بات ملحاً، بعد الذي أعلنه رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري امس، اثر لقائه البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير، ان القيادتين السورية واللبنانية ستبحثان حين تجتمعان في تحديد مراكز تموضع القوات السورية وفق خطة اعادة انتشار جديدة بدأت هذه القوات بتنفيذها منذ نيسان ابريل الماضي، ان يوحد اركان الدولة اللبنانية لغتهم في ما يتعلق بالموقف من الوجود العسكري السوري في لبنان. فالمواقف باتت تبدو كأنها غير منسقة، وعلى موجات متعددة. فرئيس الجمهورية اميل لحود يؤكد ان هذا الوجود شرعي وموقت والبحث فيه تفرضه مصالح البلدين. ويرى ان طرحه في ظل التعقيدات الاقليمية والقمع الاسرائيلي للانتفاضة الفلسطينية، يخدم اسرائيل. والحكومة بلسان رئيسها رفيق الحريري وبيانها الوزاري، تضيف الى كونه شرعياً وموقتاً، انه ضروري، ويعطي الحريري الأولوية في هذا الظرف، لتصحيح العلاقة الاقتصادية تحت عنوان "تحسينها"... داعياً الى اعطاء الوقت للقيادة السورية الجديدة قبل طرح مطالب كالتي يطرحها المعارضون المسيحيون المتعددو المشارب، اي الانسحاب السوري. اما بري فيقول بتحديد مراكز التموضع... وهو تعبير شبيه بالذي استخدمه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي استخدم عبارة "اعادة النظر في بعض نقاط التمركز"، سبب هجوماً من حلفاء سورية عليه، وتسريب نبأ منعه من دخول سورية. هل اختلاف التعابير هو مجرد ارتباك رسمي، حيال موضوع العلاقة اللبنانية السورية، ام انه انعكاس لسياسات ومقاربات مختلفة ضمن المؤسسات اللبنانية في هذا الشأن؟ فلكل تعبير رد فعل سواء من خصوم سورية أو من حلفائها، او من دمشق نفسها. لكن تولي بري الحوار مع البطريركية امس هو من دون شك دليل الى ان "الأقرب اليها"، أو "الحليف الأول" لديها هو المؤهل اكثر من غيره لفتح الخطوط مع المعارضين لسورية ونفوذها في لبنان. وربما كانت صفته هذه هي السبب في تصريحاته التي يشكل جانباً منها نوعاً من الاستجابة لما يطالب به المعارضون هؤلاء. وفي انتظار ان توحد الدولة اللبنانية لغتها، وأن يتم اختبار أي من اللغات هي التي ستسود، فثمة أمر ملحّ آخر لا بد من أن يحسمه، أو يسعى القيّمون على القوى المعارضة للوجود السوري، الى حسمه، وهو الاقلاع عن اللغة العنصرية في التعاطي مع هذا الوجود من قبل قطاعات واسعة شعبية وحزبية وطالبية وثقافية وإعلامية، نتيجة تعبئة وتحريض اذا استمرا، سيصعب توحيد اللغة الرسمية في التعاطي مع هذا الوجود بما يرضي من يزعمون انهم يريدون السيادة. ان استمرار التعبئة العنصرية سيقود الى توحيد لغة أركان الدولة في الاتجاه الذي يخالف ما يريده معارضو الوجود السوري... سواء أعاد السوريون انتشارهم أم لا..