انتقد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري تأخير الحكومة في صرف المبالغ المقررة لإنماء البقاع، فيما أعلن رئيس الحكومة رفيق الحريري تمسكه بحصول توافق على التمويل، ويأتي هذا الجدل بعد الاشتباكات بين الجيش وأنصار الشيخ صبحي الطفيلي الذي ينتظر ان يعيّن وزير العدل بهيج طبارة القاضي جورج غنطوس محققاً عدلياً في قضية الادعاء عليه بتهمة "التحريض على اطلاق النار على القوى الامنية وتأليف جمعية للاعتداء على الناس والنيل من هيبة الدولة"، بعدما أحالها مجلس الوزراء على المجلس العدلي أول من أمس. وأوضحت مصادر رسمية ل "الحياة" ان طبارة، بمجرد صدور مرسوم إحالة القضية على المجلس العدلي، سيدعو مجلس القضاء الاعلى الى الاجتماع للتشاور معه في تعيين القاضي غنطوس. في هذا الوقت، واصل الجيش اللبناني تدابيره الامنية في منطقة البقاع لمعالجة ذيول اشتباكات بعلبك بين انصار الطفيلي والجيش وبحثاً عن المطلوبين بموجب الادعاء العسكري ومنهم الشيخ الطفيلي. فحصر دخول بلدة بريتال البقاعية، مسقط رأس الاخير، بمدخل واحد هو الواقع على الطريق العامة بين رياق وبعلبك، فيما تمركز عند مداخلها عبر المناطق الشرقية والجردية. وأمس توالت الردود على حوادث البقاع وقرار مجلس الوزراء إحالة القضية على المجلس العدلي ووقائع مناقشة المجلس في شأن وضع خطط انمائية للمناطق المحرومة ومنها البقاع. فاستقبل امس رئيس المجلس النيابي وفداً من ابناء بريتال في عين التينة. أعرب بري أمام الوفد عن أسفه "لعدم توزيع المئة وخمسين بليون ليرة المخصصة لمناطق بعلبك - الهرمل والمناطق المحرومة"، مطالباً الحكومة "بمعالجة القضايا الانمائية والامنية والنظر في دقة الى المأساة في البقاع". وطالب "باطلاق مشاريع التنمية"، مشيراً الى انه "لا يقبل ان تمس هيبة الدولة وان يتم تحدي القوانين المرعية الاجراء وكذلك جرّ الدولة الى الافخاخ وتحويل اي مكان في لبنان بؤرة لتحدي القانون على حساب المواطنين وحياتهم". وانتقد وزير الاسكان والتعاونيات محمود ابو حمدان، عضو حركة "أمل" والكتلة النيابية التي يرأسها بري في مؤتمر صحافي عقده في بعلبك بعد زيارة بلدة بريتال حيث قدّم التعازي بالشيخ خضر طليس، رئيس الحكومة رفيق الحريري متمنياً "ان يكون رئيساً لحكومة كل لبنان". وقال ابو حمدان الذي صوّت مع زميليه من "أمل" ضد قرار الحكومة إحالة قضية الطفيلي على المجلس العدلي: "كنا نأمل في السنوات الخمس الماضية بأن تتحقق المشاريع في كل المناطق، خصوصاً في عكار وبعلبك الأكثر حرماناً، على غرار بيروت". واضاف "لا يجوز ان يقال للناس ما لا يطبّق". وانتقد الحكومة ورئيسها "لعدم تنفيذ اي مشروع في البقاع خلال توليه رئاسة الحكومة". وأشار الى تلزيم اوتوستراد في بيروت ب20 مليون دولار وهو لم يطرح بعد ولم يبحث في مجلس الوزراء ولا حتى في المجلس النيابي. وسأل "هل هذا التلزيم بأهمية تفوق في أولويتها الجائعين في عكار والهرمل وكسروان واقليم الخروب والبترون وبعلبك والجنوب وجرود جبيل؟". واعتبر "ان ايجاد المشاريع لا مفرّ منه ولن يحول أي شيء دون ذلك". وطمأن الى "ان ضريبة ال 5 آلاف ليرة على البنزين لن تتحقق اطلاقاً". وأثنى "على دور الجيش الذي هو جيشنا وقدّمنا شهداء لتوحيده". واضاف "لن نقبل بشتاء وصيف على سطح واحد لكننا ضدّ تكبير حجم الموضوع وإحالته على المجلس العدلي قبل انتهاء التحقيقات". وأعرب عن الأسف "لأن الأمور أخذت هذا المنحى، إذ لا يجوز المساس بالسلم الاهلي والمسيرة الامنية ولا يستطيع احد ان يقترب من هذا السقف"، متمنياً "ان يكون الامن دائماً لا موسمياً لاشعار الناس بالاطمئنان"، مشيراً الى "انه فوجئ بطرح موضوع حوادث بعلبك وتحويلها فوراً في مجلس الوزراء على المجلس العدلي". واستبعد دخول الجيش بريتال "وهي قرية لبنانية وكل أولادها في الجيش وهو الآن موجود فيها ولا يكبّرن احد هذا الموضوع وهذه البلدة بلدة الشهداء ضد الاحتلال الاسرائيلي ولها شهداء من الجيش اللبناني". ورأى "حزب الله" الذي كان النزاع بدأ بينه وبين الطفيلي على الحوزة الدينية وراء الاشتباكات، "ان حوادث بعلبك ضخّمت ولا تستحق إحالة على المجلس العدلي ما دامت التحقيقات لم تنتهِ". وبالنسبة الى تأجيل مجلس الوزراء مناقشة خطة شاملة لانماء المناطق المحرومة لايجاد التمويل اللازم، بتوافق سياسي عليها، قال رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الإمام محمد مهدي شمس الدين انه "كان يأمل ان توضع برامج تنفيذ فوري لمنطقة بعلبك - الهرمل لتشعر هذه المنطقة بأبوة الحكومة لها". وانتقد العلامة السيد محمد حسين فضل الله قرار مجلس الوزراء إحالة القضية على المجلس العدلي. وأمس قام وفد إيراني يرافقه رئيس مجلس الشورى علي أكبر ناطق نوري الذي يزور بيروت حالياً، بزيارة ضريح الامين العام السابق ل "حزب الله" السيد عباس الموسوي في بلدة النبي شيت، وكان في استقباله الشيخ محمد يزبك أحد قادة الحزب الوكيل الشرعي للإمام خامنئي والملحق الثقافي في السفارة الايرانية وممثل ولي الفقيه السيد عبدالصاحب الموسوي. وبعد ترحيب من الشيخ يزبك، ألقى مسؤول مؤسسة "الشهيد" الشيخ رحيميان كلمة باسم الوفد نقل فيها تحيات آية الله خامنئي، مشيداً بالتزام حزب الله نهج الولاية وجهاده العدو الصهيوني الغاصب. يُذكر ان نوري كان أعلن أول من أمس اثر محادثات مع نظيره اللبناني "ان احداث بعلبك قضية داخلية لبنانية والحكومة لها حق التصرف على مستوى القوانين السائدة في لبنان فتتعامل مع هذا الحدث على اساس من التنسيق". وتمنى ان "تعالج الحوادث على اساس الحق والعدل". ولم يتطرق نوري، بحسب مصادر رسمية، الى حوادث بعلبك خلال لقائه والحريري صباح امس. وعلى صعيد المشاورات في شأن خطة انماء المناطق المحرومة وتأمين التمويل لها، بدأ الحريري امس سلسلة اجتماعات، بلقاء وزاري دعا اليه في منزله مساء، كلاً من نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر ووزراء الدفاع محسن دلول والاشغال العامة علي حراجلي والعمل اسعد حردان والموارد المائية والكهربائية ايلي حبيقه والشؤون البلدية هاغوب دمرجيان، وتغيّب عن اللقاء وزير الصحة سليمان فرنجية بعدما اعتذر لانشغاله، مؤكداً تأييده ورقة العمل التي قدمها مجلس الانماء والاعمار بصرف مبلغ 991 بليون ليرة لإنماء المناطق المحرومة، من ضمنها المبلغ الذي كانت الحكومة قررت صرفه بقيمة 150 بليون ليرة للبقاع وعكار. وأكدت مصادر حكومية ل "الحياة" ان الحريري يجري هذه المشاورات استناداً الى ما اكده في مجلس الوزراء من زاوية اصراره على وجوب تأمين وفاق سياسي وطني على خطة انماء المناطق المحرومة وتأمين التمويل اللازم لها. ونفت المصادر الوزارية رداً على سؤال ل "الحياة" ان تكون زيادة سعر صفيحة البنزين من ضمن الافكار المطروحة لتأمين التمويل للخطة التي تشمل المناطق المحرومة وعودة المهجرين وسلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام.