تشهد الساحة الأوروبية هذه الأيام حركية ديبلوماسية مكثفة تتمحور حول فرص السلام في الشرق الأوسط والدعوات لاستئناف التعاون الاقتصادي الاقليمي والبحث عن الموارد المالية الكبيرة التي تحتاجها اقتصادات المنطقة. وسيطلع الرئيس الفلسطيني مجلس الوزراء الأوروبي الاثنين في بروكسيل على الصعوبات التي يثيرها الجانب الإسرائيلي وتحول دون التوصل إلى "اتفاق - اطار" في الموعد المحدد، منتصف الشهر المقبل. كما سيقدم وزير الخارجية البرتغالي رئيس المجلس تقريراً إلى زملائه عن نتائج المحادثات التي أجراها الوفد الأوروبي مع قادة المنطقة في الأيام الماضية. وينتظر ان يبحث المجلس الوزاري الأوروبي تطورات مسيرة السلام وأبعادها المغاربية ليل الاثنين - الثلثاء مع وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى الذي تشغل بلاده مقعداً في مجلس الأمن. ويعقد الرئيس الفلسطيني اجتماعات ثنائية طوال يوم الاثنين مع كل من رئيس المفوضية رومانو برودي ومفوض العلاقات الخارجية كريس باتين ورئيس البرلمان الأوروبي نيكول فونتين. وينتظر ان يجدد الرئيس عرفات دعوته الأوروبيين إلى معاضدته في هذه المرحلة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. وأكد مصدر مسؤول ل"الحياة" أن حصيلة اللقاءات ستترجم في وثيقة خاصة تعدها المفو ضية حول مساهمات الاتحاد الأوروبي في تعزيز السلام. وستقدم الوثىقة إلى المجلس الوزاري بعد الاجتماعات التي ستعقدها لجنة التسيير على مستوى وزراء الخارجية في نهاية الشهر الجاري ومطلع الشهر المقبل. ويثير بروز مؤشرات إلى السلام بين إسرائيل وكل من سورية ولبنان، تساؤلات مهمة عن الموارد المالية اللازمة لتنفيذ الاتفاقات التي ستتعلق بحقوق اللاجئين والإدارة الجماعية لموارد المياه وبرامج إعادة الإعمار ونزع الألغام. وأوضح المصدر الأوروبي ان التطورات الايجابية المرشحة في منطقة الشرق الأوسط "أصبحت تشكل عنصر ضغط على موازنة الاتحاد الأوروبي"، لأن موارد الخزانة المشتركة تبدو محدودة إذا قيست بحاجات إعمار الشرق الأوسط والبلقان وتيمور الشرقية والمناطق المنكوبة بالنزاعات في افريقيا. وتفسر قيود الخزانة الأوروبية تحفظ المفوضية حيال اقتراح لتشكيل "منتدى التعليم والمياه"، قدمه وزير التعاون الإسرائيلي شمعون بيريز خلال اجتماعه مع رئيس المفوضية برودي والمفوض باتين ظهر أمس الجمعة. وذكر مصدر ديبلوماسي ل"الحياة" أن الجانب الأوروبي رأى "انعدام جدوى" تشكيل منتدى اضافي للمياه، إذ توجد لجنة متعددة الأطراف ستعكف على مسائل إدارة المياه بعد ان تكون إسرائيل توصلت إلى اتفاقات ثنائية مع كل من الفلسطينيين حول المياه الجوفية، وسورية ولبنان حول منابع مياه الأنهار وبحيرة طبرية. وتدعو سورية الدولة العبرية إلى معالجة مشكلة استغلال الموارد المالية وفق القانون والاتفاقات الدولية ذات الصلة. من جهة أخرى، أكد المفوض كريس باتين حرصه على معالجة مشكلة انتهاك إسرائيل قواعد منشأ منتجات المستوطنات اليهودية التي تصدرها نحو السوق الأوروبية تحت "علامة صنع في إسرائيل". وقال باتين في رد على سؤال ل"الحياة" إنه بحث المشكلة مع شمعون بيريز وسيثيرها كذلك مع الرئيس عرفات الاثنين، ويأمل بحلها مع الحكومة الإسرائيلية. معلوم ان اتفاقية الشراكة الأوروبية - الإسرائيلية لا تغطي المستوطنات، لأن الأخيرة غير شرعية من منظور القانون الدولي. إلا أن الدولة العبرية ترفض منذ أعوام طلبات الاتحاد الأوروبي أن تتقيد باحترام قواعد المنشأ، أي ان لا تمزج منتجات المستوطنات بمنتجات الدولة العبرية التي لا تتجاوز حدودها الدولية خطوط 1967.