يعقد اليوم المؤتمر الحزبي للجان الانتخابية في ولاية ايوا، وهو اول اختبار حقيقي لنائب الرئيس آل غور وحاكم ولاية تكساس جورج دبليو. بوش، الرجلين اللذين سيمثلان على الارجح الحزبين الديموقراطي والجمهوري على التوالي عندما تتوجه البلاد كلها لانتخاب الرئىس في 7 تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وسيحتشد الناخبون في ارجاء الولاية في دور البلدية والمدارس والكنائس ليناقشوا ايجابيات وسلبيات المرشحين المختلفين ويدلوا بأصواتهم. ويتوقع ان يحقق غور، الذي يواجه تحدياً قوياً من جانب السناتور السابق بيل برادلي، وبوش الذي يعتبر السناتور جون ماكاين منافسه الرئيسي، فوزاً سهلاً. لكن خصومهما ووسائل الاعلام سيقتنصون أي علامة ضعف محتملة اليوم استباقاً للانتخابات التمهيدية البالغة الأهمية في ولاية نيو هامبشير الاسبوع المقبل. واذا كانت ايوا تدشن العملية الانتخابية للرئاسة الاميركية فإن الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشير تعتبر سباقاً سياسياً أكثر أهمية وذا مغزى أكبر بكثير. ويمثل مؤتمر اللجان الانتخابية في ايوا مؤشراً الى مستوى التنظيم والدعم الحزبي والوقت المكرس للانتخابات في هذه الولاية الزراعية الواقعة في الغرب الاوسط من الولاياتالمتحدة. فلا بد للمشاركين في المؤتمر - الذين يُنقل كثيرون منهم بالباصات الى موقع المؤتمر من جانب منظمي الحملات الانتخابية - ان يكونوا مهتمين بما فيه الكفاية كي يمضوا الجزء الاكبر من اليوم في مناقشة مواضيع سياسية والادلاء بأصواتهم. اما الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشير فإنها تشبه كثيراً يوم الانتخابات الرئاسية. إذ أنها مفتوحة لكل من لديه الوقت والرغبة في القيام بزيارة قصيرة الى مكتب اقتراع ليمضي بضع دقائق ويدلي بصوته. ولذا فإنها تعتبر مؤشراً افضل الى المزاج العام. يشار الى ان السناتور الجمهوري جون ماكاين، وهو طيار سابق في البحرية اُسقطت طائرته فوق فييتنام الشمالية وامضى حوالى ست سنوات في الأسر، اختار ألاّ يتحدى بوش في ايوا ولم يكرس للولاية أي وقت اطلاقاً. ويبدو انه قدّر في وقت مبكر انه لا يملك أي فرصة للفوز في ايوا بسبب عدم استعداده لتأييد برنامج الاعانات المالية الحكومي لمزارعي الذرة. وعلى رغم ذلك فإنه يأمل بأن يأتي بفضل ما يتمتع به من شعبية على الصعيد الوطني، كشخصية جذابة ومحافظة بالمقارنة مع بوش الباهت ومواقفه الوسطية المعتدلة، في المرتبة الثانية او الثالثة. وستضعه هذه النتيجة في موقع جيد عشية السباق في نيو هامبشير حيث ينافس بوش على المركز الاول او يتقدم عليه قليلاً. وكانت حظوظه تأثرت اخيراً عندما تبين انه كتب بالنيابة عن اشخاص قدموا دعماً مالياً كبيراً لحملته الانتخابية رسائل تتعلق بمصالحهم الخاصة. ويقدم ماكاين نفسه كداعية للاصلاح يسعى الى تطهير العملية السياسية والحد من نفوذ الشركات الكبيرة وجماعات المصالح الخاصة وقدرتها على التلاعب بالعملية لصالحها باستخدام المال. من جهة اخرى، كرس السناتور برادلي، الذي افزع الجهات النافذة في الحزب الديموقراطي بجمع اموال لحملته الانتخابية تساوي او تفوق ما جمعه نائب الرئىس آل غور، الكثير من الوقت والمال لحملته في ايوا. وهو يحتاج الى احراز نتيجة جيدة اليوم ليبرر هذا الجهد، لكنه سعى اخيراً الى خفض التوقعات مشيراً الى ان التأييد الذي يحظى به على المستوى الوطني أهم من أي شيء يقرّه الناخبون في ايوا. ويتمتع برادلي، وهو سناتور سابق من نيوجيرسي، بقاعدة تأييد قوية في ولاية نيو هامبشير بفضل صلاته الشخصية بالشمال الشرقي. كما يشير معظم استطلاعات الرأي الى تقدمه على آل غور. ويتعيّن عليه ان يفوز الاسبوع المقبل في نيو هامبشير والاسبوع الذي يليه في ولاية ديلاوير. ثم انه يعوّل على الانتخابات في ولاية واشنطن في 29 شباط فبراير المقبل، التي ستمهد لليوم الكبير، 7 آذار مارس، عندما تجرى الانتخابات التمهيدية في مجموعة كبيرة من الولايات من ضمنها كاليفورنيا ونيو جيرسي ونيويورك واوهايو. واذا تمكن برادلي من اكتساح نيوإينغلاند وفاز في ولايتين أخريين في هذا اليوم، فإن غور سيواجه المعركة الأهم في حياته. وسيجادل برادلي آنذاك بقوة بأن لديه فرصة أفضل بالمقارنة مع غور لهزم بوش على المستوى الوطني. على الجانب الآخر، يملك بوش فرصة افضل للفوز بانتخابات نيو هامبشير بالمقارنة مع غور، لكن قوته الكبرى تكمن في التأييد الواسع الذي يحظى به في ارجاء الجنوب. وهو أمر طبيعي مع الأخذ في الاعتبار موقعه كحاكم لولاية تكساس. كما ان شقيقه جيب بوش هو حاكم فلوريدا. ويتمتع بوش بدعم جهاز الحزب الجمهوري كله تقريباً. في المقابل، لم يعلن سوى عدد ضئيل من اعضاء الكونغرس الجمهوريين دعمهم لماكاين. وفي الواقع، أدى ما يتصف به ماكاين من نزعة استقلالية قوية وطباع حادة ورديئة الى توسيع دائرة خصومه بدلاً من كسب حلفاء داخل الحزب. لكن هذه الصفات الهجومية والقناعات القوية هي بالذات ما يجذب اليه اكثر مؤيديه حماسة. وهو يتمتع باحترام كثيرين من المعسكرين، الجمهوري والديموقراطي، لصموده امام التعذيب الذي تعرض له اثناء الأسر في فييتنام الشمالية. وعندما يتحدث عن قضية معينة فإن الناس يدركون تماماً حقيقة مشاعره لأنه صريح ويعبّر عن موقفه بوضوح تام. ونقطة ضعفه الكبرى هي ضعف تمويل حملته الانتخابية. واذ يبدأ موسماً انتخابياً طويلاً ومُكلفاً تبدو فرصه في التغلب على بوش ضئيلة او معدومة. لكن برادلي يملك فرصة حقيقية لأن لديه ما يكفي من المال للتنافس على امتداد مسار الانتخابات التمهيدية وصولاً الى مؤتمر الحزب الديموقراطي في آب اغسطس المقبل. وسيتطلع الى كسب تأييد عدد من المندوبين المنتخبين يكفي لمنع غور من الفوز في جولة الاقتراع الاولى. ويمكن حينذاك للمناورات والقاء الكلمات أن تترك تأثيراً، خصوصاً اذا كانت استطلاعات الرأي تظهر أنه يستمر في تحقيق نتائج افضل من غور في مواجهة بوش على الصعيد الوطني. وقد يؤدي ذلك الى تراجع الدعم الذي يحظى به غور، ليصبح برادلي مرشح الديموقراطيين. ومع ذلك لا يزال هذا الاحتمال ضعيفاً. ويعتقد معظم المراقبين ان كلا السباقين للفوز بترشيح الحزبين سينتهي عملياً بحلول منتصف آذار مارس المقبل ليبقى غور وبوش وحدهما أبرز مرشحين.