سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نائب رئيس "بنك الخليج الدولي" الدكتور خالد الفايز يتحدث عن التوسع في السوق السعودية : العمل المصرفي التقليدي في طريقه إلى الزوال في العالم العربي وهدفنا تقديم خدمات استثمارية للشركات الصغيرة والمتوسطة
حذّر نائب رئيس مجلس إدارة "بنك الخليج الدولي" الدكتور خالد الفايز من خطر موت المصارف العربية ذات الرساميل الصغيرة في حال لم تسعَ إلى التحالف والاندماج، وقال إن مصارف الأوفشور تواجه بدورها تحدياً كبيراً للبرهنة على قدرتها في مواجهة المصارف التقليدية التي توسعت كثيراً في مجال خدمة عملائها. وقال في مقابلة مع "الحياة" إن "بنك الخليج الدولي" ينوي التوسع في منتجاته وخدماته التي يقدمها لزبائنه في منطقة الخليج، وإنه يبحث أيضاً عن التوسع في السوق السعودية من خلال تقديم خدمات مالية لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة وخدمات استثمارية في مجال تخصيص الشركات العائلية والعامة. وذكر المصرفي السعودي المخضرم الذي يملك خبرة طويلة في الأسواق الخليجية والعربية والدولية أن الدور التاريخي للعمل المصرفي التقليدي في طريقه إلى الزوال، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة التي تشهدها الأسواق المتقدمة في طريقها إلى العالم العربي. وفي بداية حديثه تطرق إلى وضع مصرفه في سوق البحرين، فقال: - أغلب المصارف في البحرين هي وحدات مصرفية خارجية أوفشور. و"بنك الخليج الدولي" هو تقريباً أول مصرف يؤسس من نوعه. وقد ركز المصرف نشاطه في السابق إلى حد كبير على الخدمات المصرفية التقليدية من إقراض وتمويل التجارة والتعامل بالقطع الأجنبي، وكان له دور كبير في إقراض المشاريع الأساسية والشركات في منطقة الخليج وتمويلها. لكنه مارس في الوقت ذاته نشاطاً إقراضياً على مستوى الدول العربية الأخرى وعلى مستوى العالم. ومنذ ذلك الحين تطورت الصناعة المصرفية، وباتت المنطقة نفسها بحاجة إلى خدمات استثمارية وسوق غير تقليدية لرأس المال، وهذا ما حدا بنا العام الماضي إلى شراء "البنك السعودي العالمي" المتخصص في الخدمات الاستثمارية أكثر من تخصصه في الخدمات التقليدية. وصار بوسع "بنك الخليج الدولي" أن يقدم خدمات للعملاء تدخل ليس فقط في مجال الاقراض والتجارة بل في مجال الاستثمار والمتاجرة بالأسهم والسندات وإدارة محافظ العملاء وتقديم المشورة المالية وعمليات التخصيص، وعلى سبيل المثال فإن "البنك السعودي العالمي" كان له دور في تحويل بعض الشركات العائلية إلى شركات عامة مثل "شركة الزامل" وشركة الألبان "سادفكو"، وهو حالياً يُسوّق "شركة جرير". كيف ترى تطور سوق الخدمات المصرفية، وفي مصرفكم تحديداً؟ - العمل المصرفي في المنطقة يتحول إلى مجال الخدمات الاستثمارية ومجال الاستثمارات في عمليات التخصيص سواء تخصيص القطاع العام أو الشركات العائلية ومساعدة هذه الشركات على تحويلها من شركات عائلية الأمر الذي يوسّع مجال عمل "بنك الخليج الدولي" أكثر من السابق. وعلى صعيد الشركات المحلية فإننا نقدم استشارات مالية وقروضاً ونساعد هذه الشركات على التحول من القطاع العام إلى الخاص أو من الملكية العائلية إلى العامة وعلى إصدار سندات بدلاً من الاقتراض التقليدي فقط. أما بالنسبة إلى الشركات الأجنبية العاملة فلدينا علاقات كبيرة معها لا سيما الشركات الأجنبية الكبيرة التي لها دور في المنطقة، وهذه العلاقات تتمثل في إصدار ضمانات، أو تمويل رأس مال عامل أو منح قرض متوسط أو طويل الأجل، وأكثر الشركات الرئيسية العاملة في المنطقة سواء الأميركية أو اليابانية أو الأوروبية هي عملاء للمصرف. ولدى المصرف حافظة قروض قدرها 5،4 بليون دولار موزعة على مئات المشاريع ومصرفنا له نشاط دولي، ولنا فروع في كل من لندنونيويورك وأبوظبي وبيروت وسنغافورة. هل ستؤول وظيفة المصرف التقليدية إلى الزوال؟ - أعتقد أن مجال العمل المصرفي التقليدي كوظيفة تاريخية وكوسيط بين من يحتاج الأموال ومن يملكها، هذا الدور يتعرض إلى الزوال في الولاياتالمتحدة وأوروبا لأن الشركات الكبيرة لا تحتاج إلى المصارف أصلاً، وهي قادرة على إصدار أسهم وسندات في السوق ولا تذهب إلى المصارف لتنفيذ ذلك. هذه الظاهرة ستنتقل إلى العالم العربي. القطاع المصرفي لا يزال محمياً إلى حد ما في العالم العربي. وعندما نتكلم عن منظمة التجارة الدولية والمنافسة التي ستواكب الانخراط فيها، فإن النتيجة البديهية هي توقع أن يكون البقاء للأقوى والأكثر مرونة. وأعتقد أن هناك الكثير من هذه المصارف سيضمحل ولن يكتب له البقاء. هل يكون الدمج هو الحل؟ - سيعطي متسعاً من الوقت، على الأقل. أما بالنسبة إلى المؤسسات الصغيرة فلن تكون قادرة على المنافسة، من أحد الأسباب لذلك هو ازدياد الحاجة للصرف على التكنولوجيا. وعلى سبيل المثال المصرف الذي يصل رأس ماله إلى 100 مليون دولار لن يستطيع تحمل تكاليف التكنولوجيا المطلوبة، وهناك مصارف أجنبية تنفق مئات ملايين الدولارات كل سنة على تطوير التقنية لديها، وبالتالي مصرف بهذا الحجم لن يكون قادراً على الاستمرار في بيئة تحمل كل هذه التحديات، ما يعني أنه لا بد له من القيام بعملية تملك أو دمج للاستمرار. ولو انتبهنا إلى أن مجموع موجودات مصارف العالم العربي من المحيط إلى الخليج، والتي تقارب 270 مصرفاً، يناهز 500 بليون دولار ورأس مالها كله 40 بليون دولار، لوجدنا أننا أمام أرقام يمثّلها مصرف متوسط في الولاياتالمتحدة أو أوروبا أو اليابان. وأقول إنه إذا كان لا بد للمصارف أن تعيش فلا بد لها من التكتل والاندماج. لنعد إلى مصرفك. ما هي إمكانات نموكم المستقبلية؟ وما هي المشاكل التي تواجهكم؟ - ليست لدينا أي مشاكل ونحن قاربنا تحقيق الاندماج بين "البنك السعودي العالمي" و"بنك الخليج الدولي"، وأعتقد أن العملية ستنتهي قبل آخر السنة الجارية، وليست هناك مشاكل في تحقيق ذلك. كثيرون يعتبرون أن مصارف الأوفشور باتت شيئاً من الماضي؟ - النمو المستقبلي يتطلب غرس جذور في المنطقة. مصارف الأوفشور تواجه عموماً تحدياً كبيراً يحتم عليها التغيير. ولو سألنا أنفسنا عن الحاجة إلى مصارف الأوفشور لوجدنا أنها كانت تعتمد في السابق على ثلاثة أو أربعة مبررات: أولها السبب التقليدي وهو "المنطقة الزمنية". أنت جالس في منطقة زمنية دقيقة ومحدودة ضمن المناطق المختلفة الممتدة من الشرق الأقصى الذي هو أول من يفتح أعماله كل يوم، وصولاً إلى الشرق الأوسط ولندن وبعدها نيويورك. كان هذا في الماضي لكن الآن مع تقدم تكنولوجيا المعلومات صار بوسع الشخص في نيويورك، مثلاً، أن يمارس التجارة والتداول في الأسواق المالية ولمدة 24 ساعة في اليوم. العاملان الآخران الأكثر أهمية يتعلقان باختلاف قوانين العمل المصرفي بين بلد وآخر. كان بالوسع قبلاً أن تطلب دولة أن تكون الملاءة المالية عشرة إلى 12 إلى 15 في المئة، وكان المستثمر يبحث عن الدولة التي تطلب أقل نسبة ممكنة. إلا أن العالم وصل اليوم إلى درجة من التجانس حتمها تطبيق توصيات لجنة "بازل" الخاصة بنسبة الملاءة الرأسمالية، وصار لزاماً على كل سوق استثمارية ومصرفية أن تبرهن خضوعها لهذه المعايير والتزامها بالنسب التي تضعها. أيضاً هناك القوانين الضريبية واختلافها، وإلى الآن لا تزال هذه القوانين مغرية نسبياً في بعض الدول، إلا أن هناك بعض الدول يطبق حالياً قوانين ضريبية شاملة، بمعنى ان الضريبة تطبق على مجموع دخل المصرف في جميع أنحاء العالم. وفي هذه الظروف فإن مصارف الأوفشور تواجه تحدياً لتبرهن كيف أن العالم لا يزال بحاجة اليها، سواء في برمودا أو البحرين أو "آيل أوف مان". ويتعين على مصارف الأوفشور أن تبقى متقدمة ثلاث خطوات على القطاع المحلي وأن نكون سبّاقين وأن تكون لدينا خبرات لا تتوافر لدى المصارف المحلية. كنا في السبعينات متقدمين على كل المصارف المحلية: قرارات سريعة ومهارات لدينا لم تكن لديهم، وكنا في مرحلة من المراحل نقترض من هذه المصارف ونقرض إلى عملائها، لكن الآن المصارف في الخليج وصلت إلى مستوى من الامكانات والكفاءات لم يعد لدينا معه ما يميزنا عنها، لذا فإن واجبنا أن نبقى متقدمين وأن تكون هناك خدمات متنوعة نقدمها أكثر من المصارف العادية، وأن تكون الخبرات في مستوى أفضل وأن تبقى قادرة على التكيف أسرع مع حاجات العمل. وكيف يتحقق هذا التميز؟ أوليس هناك خطر من المصارف الدولية التي تملك سيولة أكبر؟ - يجب أن نبعد عن الخدمات التقليدية. المشكلة الآن في المنطقة ليست مشكلة سيولة للإتيان بأموال من الخارج. المشكلة ان العميل لا يحتاج فقط إلى تمويل لأنه يمولك ويترك لديك ودائع كبيرة. هو يحتاج في الواقع إلى منتجات متطورة: مشتقات مالية، وإدارة محافظ استثمارية وخبرة في إدارة المحافظ الداخلية والخارجية، وكيفية إعادة الهيكلة بقصد التوسع، وهذه أمور لا تقدر عليها المصارف الصغيرة لأنها مكلفة للغاية. ولو كنت أريد فقط أن أبقى على مستوى الخدمات التقليدية لما احتجت إلى فتح فرع في الرياض لأن محفظة القروض لدى المصرف في المملكة توازي حجم بعض المصارف المتوسطة في المملكة العربية السعودية، ولكن لأكون قرب عميل وأؤمن له خدمات هناك لا أقدر أن أعطيه إياها من هنا. وأنا أبحث، في جهدي، للتوسع عن شريحة جديدة من الشركات الصغيرة والمتوسطة وليس فقط الشركات الكبيرة، وعلى أن أكون قريباً منها لأتفهم عملها. ما هي توقعاتك للسوق؟ - هناك تفاؤل نسبي أكثر، وهذا التفاؤل ينتج عن تحسن دخل الحكومات من النفط. وهناك أمل بأن يتم تشجيع الانفاق الداخلي في شكل نسبي، وأن يساعد هذا الأمر بعض الحكومات على التعامل مع العجز لديها، لأنه يمكن لهذا الأمر أن يحرّك الاقتصاد في صورة أفضل من السابق. لكن هذه هي الظواهر المتوقعة ونحن إلى الآن لم نرَ شيئاً يمكن أن يبرر تفاؤلنا كاملاً، وهذا مرتبط بتغير سعر النفط لأن ارتفاعه لن ينتج عنه سيولة سريعة فمثل هذا الأمر يحتاج إلى شهور قبل أن تظهر نتائجه، ونأمل أن يؤدي مع نهاية السنة الجارية إلى تحريك الاقتصاد. الأمرالثاني اللافت هو أن هناك تسهيلاً للتعقيدات البيروقراطية السائدة سواء عبر المساعدة على فتح الباب أمام المستثمر المحلي أو الأجنبي، وهذا سيحفز المسألة الأساسية التي هي موضوع التخصيص، ما سيفتح المجال لدى بعض الشركات، وبدل الاعتماد على الحكومات لتمويلها أو لاجراء بعض الاستشارات، للجوء إلى المصارف أي القطاع الخاص. ونأمل أن تكون المنطقة مقبلة على نمو أكبر مما شهدته في العامين السابقين، لأن القطاع المصرفي لا يزال متخلفاً ومعنى ذلك أن هناك إمكاناً للنمو، والقطاع الصناعي والتجاري يعتمد على القطاع المصرفي أكثر من نسبة مثيله في الدول المتقدمة ما يعني وجود فرصة للاستكشاف والنمو أمام القطاع الخاص.