لندن - رويترز - أحدث تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي.آي.اي بأنها لم تعد تستبعد احتمال تصنيع ايران أسلحة نووية ارتباكاً لدى صناع السياسة في واشنطن، وأثار استياء بعض حلفائها. ويفيد تقويم نشرته أولاً صحيفة "نيويورك تايمز" ان الوكالة ليست متأكدة من امتلاك ايران الآن أسلحة نووية، لكنها لا تستطيع الجزم بأن طهران لا تحاول الحصول على تكنولوجيا نووية من السوق السوداء الدولية، والاتحاد السوفياتي السابق خصوصاً. وأكد مسؤول أميركي بارز يعمل في مجال الحد من التسلح ان ال"سي.آي.اي" ارسلت التقرير الى الادارة الاميركية، وأعرب عن خيبة أمله من استنتاجاته. وقال لوكالة "رويترز": "إنهم لا يستطيعون تقديم تأكيدات سلبية في شأن ايران، ولست واثقاً الى أين يقودنا هذا". وتابع انه يعتقد ان الاستخبارات الاميركية تحاول حماية ظهرها من احتمال اتهامها بإساءة تقدير "الخطر الايراني". ورأى كليفورد بيل رئيس تحرير مجلة "جينز" للشؤون العسكرية ان التقويم الجديد يعكس ضرورة توخي الحذر والتأهب لمواجهة كل الاحتمالات. وتفتقر الولاياتالمتحدة الى عملاء في ايران، لذلك يصعب على ال"سي.آي.اي" مراقبة ما يحدث على حدود يمكن اختراقها مع دول سوفياتية سابقة. واللافت تسريب ما توصلت اليه الاستخبارات الاميركية في ظرف حساس لواشنطنوطهران. انه عام انتخابات الرئاسة في الولاياتالمتحدة حيث يجري نقاش حول إقامة شبكة دفاع مضادة للصواريخ، تتصدى لصواريخ قد تطلقها "دول مارقة" يشتبه في انها تمتلك أسلحة دمار شامل. وينتظر ان يتخذ الرئيس بيل كلينتون قراره في هذا الشأن في حزيران يونيو، شرط التحقق من فعالية التكنولوجيا المطلوبة بعد فشل تجربة صواريخ مضادة. وعلى رغم ان كوريا الشمالية تشكل قلقاً مباشراً فإن التوجس من خطر أسلحة ايرانية للدمار الشامل يعزز تأييد الديموقراطيين والجمهوريين إقامة درع واقٍ من الصواريخ. وحرصاً من روسيا والصين على فاعلية قوة الردع النووية لكل منهما، فإنهما تعارضان بشدة خطط واشنطن، كما ان حلفاء أميركا الأوروبيين في حلف الاطلسي لديهم تحفظات. ويرى محللون ان أي تقويم يثير مخاوف من ايران يكون ورقة رابحة في ايدي اعضاء في الكونغرس يعارضون رفع العقوبات الاقتصادية الاميركية عن هذا البلد. كما يأتي تقرير ال"سي.آي.اي" بينما تستعد ايران لانتخابات برلمانية الشهر المقبل فيما يحاول موالون للرئيس الاصلاحي محمد خاتمي الإطاحة بالجناح المتشدد المناهض للتطبيع مع اميركا. وتنفي الحكومة الايرانية تطوير قدرات حربية ذرية، وتؤكد ان تعاونها النووي مع روسيا لأغراض سلمية محضة. ويقول مسؤولون ايرانيون ان التقرير الاميركي يهدف الى صرف الانتباه عن ترسانة اسرائيل النووية التي تعتبرها ايران والدول العربية اكبر تهديد للاستقرار في الشرق الأوسط. يذكر ان طهران وقعت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في 1970 وتستقبل مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن مسؤولين اميركيين يشيرون الى ان الوكالة فشلت في رصد برنامج ايران السري للأسلحة النووية خلال الثمانينات. وتشيد ايران مفاعلاً نووياً يعتمد على الماء الثقيل في بوشهر، وهو مشروع بدأ في عهد الشاه بمساعدة المانية، لكن العراق قصفه. ويلاحظ جيل أدرياني وهو مسؤول فرنسي سابق في شؤون الحد من التسلح يدير برنامجاً عن أسلحة الدمار الشامل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ان أي دولة لم تستطع بعد تطوير سلاح نووي بواسطة مفاعل يعمل بالماء الثقيل، ويشير الى ان "النقاش الدائر حول برنامج ايران النووي يثير كثيراً من الارتباك. حقائق قليلة وشكوك كثيرة". ويضيف: "يبدو ان ايران تحاول الحصول على معلومات أساسية لازمة لاكتساب قدرات نووية في المستقبل". ويؤكد مسؤولون اميركيون ان ايران حاولت تجنيد علماء في الأسلحة النووية والحصول على الخبرة والمواد اللازمة من الاتحاد السوفياتي السابق. كما يشتبه في أنها اشترت تكنولوجيا الصواريخ البعيدة المدى من كوريا الشماليةوروسيا، مكنتها من صنع صاروخ "شهاب 3" الذي يبلغ مداه 1300 كيلومتر، واختبرته عام 1998. وتكمل روسيا في الشمال طوقاً نووياً حول ايران، يشمل باكستان، بينما تجوب الخليج حاملات طائرات اميركية مزودة قدرات نووية.