موجة البرد القارس في الشيشان غدت "حليفاً" للقوات الروسية المهاجمة، أدت الى موت 150 مدنياً، فيما تكبد الجيش خسائر فادحة خلال معارك شرسة في غروزني والمناطق الجبلية في الجنوب معلناً تقدمه ببطء داخل العاصمة الشيشانية. واستخدم سلاح الجو طائرة جديدة مطورة لم يسبق استعمالها في حروب سابقة. واعترفت القيادة العسكرية الفيديرالية بأنها تواجه صعوبة في اختراق الدفاعات الشيشانية. وذكرت ان التقدم لمسافة 300 متر في اليوم الواحد يعتبر "نجاحاً". وطوال الليل استخدمت المدفعية البعيدة المدى وراجمات "غراد" و"اوراغان" لقصص الاحياء الواقعة وسط غروزني ومناطقها الشمالية الغربية. وذكر بلاغ عسكري ان القصف ادى الى مصرع 500 مسلح شيشاني. إلا ان الحاكم العسكري لغروزني عيسى منايف اكد ان الخسائر الفادحة لحقت بالفيديراليين وليس بالشيشانيين لكنه لم يقدم ارقاماً. ونقلت وكالة "انترفاكس" عن وزير الصحة الشيشاني عمر خابييف ان موجة البرد ادت الى مصرع 37 من المدنيين في الملاجئ الباردة وسط العاصمة. وأضاف ان عدد الموتى من المدنيين خلال اليومين الماضيين بلغ 150 وكلهم من الاطفال والمسنين الذين قضوا بفعل البرد والجوع واستخدام مياه البرك الآسنة. والى جانب البرد يواجه المدافعون عن المدنية مشكلة الشح في الأغذية. وذكر مراسل ميداني لصحيفة "كوير سانت" ان المقاتلين فتحوا "ممرات سرية" في طوق الحصار الروسي يمرون عبرها الى القرى للتزود بالمؤونة او لنقل مقاتلين جدد. واسترجع الشيشانيون عدداً من المواقع المهمة وأكد القائد المعروف احمد ركايف ان ميدان "مينوتكا" الاستراتيجي تحت سيطرة المجاهدين. الا ان قائد الميليشيات المحلية المتعاونة مع موسكو بيسلان غانتميروف ذكر ان كل ساحة وحارة وشارع يجري فيها قتال ضار. واعترف بأن وحداته تكبدت "خسائر محسوسة" وقال ان هناك قتلى و"اعداداً من الجرحى". وبالتزامن مع معارك غروزني جرت اشتباكات ضارية في وادي ارغون وفي المناطق الجبلية وأوقع الشيشانيون خسائر كبيرة بطابور من المدرعات الروسية. وكشفت موسكو امس انها قامت باختبارات ميدانية في الشيشان لطائرات جديدة "ليس لها مثيل". وذكرت ان الطائرات من انواع "سوخوي 34" و"32 اف. ام" و"27 اي بي" هي تطوير للمقاتلة القاذفة المعروفة "سوخوي 27" بعد تجهيزها بأسلحة حديثة ومحرك جديد وكابينة تمنع اصابة الطيار عندما يحلق على ارتفاع منخفض ما يجعل الطائرات ذات كفاءة عالية في حرب الجبال. وأعلنت القيادة الفيديرالية ان قواتها رفعت امس العلم الروسي فوق بلدة فيرينو وهي اكبر المراكز المأهولة في جبال الشيشان وتعد "قلعة" القائد الميداني المعروف شامل باسايف. ويرى مراقبون ان "رفع العلم" قد يكون مناورة اعلامية للتغطية على الخسائر الكبيرة وبينها أسر الجنرال ميخائيل مالوفييف الذي ما زالت وزارة الدفاع الروسية تعتبره "مفقوداً" فيما اكدت صحيفة "كسمولسكايا برافدا" انه اسر وأدلى بأقواله امام باسايف الذي يقود العمليات الدفاعية في واحد من قطاعات غروزني. وعلى صعيد آخر حاولت موسكو التقليل من اهمية اعتراف "طالبان" بحكومة غروزني وإعلانها عن قرب فتح بعثة شيشانية في مقر السفارة السوفياتية سابقاً في كابول. وذكر مصدر في وزارة الخارجية الروسية ان الحديث عن السفارة او مساعدات عسكرية الى الشيشانيين هو "دعاية اكثر منه واقعاً". وأضاف انه "لا توجد دولة باسم تشيشنيا او طالبستان". الا ان الحرب والخسائر المترتبة عليها اخذت تثير استياء متزايداً خارج روسيا وداخلها. فقد نظمت امس تظاهرة وسط العاصمة التترية قازان للمطالبة بالوقف الفوري للقتال. ودعا قسطنطين تيتوف، محافظ مقاطعة سامارا الذي يعد احد ابرز اقطاب "تحالف القوى اليمينية" المتنفذ والمتحالف مع بوتين، امس الى وقف الحرب التي قال انها "ستكون عاراً علينا".