تحدثت مصادر سودانية مطلعة أمس عن بروز خلافات داخل الحكومة السودانية في شأن تعديلات دستورية تعتزم السلطات طرحها في استفتاء شعبي. وتبين ان الحكومة لم تحسم أمرها في شأن التعديلات حتى يوم أمس على رغم اعلانات صادرة من الهيئة العامة للانتخابات السودانية عن استفتاء على تعديلات دستورية لم تحدد حتى الآن متزامنة مع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي بدأت اجراءاتها الأولية الاسبوع الماضي. وأفادت مصادر مطلعة ان هناك تباين في وجهات النظر داخل الحكومة في شأن التعديلات الدستورية وان كثرة المواد التي ستطرحها للاستفتاء الشعبي، عرقلت عملية إعدادها في صورتها النهائية. ولم تحدد مصادر حكومية موعداً محدداً للفراغ من إعداد التعديلات الدستورية، لكنها توقعت أن يتم ذلك خلال أيام. وقلل وزير النقل وعضو الهيئة القيادية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم الدكتور لام اكول من أهمية هذه الخلافات وقال انها "تنحصر في اجراء الاستفتاء إذ يرى فريق داخل الحكومة ان طرح هذه التعديلات للاستفتاء مباشرة بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أمر غير دستوري لأن الدستور ينص على موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على التعديلات الدستورية قبل طرحها للاستفتاء إذا كانت تمس ثوابت الدستور". وكشفت مصادر اخرى تحدثت اليها "الحياة" امس في الخرطوم عن وجود خلافات أخرى في شأن جوهر التعديلات خصوصاً والبند الخاص بانتخاب حكام الولايات وهي سبب رئيسي في الخلاف الذي أدى الى قيام حزب "المؤتمر الشعبي" بقيادة الدكتور حسن الترابي. وشهد المؤتمر العام للحزب الحاكم مطلع الشهر الجاري خلافاً في شأنها بين الرئيس وقطاع كبير من اعضاء المؤتمر. غير ان الأمين العام للحزب الحاكم البروفيسور ابراهيم أحمد عمر قال ان "التعديلات لم تنته بعد". ورفض قبول اتهام الحكومة بمحاولة تمرير التعديلات الدستورية، وقال ان "القصد من التعديلات هو تحصين الشورى والديموقراطية وسد الثغرات في الدستور". وامتنع وزير العدل علي محمد عثمان ياسين عن التعليق على مدى دستورية الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وكان الترابي شكك في شرعية الاستفتاء، وقال ان اجراء الاستفتاء على تعديلات في الدستور أمر غير دستوري إذ يستوجب أي تعديل في الدستور أن يجاز بواسطة البرلمان ثم تعرض المواد المتعلقة بالثوابت للاستفتاء. الحزب الاتحادي من جهة أخرى، دعا نائب الأمين العام للحزب الاتحادي الديموقراطي سيد احمد الحسين حزبه الى وقف التفاوض مع الحكومة السودانية. وقال "ان النظام يحتضر ولسنا في حاجة لانقاذه بالتصالح معه". ورأى ان "ما يتوهمه البعض من حرية هو انفلات بسبب انكسار القبضة الأمنية" نتيجة الخلاف داخل الحزب الحاكم. ونفى الحسين ان يكون اتفاقه مع زعيم الحزب السيد محمد عثمان الميرغني مرتبط بمسألة التفاوض والحل السياسي الشامل، مشيراً الى أن "ما تم هو مسألة داخلية تهدف الى انهاء الخلافات في صفوف الحزب الاتحادي". وأوضح ان الاتفاق يشمل أيضاً قائد مجموعة الاصلاح ميرغني عبدالرحمن لكنه لا يشمل الأمين العام للحزب الشريف زين العابدين الهندي لأنه على اتفاق مع الحكومة.