انعكست المحادثات التي أجراها رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري في واشنطن ونيويورك على مدى أربعة ايام، والتي اختتمها أمس، إرتياحاً في الوسط السياسي اللبناني وآخر مماثلاً لدى دمشق التي نقل عنها زوارها تقديرها للمواقف التي صدرت عنه بعد لقاءاته مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية وعلى رأسهم الرئيس باراك أوباما، أو في الخطاب الذي ألقاه خلال رئاسته لمجلس الأمن في حضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ولم يقتصر الارتياح المحلي لمواقف الحريري في واشنطن ونيويورك على حلفائه في «قوى 14 آذار»، وإنما شمل ايضاً أطرافاً رئيسة في المعارضة سابقاً. وأكد مصدر قيادي في حركة «أمل» ل «الحياة» أن «لا ملاحظات سياسية لدينا على المواقف التي طرحها رئيس الحكومة في محادثاته في واشنطن ونيويورك»، وقال انه «عكس وجهة نظر لبنان ولم يترك مجالاً لإثارة الشكوك أو لطرح علامات الاستفهام في شأن كل ما صدر عنه من مواقف». ويأتي الموقف الذي عبّر عنه القيادي في «امل» متناقضاً مع ما سارع عدد من النواب المنتمين الى «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون الى الترويج له، وإن بحياء، من ان مسؤولين سوريين وفي ردهم الأول على محادثات الحريري لم يكونوا مرتاحين لمواقفه في واشنطن ونيويورك. ولم تستبعد مصادر في الأكثرية مبادرة الحريري فور عودته الى بيروت الى التواصل مع القيادة السورية لوضعها في أجواء جولته العربية - الأميركية سواء من خلال الاتصال المباشر أم قيامه بزيارة خاطفة لدمشق في حال ان موعد اجتماع الهيئة العليا المشتركة للبلدين برئاسة الحريري ونظيره السوري محمد ناجي عطري لم يحدد في وقت قريب، وبالتالي لا بد من الاتصال المباشر. وتزامن اختتام محادثات الحريري في واشنطن ونيويورك مع قيام رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بزيارة دمشق استمرت ساعات رافقه فيها نجله تيمور ووزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي. وعقد جنبلاط اجتماعاً مع معاون نائب رئيس الجمهورية السورية اللواء المتقاعد محمد ناصيف (ابو وائل) في حضور العريضي وتيمور جنبلاط، في إطار تأكيد التواصل بين رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» والقيادة السورية، خصوصاً ان الرئيس الأسد كان أوكل الى ناصيف مهمة التنسيق والتشاور مع جنبلاط في شأن العلاقات الثنائية والتطورات الجارية في المنطقة. وزار ايضاً دمشق رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن والتقى مسؤول ريف دمشق في الاستخبارات العامة اللواء رستم غزالة. ومع عودة الحريري الى بيروت في الساعات المقبلة، فإن الأسبوع المقبل سيشهد العودة للاهتمام بمشروع قانون الموازنة العامة الذي يفترض ان يستأنف مجلس الوزراء مناقشته في جلسة تعقد في القصر الجمهوري الاثنين المقبل برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي يستعد لرعاية جولة جديدة من الحوار الوطني تعقد الخميس المقبل في بعبدا وعلى جدول أعمالها بند وحيد يتعلق بمواصلة البحث في الاستراتيجية الدفاعية للبنان في مواجهة التهديدات الإسرائيلية. إلا ان جولة الحوار هذه التي تأتي بعد أيام من إنجاز الاستحقاق البلدي بعد غد الأحد في مرحلته الرابعة والأخيرة في الشمال، ستكون مخصصة لاستيعاب التداعيات السياسية المترتبة على السجال في شأن دور المقاومة وسلاحها في ضوء المواقف التي صدرت عن سليمان لمناسبة الذكرى العاشرة لتحرير الجنوب والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله وقيادات أخرى وردود الفعل عليها، وأبرزها من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي أبدى ملاحظات على تركيز سليمان على معادلة الجيش والمقاومة والشعب. ورأت مصادر مواكبة للمواقف المتعارضة من هذه المعادلة انه لا بد من السيطرة على الاختلاف باتجاه العودة الى تهدئة الأجواء لاستئناف الحوار بعيداً من السجال الإعلامي وتبادل الحملات السياسية، لكنها لم تقلل من التضارب بين وجهتي النظر في شأن سلاح المقاومة باعتبار ان هذه المسألة لم تحسم بعد وهي موضع حوار لم يقلل من الاختلاف حولها، مطالبة «حزب الله» بعدم إدراج سلاح المقاومة في معرض الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية.