تهدد "أزمة الانطلاق" التي شهدتها الجولة الثانية من المفاوضات بين سورية واسرائيل في يومها الاول، بنسف أحلام رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك بتحقيق هدفه الاكبر وهو تحديث الجيش الاسرائيلي من خزانة الولاياتالمتحدة والتقنية العالية الاميركية في مقابل الانسحاب من الجولان وجنوب لبنان. ويركز باراك الذي أصر على بحث "الترتيبات الامنية" في هضبة الجولان وعلاقات التطبيع مع سورية في بداية المفاوضات قبل قضية رسم الحدود على "المقابل الامني" الذي يريد من الادارة الاميركية دفعه لقاء الانسحاب من الجولان "المنزوع السلاح" والجنوب اللبناني. وقدم باراك فور وصوله الى واشنطن خلال اجتماعه مع الرئيس بيل كلينتون "سلة الهدايا" التي يطالب بتقديمها له. وتشمل السلة التي تطلق عليها اسرائيل "رزمة التعويضات الامنية" صواريخ توماهوك بعيدة المدى لم تزود الولاياتالمتحدة أي دولة بها باستثناء بريطانيا، وسربين من المروحيات الحربية من نوع "أباتشي" وسرباً من مروحيات "بلاك هوك" وآخر من طائرات النقل "هيركوليس" وطائرات انذار مبكر من نوع "اواكس" وطائرات استخباراتية، اضافة الى تمويل اخلاء القواعد العسكرية في لبنان واعادة بنائها وراء الحدود. وقدرت مصادر اسرائيلية تكاليف ثمن معاهدة السلام مع سورية التي ستدفعها الولاياتالمتحدة ب17 بليون دولار. ووصف المحلل العسكري الاسرائيلي المعروف ألوف بن الموجود في شيبردزتاون الجولان بأنه "الثروة الاخيرة التي يمكن ترجمتها الى مكاسب أمنية". وأضاف في مقال مطول كتبه في صحيفة "هآرتس" أن باراك يريد "مقابلاً أمنياً مزدوجاً مقابل الجولان: السلاح المتطور والمساعدة العسكرية من أميركا لسنوات كثيرة والى جانبها الحفاظ على قدرة الردع وحرية اسرائيل في العمل العسكري". ولهذا لم ينس باراك أن يضمّن قائمة مطالبه الطويلة تعهداً أميركياً باستمرار التغاضي عن ترسانة اسرائيل النووية وكذلك الاستفادة من قناة الاتصال الفضائية الاميركية في التجسس على سورية، حيث سيطلب صوراً حديثة عن سورية "كحزام امان اضافي" للاتفاق معها بحسب المصدر نفسه. وفي اطار سعي حكومة باراك الى ترتيب مسألة الاستفتاء الشعبي على اتفاق سلام مع سورية، أقرت لجنة وزارية خاصة مشروع قانون الاستفتاء الذي سيجرى بعد شهر ونصف شهر على ابرام اي اتفاق. وينص مشروع القانون الذي سيرفع للكنيست لإقراره على أن تكون الغالبية في الاستفتاء "عادية"، فيما طالب تكتل ليكود اليميني المعارض بأن تمثّل الغالبية من تحق لهم المشاركة في الاستفتاء وليس فقط غالبية المشاركين. وفي خضم هذه الاستعدادات، طالبت المعارضة اليمينية بالانسحاب من المفاوضات على خلفية "أزمة الانطلاق. واعتبر "مجلس المستوطنات اليهودية" في الهضبة السورية أن ما حصل "يدل على ما ستفعله سورية بعد توقيع اتفاق" في اشارة الى ما تناقلته وسائل اعلام اسرائيلية عن تراجع الشرع عن جدول اعمال المفاوضات الذي تم التوصل اليه في كانون الاول ديسمبر الماضي، فيما قالت النائبة ليمور ليفنات ليكود أن "ملف الجولان مغلق" وأن ما حدث مجرد "أزمة مفتعلة" للايحاء بعكس ذلك.