ارتدت حملة الانتخابات الرئاسية الاميركية لسنة الفين طابعاً اكثر حماسة، مع اقتراب موعد الاستحقاقين الاولين في الحملة وهما: الانتخابات الاولية في ولايتي نيوهامبشاير وايوا، المقرر اجراؤهما، تباعاً، في 24 الشهر الجاري ومطلع شباط فبراير المقبل. ومن شأنهما ان يحسما بشكل نهائي، هوية مرشحي الحزبين الرئيسيين الجمهوري والديموقراطي. ودبت الحماسة في السباق الرئاسي رغم ان الانتخابات الاولية لا تحمل عادة مفاجآت كبيرة ويتوقع ان تنتهي بتأكيد ما اظهرته الاستطلاعات وهو ان جورج بوش الابن، سيكون مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة وآل غور، مرشح الديموقراطيين الى المنصب، علماً ان الاخير يواجه منافسة شديدة من جانب السيناتور الديموقراطي بيل برادلي. وتجسدت تلك المنافسة في المناظرات المثيرة التي تدور بين المرشحين الديموقراطيين وتغطي كثيراً من القضايا موضع الاهتمام لدى الاميركيين. وفي مقدمها، التأمين الصحي والتعليم، اضافة الى موضوع حيازة الاسلحة الذي ظهر بقوة اخيراً، نتيجة سلسلة من الجرائم وقعت العام الماضي. ويبدو ان الجمهوريين اختاروا الموعد المناسب لاضفاء طابع من الاثارة خاصاً بهم على حملتهم التي تفتقد الى وجود منافس قوي لبوش الابن. لذا قرروا اعلان ما كان كثيرون داخل الحرب يتوقعونه وهو: دخول السياسية الجمهورية البارزة اليزابيث دول الساحة، كمرشحة محتملة لمنصب نائب الرئيس الى جانب بوش. والمدخل الى ذلك كان مبادرة دول الى اعلان تأييدها لبوش الابن خلال مهرجان انتخابي حضره كبار الجمهوريين في ولاية نيوهامبشاير امس. ومن شأن ذلك ان يجيّر الى حاكم تكساس الشاب، اصوات نساء الطبقة الوسطى في معاقل الحزب واللواتي يعرفن باسم "ساكنات الضواحي" سوبربان، كون معظمهن من ربات البيوت اللواتي يخترن عادة السكن في المنازل الفسيحة خارج المدن. ولا يستهين احد من الجمهوريين بشعبية دول، الرئيسة السابقة للصليب الاحمر الاميركي وزوجة المرشح الرئاسي السابق بوب دول التي تولت حقائب وزارية في عهد الرئيس السابق رونالد ريغان. ذلك ان "ليز" كما يسميها المقربون، محبوبة من كل الاجنحة داخل الحزب ومن المستقلين ايضاً. وهي "من القلة القادرين على تحريك الناس في اتجاه تأييد خيارهم"، حسبما قال آري فليتشر الناطق باسم بوش في معرض تعليقه على احتمال اختيارها لمنصب نائب الرئىس. ومعلوم ان تلك الشعبية والقدرة لم توفر لدول مصادر مالية كافية للانطلاق في ترشيح نفسها للرئاسة فانسحبت من السباق قبل ثلاثة اشهر، مبدية تذمرها من سيطرة المال على هذا الاستحقاق الديموقراطي. ولم يجمع انصار دول خلال حملتها سوى خمسة ملايين دولار، ما يمثل اقل من عشرة في المئة من المبلغ الذي كان بوش جمعه في ذلك الوقت، علماً انه بحلول اليوم الاخير من العام الماضي، تمكن القيمون على حملة بوش من جمع مبلغ قدره 67 مليون دولار اميركي، وذلك من مصادر تبرعات مختلفة. ولأن اياً من المرشحين لا يطمئن الى استطلاعات الرأي مهما بلغت درجة تقدمه فيها، ظل يخيم على معسكر بوش، هاجس المنافسة التي يواجهها من قبل السيناتور جون ماكين الساعي ايضاً الى الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، رغم ان حظوظ الاخير في منافسة حاكم تكساس تكاد تكون معدومة. ويتخوف معسكر بوش من ان يتمكن ماكين من اجتذاب اصوات الناخبين المؤيدين لدول في حال ظلت غائبة عن الساحة، خصوصا اصوات اولئك المتذمرين من سيطرة المال على السياسة في الولاياتالمتحدة. وليس جديداً، الكلام عن خوض دول السباق الى جانب بوش في المرحلة الاخيرة والحاسمة من الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، اذ سبق لانصارهما ان استشفوا رأيهما في الموضوع قبل اشهر عدة. لكن نقل عن دول في حينه قولها انها تفضل الدخول في السباق اولاً، لتثبت حضورها، ثم تتنازل لمصلحة بوش الابن. وتصبح عندئذ جديرة بان تكون المرأة الاولى التي ترشح للمنصب ... وربما تفوز به.