حقق الروائي ج. إم. كوتزي 59 عاماً من جنوب افريقيا سبقاً في تاريخ الادب في بريطانيا ليل اول من امس بفوزه بجائزة "بوكر" Booker للمرة الثانية، عن روايته "العار" Disgrace. وهو الشخص الوحيد الذي حاز على الجائزة مرتين منذ انشائها قبل 31 عاماً، اذ منحت له في 1983 عن رواية "حياة وعصر مايكل كاي". وجاء اختيار كوتزي مفاجئاً لمراقبين كثيرين، بعدما اعتبروا مايكل فراين المرشح الأوفر عن روايته الهزلية "طائش" Headlong التي تجمع بين الفن والتاريخ. لكن لجنة تحكيم مكونة من خمسة "قراء عاديين" تبادلوا الآراء على قناة التلفزيون الرابعة في شأن الروايات الست المرشحة لنيل الجائزة، مباشرةً قبل الاعلان عن النتائج، وقع اختيارهم ايضاً على رواية "العار" باعتبارها الفائزة. ولم يحضر كوتزي، الذي يُعرف بخجله وميله الى العزلة، حفلة العشاء الضخمة التي اُقيمت في دار البلدية في لندن حيث تم اعلان منحه الجائزة. وكان موجوداً في شيكاغو حيث يمضي اجازته بروفسور في جامعة كاب تاون. وتسلم الجائزة بالنيابة عنه المحرر جيف موليغان من دار "سيكر آند واربورغ" للنشر، الذي قرأ مقاطع من رسالة بعث بها كوتزي وعبّر فيها عن اعجابه بالروائيين الخمسة الآخرين الذين اُدرجوا ضمن لائحة المرشحين النهائية، مشيراً الى انهم "ليسوا اقل جدارة بالفوز". وتُمنح جائزة "بوكر" لأحسن رواية لكاتب من بريطانيا او احدى دول الكومنولث. وتضمنت لائحة المرشحين الستة الكاتبة المصرية اهداف سويف، المقيمة في لندن، عن روايتها "خريطة الحب" The Map of Love التي صدرت عن دار "بلومزبري". وسويف هي اول شخص من اصل عربي يُرشح للجائزة رُشّح الروائي الاسترالي دافيد معلوف، وهو من اصل لبناني، للفوز بها في 1993 عن رواية "تذكر بابل". وقال جون ساذرلاند، أحد الاعضاء الخمسة للجنة التحكيم، وهو بروفسور اللغة الانكليزية في جامعة "يونيفرسيتي كوليج" في لندن، في صحيفة "ذي غارديان" امس ان اللجنة انقسمت وان احد اعضائها - الروائية شينا ماكاي - كانت تفضل رواية سويف. واشار ساذرلاند الى ان رواية سويف كانت باجماع الآراء "افضل ما يُقرأ" من الاعمال المدرجة في اللائحة، معتبراً انها "رومانسية الصحراء، وكانت تتصف بشيء من الغرائبية الشرقية، ممزوجة بحداثة مرحلة ما بعد الاستعمار". لكنه اضاف ان "مشاعرها المناهضة للصهيونية جعلت بعض اعضاء اللجنة يحسون بقلق بعض الشيء". وقال رئىس لجنة التحكيم النائب العمالي جيرالد كوفمان، الذي يرأس لجنة الثقافة ووسائل الاعلام والرياضة في مجلس العموم، في حفلة العشاء انه لو كانت هناك جائزة ثانية فان الروائية الهندية انيتا ديساي كانت ستفوز بها عن روايتها "الصيام، الاحتفال بالعيد" Fasting, Feasting التي تدور حول تعاسة نساء هنديات في الهند وفي الولاياتالمتحدة. وتبلغ قيمة جائزة "بوكر" 20 الف جنيه استرليني، كما يحصل الفائز على 1000 جنيه استرليني عن اختياره ضمن لائحة المرشحين الستة ما يعادل حوالى 35 الف دولار. لكن الجائزة تنطوي على قيمة اكبر من ذلك بكثير، اخذاً في الاعتبار ما تحققه من زيادة في المبيعات، فضلاً عن احتمال توقيع صفقات لإنتاج افلام سينمائية. واصبح بعض الروائيين الذين نالوا الجائزة في عداد اصحاب الملايين. الشخصية الاولى في رواية "العار" هو دافيد لوري، بروفسور في الثانية والخمسين من العمر يعيش في كاب تاون، الذي يرفض الاعتذار عن علاقة غرامية متهورة مع طالبة صغيرة وقد يُرغم على الاستقالة من الجامعة. ويلجأ لوري مع ابنته الى مزرعة نائية حيث تعرضت للاغتصاب والسرقة خلال اعتداء وحشي من رجال سود فيما أصيب هو بجروح. ويريد لوري ان يتخذ اجراءات ضد الرجال الذين يعتقد انهم نفذوا الاعتداء، لكن ابنته ترفض ذلك. وقال كوفمان ان "العار" كانت الرواية الاجمل على صعيد الاسلوب والانشاء، وانها "لا تروي مجرد حكاية انسان يعاني إجهاداً. فهي ايضاً قصة رمزية عن عهد ما بعد الاستعمار". واضاف انها "كتاب متعلق بالألفية، يختم عصر الاستعمار اذ يقترب القرن العشرون من نهايته ويتغير ميزان القوى في العالم". وعلى رغم ان رواية سويف لم تنل الجائزة، فإن وصولها الى لائحة المرشحين النهائية يمثل انجازاً عظيماً. وتغلبت بذلك على منافسة قوية من روائيين هنديين هما سلمان رشدي وروايته "الارض تحت قدميها" The Ground Beneath her Feet وفيكرام سيث في "موسيقى مكافئة" Equal Music. وعندما نُشرت روايتهما قبل بضعة اشهر افترض مراقبون كثيرون انهما الاوفر حظاً للفوز بجائزة "بوكر"، وكان فشلهما في الوصول الى لائحة المرشحين النهائية مفاجأة كبيرة. وقالت سويف ل "الحياة" امس "اعتقد ان اختيار الرواية ضمن اللائحة النهائية عزز مكانتها، وآمل ان تكسب عدداً اكبر من القراء". واضافت ان روايتها تعتبر الاولى في المشهد الادبي الانكليزي التي لا يمثل الشرق الاوسط فيها مجرد خلفية للرواية، فهي تتداخل مع الشرق الاوسط وتتناول شخصيات حقيقية وقضايا حقيقية. واوضحت ان إدراج الرواية ضمن لائحة المرشحين الستة "كان مفاجئاً تماماً بالنسبة لي، لا لانها ليست كتاباً جيداً بل لانها لا تساير الرأي السائد". وقالت سويف انها ووالدتها البروفسورة فاطمة موسى تترجمان الرواية الى العربية، وتوقعت الانتهاء من ذلك في شباط فبراير المقبل. ولم تتفق حتى الآن مع ناشر عربي. ويعاد بالفعل طبع الرواية بغلاف سميك، وستُنشر بطبعة شعبية في نيسان ابريل المقبل. الروايتان المتبقيتان على اللائحة هما "منارة المياه السوداء" The Blackwater Lightship للروائي الايرلندي كولم تويبين، التي تتناول تأثير شاب ايرلندي مصاب بالايدز في نساء من ثلاثة اجيال في عائلته، ورواية "آباؤنا" Our Fathers التي تدور احداثها في اسكوتلندا، وهي اول عمل للروائي الشاب اندرو اوهاغان.