بعد أن ظلت الفعاليات السياحية بمحافظة جدة محاصرة بمحظورات الاختلاط وخشية الاحتفالات الموسيقية التي منعت أخيراً، لم يبقَ لعروس البحر الأحمر إلا أن تروّج بعض قطاعاتها أنها بريئة من انتشار «كورونا» في مرافقها، باعتبار متلازمة الشرق الأوسط خطراً محدّقاً بحياة الناس. وظهر إعلان لأهم وأكبر شركات تأجير المركبات مستخدمة في شعارها الدعائي فكرة خلوّ مرافقها من انتشار الفايروس، إذ استخدمت شعار «استأجر سيارة معقّمة»، كما استبدلت علامتها التجارية بوضع صورة فايروس متلازمة الشرق الأوسط، كون هذا الأمر أكثر ما يُشغل من يعتزمون زيارة «العروس» خلال موسم الصيف. ويقول محمد الحسني ل«الحياة»: «تخوفاً من التصعيد الإعلامي لانتشار فايروس «كورونا» في محافظة جدة فضّلت عدم الذهاب إلى جدة لهذا العام، بصحبة أسرتي مثل كل عام، خصوصاً أن غالبية ما يُحذر من زيارته هي الأسواق والملاهي، ومن البدهي أن تكون هي الأكثر عرضة لانتشار الفايروس». فيما بيّنت تهاني الحربي أنها حلمت بأن تحصل على مشتريات زواجها من المجمعات التجارية بجدة، لكن ذلك أصبح مستحيلاً في الوقت الحالي، فخوفاً على صحتها رفض خطيبها ذهابها إلى مثل هذه المجمعات وأماكن الاختلاط، إذ تعتزم شراء مستلزماتها بواسطة الإنترنت لتصل إليها عبر شحنات بواسطة الأسواق الإلكترونية على الإنترنت. وفي مواقع التواصل الاجتماعي اتفق المغردون على أن أسعار المساكن خارج السعودية وكُلفة السفر أسهل من قِصَر خدمات الإيواء والمرافق السياحية داخلياً، إذ يقول إبراهيم الجهني: «كل الرسائل التي وصلت إلى جهازي الجوال تحذيرية وإرشادية من طرق الوقاية من مرض «كورونا»، ولم تصلني رسالة ترويجية واحدة من الجهات السياحية تدلني على خطط وفعاليات المهرجانات». وقرّر الجهني أن يُغيّر وجهة سفره لقضاء شهر العسل إلى خارج السعودية، إذ إن المكوث لمدة 10 ليالٍ في فندق خمسة نجوم يكلفه نحو سبعة آلاف ريال فقط، على عكس الفنادق الداخلية التي لا تقل الليلة الواحدة فيها عن 1500 ريال، مبيناً أن جميع هذه الأرقام ليست من ضرب الخيال، بل هي متوافرة على موقع الحجز الإلكتروني للفنادق الذي هاجرت فلوس السعوديين من خلاله إلى الخارج. بدوره، يُشير سعود العتيبي إلى أنه حجز فندقاً فاخراً داخل السعودية إلا أنه لم يجد فعاليات تستحق الزيارة أو مرافق فارهة ومميزة، مضيفاً: «مع الأسف جميع الفعاليات التي شاهدتها في الأعوام الماضية، لن تقل عن نظيرتها لهذا العام، ولا أستطيع أن أهين متعتي بمطاردة الفعاليات الوهمية». وكان إحصاء نشر في شارع الصحافة بجدة أشار إلى أن عدد السعوديين المسافرين إلى الخارج يفوق نحو 10.72 مليون سائح، إذ أرجع المتخصص في الشأن السياحي ضيف الله العسيري خلال حديثه إلى «الحياة» إلى أن ذلك يعود بسبب الفقر السياحي، وعدم الاهتمام بجانب الآثار من الجهة المختصة بالسياحة، إضافة إلى تجاهل الدعم الاقتصادي المتمثل في إنشاء فنادق ومتنزهات مفتوحة وشاليهات سياحية مقبولة السعر، في حين باتت مكاتب السياحة فقيرة من العملاء لاعتماد الناس على مواقع الإنترنت التي تؤكد لهم حجوزات الفنادق والطيران، بينما أصبح لا يرتاد المكاتب السياحية سوى الشركات وكبار السن ممن لم يقدمهم الزمان للخدمات الإلكترونية.