وسط جوّ من الحذر والحزن، تستعيد قرى قضاء الضنية شيئاً فشيئاً حياتها الطبيعية، بعد انتهاء الاعمال العسكرية التي شهدتها اخيراً. وقام رئيس الاركان في الجيش اللواء الركن سمير القاضي قبل ظهر امس بجولة تفقدية على منطقة الشمال شملت قيادة المنطقة العسكرية في طرابلس، وقيادة اللواء العاشر في كفرشخنا ومراكز الجيش في الضنية. واجتمع مع الضباط والعسكريين وعاد الجرحى العسكريين في المستشفيات. واستمر عناصر الجيش في البحث عن جثث محتملة للمسلحين المتطرفين بين الانقاض، فيما لاحقت وحدات اخرى عدداً من المسلحين كانوا لجأوا الى أعالي الجرود بعد دهم أماكنهم في قرية كفرحبو. وكانت التحقيقات التي اجراها الجيش برأت 11 شخصاً كانوا أوقفوا في الضنية خلال الاشتباكات الاخيرة. وإذ أشارت مصادر رسمية إلى أن عدد الموقوفين من المسلّحين بلغ 49، بينهم أربعة جرحى، وعدد القتلى 21، فإن مصدراً أمنياً رفض الدخول في الأرقام مؤكداً "ان لا حصيلة نهائية رسمية بعد". وعن تخلية الموقوفين ال11 قال "ان الجيش يحيل الموقوفين على القضاء وهو صاحب الصلاحية في إبقاء من يريد موقوفاً وتخلية غير المتورطين". وأفاد مصدر قضائي أن تعيين محقق عدلي في حوادث الشمال التي أحالها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة على المجلس العدلي، "ينتظر إجتماع مجلس القضاء الأعلى". وأوضح المصدر "ان قاضيين مرشحين لهذه المهمة هما رئيس محكمة الجنايات في بيروت القاضي جورج غنطوس ورئيس محكمة جنايات جبل لبنان القاضي حاتم ماضي". وأضاف "ان مجلس القضاء سيبحث في الأسماء المطروحة ويقترح واحداً منها ثم يعرضه وزير العدل جوزف شاول على مجلس الوزراء الذي يعيّنه". وبدأت امس الفرق الفنية التابعة لمؤسسة كهرباء لبنان ومصلحة مياه الضنية بالعمل على تصليح الاعطال التي طرأت على شبكتي المياه والكهرباء في المنطقة نتيجة للاحداث وخصوصاً في كفرحبو. تشييع الضحيتين وشيعت بلدة كفرحبو امس الضحيتين ساره يزبك التي كانت حاملاً في شهرها الرابع، ووالدتها سلوى رعد في مشاركة حشد وفاعليات من الضنية بينهم نائبا القضاء جهاد الصمد واحمد فتفت، ونواب شماليون وعدد من ضباط الجيش. ولا تزال حال الحذر والوجوم تسيطر على مناطق الضنية، اذ انعكست على الاستعدادات للاحتفال بعيد الفطر السعيد. واعلن نواب المنطقة وبلدياتها الاعتذار عن عدم تقبل التهاني والغاء احتفالات العيد حداداً على أرواح شهداء الجيش والمدنيين ونظراً الى الوضع السائد المنطقة. ورأى تجمع بلديات الضنية ومخاتيرها في الاعتداءات التي تعرّض لها الجيش "ما يدعو الى القلق والخشية ان تكون هناك محاولات لضرب السلم الاهلي وافتعال اجواء من الاضطرابات في وقت يجب ان تتضافر كل الجهود للالتفاف حول الدولة ومؤسساتها وفي طليعتها مؤسسة الجيش". وأكد التجمع بعد اجتماع استثنائي امس ان "العودة الى ايام الحرب ممنوعة تحت أي شعار وان اي اعتداء على الجيش هو اعتداء على كل لبنان وان استهدافه لا يصب الا في مصلحة العدو الصهيوني"، مبدياً استغرابه لتوقيت هذه الاعتداءات وتزامنها مع المرحلة الدقيقة التي يمر فيها لبنان وسورية". ورأى ان "الاحداث التي شهدتها المنطقة هي من عمل جماعات خارجة على القانون ودخيلة على الضنية وأهلها ولا تمت اليهم بصلة لا من قريب ولا من بعيد".