الجيش التركي الذي خرج مهزوماً ومذلولاً من الحرب العالمية الأولى، تمكن وخلال فترة يسيرة من الزمن، خلال الشهور الأخيرة من العام 1920، من سحق الجمهورية الارمنية ومن إلحاق الهزيمة بالأكراد الذين كانوا قد بدأوا يتحركون، اضافة الى طرد القوات الايطالية من قونيا، ومن منطقة اضنة. أما في قيليقيا، فإن الفرنسيين الذين حلت بهم الهزيمة في أورفة، وعينتاب، اضطروا لأن يوقعوا مع الكماليين هدنة مهينة لهم. في ذلك الحين بدت اسطنبول نفسها في متناول يد مصطفى كمال، ولكن هنا بدا واضحاً ان الانكليز والفرنسيين غير عازمين على التخلي، بسهولة وكيفما اتفق عن منطقة أساسية، لذلك "عملوا بنصيحة الوزير اليوناني فينيزيلوس" الذي اقترح عليهم ان يقوم الحلفاء بشن هجوم مباغت في الاناضول، وذلك من "أجل اجبار الاتراك على تطبيق بنود معاهدة السيفر الخاصة بمنطقة الاناضول"، وكان اقتراح الوزير اليوناني يشتمل على مبدأ ان يقوم الجيش اليوناني نفسه بإجبار الاتراك على قبول بنود المعاهدة، شرط ان يقدم له الانكليز والفرنسيون العون على ذلك. ولقد وافق الحليفان الغربيان على ذلك بسرعة. وبالفعل تحركت القوات اليونانية لتدخل منطقة ترافيا الشرقية، حيث تمكنت من ان تحكم "كمّاشتها" على فرقة كاملة من الجيش التركي، وتأسر أفرادها. وفي الوقت نفسه انطلقت قوات يونانية اخرى من ازمير في محاولة منها لطرد الوحدات التركية التي بدا انها تهدد منطقة المضائق. كما ان جيشاً يونانياً ثالثاً، مدعوماً دائماً من الانكليز والفرنسيين، تحرك الى داخل الاناضول بغية السيطرة على خط السكة الحديد المركزي. كانت نجاحات اليونانيين سريعة ومفاجئة، لكنها كانت غريبة كذلك. وكان غريباً ان ينهزم الاتراك بسرعة. ولكن الحقيقة ان الاتراك سرعان ما تحركوا بعد ان تركوا اليونانيين يتوغلون في مناطقهم اكثر من اللازم. وكان التحرك الأول بقيادة عصمت بيك، الذي سيلحق يومي 9 و10 كانون الثاني يناير 1921 أول هزيمة باليونانيين في منطقة اينونو، وهو انتصار تكرر مرة ثانية في المنطقة نفسها، مما سيجعل الاتراك يطلقون اسم اينونو على عصمت الذي بادر الى إهداء انتصاره الى صديقه مصطفى كمال. وعند بداية شهر تموز يوليو أجبر التقدم اليوناني قوات عصمت بيك على التراجع. فما كان من الحكومة التركية الا ان بادرت الى تعيين مصطفى كمال نفسه قائداً للقوات المحاربة. ومصطفى كمال، ما ان تسلم القيادة حتى بادر الى اقامة خطوط دفاعية تركية على مجرى مائي يحمل اسم الشاكرية. وكانت تلك الدفاعات من الفاعلية بحيث تمكنت من تحطيم كافة الهجومات اليونانية المتعاقبة طوال ما لا يقل عن سنتين. وكان من الطبيعي لتلك "الانتصارات الكمالية" ان تثير زوبعة من الحماس في صفوف الاتراك، الذين بدأوا يحولون مصطفى كمال الى اسطورة بدءاً من تلك اللحظة.