تتجنب الروايات الست المرشحة لجائزة بوكر البريطانية الزمن الحاضر وتعود أحداثها الى الثمانينات والستينات والأربعينات والثلاثينات وخمسينات القرن التاسع عشر. كأن مؤلفيها وقفوا على عتبة القرن الحادي والعشرين واستعاضوا عن الآتي المجهول بالماضي الذي يعرفونه الآن جيداً ويستطيعون التنقل في فسحاته بأقدام ثابتة. الكندية مارغريت أتوود ترشح للجائزة للمرة الرابعة عن كتابها "القاتل الأعمى" الذي تتداخل فيه ثلاثة أحداث يضيء أحدها الآخر. قد تكون الدولة أفضل أعمالها لكن كندا في الأربعينات لم تستطع أن تقدم لها تنوعاً في الصورة التقليدية: الرجال كائنات سياسية تفعل في العالم بينما لا معنى للحياة عند النساء الا بالحب. تريتزا اتزوباردي من ويلز، بريطانيا، واستفادت فوراً من دراستها الكتابة الإبداعية إذ رشحت للجائزة عن كتابها الأول "المخبأ". تتناول عائلة مهاجرة من مالطا يواجه الأب فيها الانهيار من جراء تورطه بالقمار والمافيا في حين تترك بناته البيت من دون أن يفقدن الصلة بينهن أو يتخلصن من تركة الوالد، لغة اتزوباردي متماسكة وموزونة لكنها لا تفقد فطرية الكتاب الأول على رغم عنايتها بالأسلوب ككل المبتدئين. هل أضيف كازو ايشيغورو الى المرشحين الستة ليمنح اللائحة بعضاً من وهجه؟ الكاتب البريطاني الياباني الأصل فاز بجائزة بوكر في 1989 عن "بقايا النهار" التي حولت الى فيلم من بطولة انطوني هوبكنز وايما تومبسون. روايته الأخيرة "عندما كنا يتامى" عن تحر يسافر الى شنغهاي ليحقق في اختفاء والديه وسط جو من الدمار الذي خلفته الحرب. الرواية متينة البناء ومتنوعة لكن الجائزة لم تعط مرتين للكاتب نفسه بعد، علماً ان ايشيغورو أوفر حظاً من سائر المرشحين باستثناء أتوود في مكاتب المراهنة. ماثيو نيل يكتب في "المسافرون الانكليز" عن كاهن يريد ان يبرهن ان جنة عدن كانت في تازمانيا، استراليا، أصلاً في حين يرغب الطبيب، رفيق سفره، في اثبات تفوق العرق الساكسوني. المرشحان الأخيران أميركيان من أصل ارلندي، بريان اودوهرتي يتباطأ في كشف الأحداث في قرية ارلندية خلال الحرب العالمية الثانية يعيش أهلها في جو مشبع بالتخلف والجهل والإيمان بالغيب الذي يبلغ ذروته مع اصابة النساء بمرض غامض. ومايكل كولنز يختار صحافياً بطلاً ل"حافظو الحقيقة" التي يختفي فيها رجل مسن وتحوم الشكوك حول ابنه. كولنز الذي نال احدى جوائز "نيويورك تايمز" قبل سبعة أعوام يتقيد بأسس الرواية التقليدية التي تحدد الشخصيات بقوة وتشد انتباه القارئ، وهو أفضل حظاً بقليل من أودوهرتي في مكاتب المراهنة.