تحوّل البرلمان الايراني الى ساحة لتثبيت معطيات الربح والخسارة بين المحافظين والاصلاحيين، عشية الانتخابات البرلمانية في شباط فبراير المقبل. اذ استطاع التيار الاصلاحي انتزاع موافقة البرلمان على تأجيل البحث في مشروع قانون للصحافة، فترة ثلاثة أشهر، اي الى ما بعد الانتخابات. ويسعى المحافظون غالبية في البرلمان الحالي الى تعديلات في القانون يرونها ضرورية، فيما يصر الاصلاحيون على تأجيل طرح المشروع الى ما بعد انتخاب البرلمان الجديد، ويأملون بأن تكون الغالبية البرلمانية في أيديهم، مما يمكنهم من تمرير القانون وفق طروحاتهم. وقال رئيس الكتلة البرلمانية الاصلاحية مجمع نواب حزب الله مجيد انصاري ان هناك مئتي اقتراح تتعلق باصلاح قانون الصحافة، معتبراً ان الشفافية تقضي بتأجيل بحثه الى ان تتحقق اجواء سياسية هادئة بعيدة عن التوتر، في اشارة الى المنافسة الانتخابية الشديدة. ورفض النائب المحافظ علي اكبر حسيني هذا الرأي، داعياً الى طرح المشروع على البرلمان لاتخاذ قرار في أسرع وقت، متهماً صحفاً باللجوء الى انواع من "الافتراءات والأكاذيب". ورأى ان ارجاء بحث المشروع يمثل "خيانة للشعب ونكثاً لعهد النواب مع الشعب". ورد مجيد انصاري برفض هذا الاتهام، متسائلاً "هل اتهام النواب بالخيانة غير مبطل للصيام"، في اشارة الى ان النائب حسيني يقدم دروساً متلفزة في اخلاق العائلة. وحضر الجلسة 195 نائباً وأيد 111 منهم تأجيل النقاش في مقابل 84 نائباً معارضاً وممتنعاً. ومن أبرز القضايا المثيرة للجدل في المشروع تشديد عقوبات المخالفات الصحافية، علماً ان عام 1999 شهد سلسلة محاكمات للصحافيين أدت الى اغلاق صحف منها صحيفتا "سلام" و"خرداد" التي سجن مديرها المسؤول وزير الداخلية السابق عبدالله نوري. وعاودت الصحيفتان الصدور بحلة جديدة وباسمين آخرين هما "بيان" و"الفتح"، فيما عادت صحيفة "نشاط" التي اوقفت عن الصدور باسم اخبار "اقتصادي". وأمس بدأت محاكمة اخرى لصحيفة اصلاحية هي "صبح إمروز"، التي مثل مديرها المسؤول سعيد حجاريان النائب السابق لوزير الاستخبارات امام قاضي محكمة المطبوعات سعيد مرتضوي. ولم تحدد طبيعة الاتهامات الموجهة اليه من الشرطة وأجهزة الاستخبارات والقضاء العسكري، وصحيفة "رسالت" المحافظة. لكن مصادر مطلعة أوضحت ل"الحياة" ان بعض الاتهامات يتعلق بتعاطي حجاريان مع ملف الاغتيالات التي طاولت مفكرين وكتاباً العام الماضي، وسير التحقيقات فيها، اضافة الى حملة انتقادات عنيفة وجهتها صحيفته الى كبار مسؤولي الشرطة. وكان حزب "كوادر البناء" الاصلاحي هدد بمقاضاة حجاريان بتهمة وضع اجهزة تنصت في جلسة حزبية تحدثت فيها النائبة فايزة رفسنجاني، ووصف الحزب عملية التنصت بأنها تشبه فضيحة "ووترغيت". وأعلن المحامي غوالالي رياحي ان مثول موكله سعيد حجاريان امام القاضي ألغى مذكرة توقيف صدرت بحقه الاثنين. وأضاف ان القاضي سيسمح ببقاء موكله حراً في مقابل كفالة مالية. على صعيد آخر، ولكن غير بعيد عن التنافس الاصلاحي - المحافظ سحب البرلمان الايراني من جدول اعماله مشروع قانون قدمته الحكومة، يهدف الى وضع شرطة بلدية طهران تحت سلطة رئيس بلدية العاصمة. وتخضع شرطة العاصمة الآن لقوات الشرطة في طهران ما جدد تأكيده قائدها الجنرال محسن أنصاري، معتبراً ان الشرطة البلدية يجب ان تخضع لقيادة عسكرية. في المقابل يقول مرتضى الويري رئيس البلدية انها بحاجة الى الشرطة البلدية لانقاذ طهران من التلوث. ويسيطر الاصلاحيون على البلدية فيما يسيطر المحافظون على القوى العسكرية ومنها الشرطة.