تمكنت وحدات من الجيش اللبناني من السيطرة على منطقة جرود الضنّية بعد أقل من 48 ساعة على بدء العملية التي نفذتها ضد مجموعات متطرفة، وواصلت امس مطاردة الفارين في الاودية والمسالك الجبلية لجرود عكار وإهدن والهرمل، للقبض عليهم وإحالتهم مع من اوقفوا منهم خلال العملية، على القضاء. راجع ص 4 وتكتمت المصادر الامنية الرسمية على الخسائر التي لحقت بالمسلحين الذين لجأوا منذ فترة الى جرود الضنية واضطر الجيش الى مطاردتهم في معقلهم منذ ليل الجمعة الماضي بعدما نصبوا مكمناً لدورية استطلاع عسكرية ادى الى مقتل اربعة عسكريين وفقد ضابط وجندي. واستعان الجيش بوحدات من أفواج المغاوير والتدخل، كما استخدم المروحيات والآليات العسكرية، في وقت كان يحاول نائب "الجماعة الاسلامية" خالد الضاهر القيام بوساطة لدى هذه المجموعات بالنيابة عن الفعاليات الاسلامية، ذكرت مصادر غير رسمية ل"الحياة" ان العملية ادت الى مقتل عدد من المسلحين واعتقال عدد آخر قدر ب15 شخصاً اضافة الى الذين اوقفوا اثناء التعرض للجيش. وذكر مساءً ان الجيش أوقف مسؤولاً في "جمعية الهداية والاحسان" في منطقة الضنية. في المقابل، سقط للجيش جندي آخر، اضافة الى الجنود الاربعة الذين قتلوا في المكمن. لكنه نجح في السيطرة على كل مكاتب المجموعة بما فيها الخيم التي نصبوها في الجرود وصادر كميات من الاسلحة والذخائر والمؤونة الغذائية. واكدت مصادر رسمية ان "العملية انتهت بالمعنى العسكري وتقوم وحدات بمطاردات امنية لفلول المسلحين". واستناداً الى معلومات غير رسمية فإن شخصاً مجهول الهوية ملقب ب"أبو عائشة" يتزعم هذه الجماعات المسلحة الخارجة على القانون، وكان سبق له ان قاتل في أفغانستان ويعد واحداً من قادة ما يسمى ب"الأفغان العرب". واوضح مرجع امني ل"الحياة" ان "المجموعات المسلحة افراد في جماعات سابقة كانت تقاتل في صفوف المتطرفين اثناء الحرب"، مشيراً الى انه "ليس في عداد القتلى او الموقوفين منهم حتى الساعة من هم من غير اللبنانيين"، لافتاً الى "انهم أقاموا وحدات استطلاع عسكرية وأمنية في أماكن جردية متعددة". وكشف المرجع الأمني انه "افراج عن بعض الموقوفين الذين كانوا موجودون في جوار المنطقة اثناء بدء الحملات لملاحقة المسلحين وثبت للاجهزة المختصة ان لا علاقة لهم بالجماعات"، مؤكداً ان "بياناً تفصيلياً سيصدر لاحقاً عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه، التي تنظم اليوم جولة للصحافيين على المنطقة". وأفاد نواب شماليون انه قبل العملية العسكرية اوقفت الاجهزة الامنية بعض الاشخاص في طرابلس كانوا يوزعون بيانات تشكل تهديداً لأمن الدولة والاستقرار العام في البلاد وقد يكون لهم ارتباط مباشر بالمسلحين. وكان رئيس الجمهورية إميل لحود تابع التطورات الحاصلة في الشمال ونوّه بدور الجيش في الحفاظ على أمن المواطنين وأعطى توجيهاته بضرورة تعقب المخلين بالأمن وتوقيفهم، مشيداً بالمواقف السياسية المؤيدة لهذه العملية و"الرافضة لأي اخلال امني يصب في مصلحة العدو الاسرائيلي". وفي السياق ذاته، استنكر رئيس الحكومة سليم الحص "الاعتداء الغاشم على الجيش". وقال انه "مرفوض رفضاً كاملاً وأن اللبنانيين بكل فئاتهم براء مما ارتكبته عناصر مسلحة من اعتداء على أمن الناس وأمن الدولة في الوقت الذي يجثم الاحتلال على ارض الجنوب والبقاع الغربي"، بينما اكد رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري دعمه للقوى الامنية الشرعية في مواجهة اي عمل خارج عن ارادة الدولة، معتبراً ان "ما حصل في الشمال منافٍ لطبيعة اللبنانيين الذين هم أهل اعتدال". يذكر ان قائد الجيش العماد ميشال سليمان تفقد ظهر امس منطقة الضنية والمواقع التي شهدت عمليات عسكرية "وكان الخارجون على القانون يستخدمونها مخابئ لهم ومراكز تدريب لعملياتهم الارهابية". وقال ان "من يتعرض لمسيرة الامن يتساوى بالمتعامل مع العدو"، مذكراً بأن "السلم الاهلي بات من الثوابت"، ومعتبراً ان "هذه الاعتداءات تأتي في مرحلة حرجة حيث يواجه لبنان والى جانبه سورية بكل شجاعة التطورات الراهنة بما يؤمن استعادة حقوقنا".