمامارت بدأت ملامح نفض الغبار عن مرحلة حكم الملك الراحل الحسن الثاني بقسوة غير معهودة، واثارت اتهامات لعسكريين رفيعي المستوى بالتورط في احداث لها علاقة بانتهاك حقوق الانسان، مايعني الكشف عن مناطق الظل في تلك الفترة التي دامت حوالي اربعين عاماً، وتخللتها مواجهات محتدمة بين المعارضة والقصر، قبل ان يؤول الوضع الى تعاقد معنوي بين الطرفين.