فشل قمة المناخ العالمية في لاهاي هولندا من 13 الى 24 الجاري هو تتمة ونتيجة لخلافات سابقة بين الولاياتالمتحدة من جهة ودول العالم الثالث وغالبية الدول الأوروبية من جهة ثانية. وتأتي هذه الخلافات في ختام الألفية الثانية لتضع حيازة العلم في حلبة الصراع الدولي، وتدرجه في الصورة المعهودة للصراعات السياسية والاقتصادية وغيرها. فحيازة العلم تلابس علاقات البشر، أفراداً وأنظمة ودولاً، ويصح ذلك على السياسة سواء بسواء. والتساؤل الجدي عن العلم وهويته وموقعه وحيازته يربط بين أحداث غائمة وغير محسومة، كسقوط الطائرة المصرية قبالة ماساشوستس في الولاياتالمتحدة، وغرق الغواصة الروسية "كورسك"، واحتراق طائرة الكونكورد، وضياع مركبتي فضاء قرب المريخ و... النتائج المعلقة للانتخابات الرئاسية الأميركية في صمت الكومبيوتر. شيئاً فشيئاً، ومنذ "قمة الأرض" في ريو دي جانيرو البرازيل - 1992 صارت مياه الكوكب وأنفاسه موضعاً لتنازع ضخم بين رؤى متفاوتة وثقافات متصارعة، "غيرت" في هوية علم المناخ نفسه. في "الريو" قالت الولاياتالمتحدة ان نماذج الكومبيوتر لا تؤيد وجود ظاهرة البيت الزجاجي التي شددت عليها الدول الأوروبية والعالم الثالث. واستمر الصراع نفسه بين الرؤى عبر المؤتمرات المتعاقبة، وسادسها قمة لاهاي الحالية، في ما هو أقرب الى نقاش الرؤى الثقافية، وأبعد من الصورة المتوهمة والراسخة ل"موضوعية" العلم. سلّمت الولاياتالمتحدة بوجود ظاهرة البيت الزجاجي، أي ارتفاع حرارة الأرض بفعل "دثار" تراكم غازات الصناعة. لا غرو، فالمعطيات قوية تماماً. ينتج كل أميركي من تلك الغازات 19 ضعف ما ينتجه الهندي، وثلاثين ضعف ما يفعل الباكستاني، و269 ضعف ما يعطيه النيبالي. وارتفعت حرارة الأرض كما لم يحدث خلال العشرة آلاف سنة الماضية، وارتفعت مستويات البحر بمعدل 10 - 25 سنتيمتراً خلال القرن العشرين. ويهدد ذوبان الثلوج القطبية بلداناً مثل بنغلادش ومصر والصين. وتنتج الولاياتالمتحدة وحدها ربع غازات البيت الزجاجي، لكنها لا تسلم بأي تفسير علمي قد يؤول الى تحميلها مسؤولية كل تلك الغازات. واستمر الخلاف، وصولاً الى المؤتمر الحالي الذي حمل عنوان "مؤتمر الأفرقاء" أو COP6، للدلالة الى النية في المشاركة