بعد أيام من الحديث الجدي عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، شنت أحزاب اليمين، ومعها حزب "المركز"، حملة انتقادات شديدة اللهجة ضد حكومة ايهود باراك، وهدد بعضها بالتقدم الى الكنيست باقتراح حجب الثقة عن الحكومة، وذلك على خلفية السماح للشرطة الفلسطينية بالوجود في باحة الحرم القدسي الشريف اول من امس الجمعة، ثم قرار اخلاء موقع "قبر يوسف" في مدينة نابلس في الضفة الغربية امس. واعتبر المنتقدون السماح للشرطة الفلسطينية بدخول باحة الحرم "تراجعاً، بل استسلاماً اسرائيلياً واعترافاً بالسيادة الفلسطينية على جبل الهيكل الحرم القدسي". وقال الوزير روني ميلو، ممثل حزب "المركز" في الحكومة، ان ما حصل يمس بالسيادة الاسرائيلية في القدس، فيما دعا زميله دان مريدور الى ضرورة تشكيل حكومة واحدة. ودافع باراك عن قراره، مشيرا الى انه اتخذه بعد التشاور مع قيادة قوى الأمن "منعاً لتصعيد في المواجهة مع الفلسطينيين". وفي مقابلة مسجلة للتلفزيون الاسرائيلي بثت مساء امس، هاجم باراك السلطة الفلسطينية قائلاً: "نشعر اليوم ان لا شريك لنا في المفاوضات، والبديل الآن اقامة حكومة واحدة". واضاف ان اسرائيل ستلجأ الى كل الوسائل لحماية جنودها ومواطنيها "ولن نقبل بان تقع ضحايا عبثاً كما حصل في الماضي". وأفصح باراك عما دار في لقاء القمة في باريس، قائلاً انه أوضح للرئيس جاك شيراك ان دعمه مطلب ياسر عرفات باقامة لجنة تحقيق دولية يعني انه يشجع الارهاب الذي بادر اليه عرفات". واستشاط باراك غضباً حين سئل عن لجوء الجيش الاسرائيلي القوي الى استعمال قوة وحشية ضد السلطة التي لا يملك أفراد شرطتها سوى البنادق، وقال: "كيف توجهين سؤالاً كهذا، وهل تعتقدين ان الحرب مجرد لعبة. سننتصر في كل الحروب ومسؤوليتي الأولى ان أمنع سفك دماء جندي أو مواطن". ولم يستبعد رئيس أركان الجيش شاؤول موفاز امكان "ان تؤدي المواجهات مع الفلسطينيين الى تصعيد حاد يصل الى حد حرب حقيقية". وقال ان المواجهات ستتواصل طالما لم تعط السلطة الفلسطينية تعليماتها لأفرادها وللفلسطينيين بوقف المواجهات وطالما لا تكف عن التحريض. وتوقع موفاز ما حصل امس على الحدود الشمالية حين اشار الى تسخين حاصل على هذه الحدود، لكنه اضاف ان اسرائيل "تبدي اتزاناً وعقلانية وضبطا للنفس، وفي الوقت ذاته تمنح قواتها حرية التصرف لحماية المواطنين وضمان أمنهم". وانتقد قيام السلطة الفلسطينية باطلاق "عناصر من حماس تطالب اسرائيل بتسليمهم لها منذ زمن". وفي المدن العربية، ساد الهدوء التام امس، وللمرة الاولى منذ اسبوع. وأعلنت الشرطة انها لم تسجل أحداثاً سوى اطلاق رصاص على محطة شرطة في مدينة الطيبة. وأعلنت ايضاً ان جميع مفترقات الطرق مفتوح.