اكد تجار ومصنعو الذهب والمجوهرات في السعودية عدم تأثر هذه الصناعة بانخفاض اسعار الذهب الخام في الاسواق الدولية الذي بدأ العام الماضي ووصل الى مستويات متدنية قياسية. وقدر متعاملون في السوق حجم تداول الذهب في السوق السعودية بنحو خمسة بلايين دولار سنوياً، 75 في المئة منها تباع على شكل مشغولات ذهبية منها 98 في المئة بين عيار 18 و24 قيراطاً، فيما تباع نسبة 25 في المئة على شكل سبائك وخام لغرض الاستثمار. وقال الخبير السعودي خالد الحسينان مدير فرع "شركة جوهرة الرياض" في اسواق طيبة في العاصمة السعودية ان انخفاض اسعار الخام زاد من اقبال المستثمرين السعوديين على انشاء مصانع وورش صياغة الذهب التي بلغت 40 مصنعاً رئيسياً ونحو 300 ورشة متخصصة في هذا المجال. واضاف ل "الحياة" ان المنافسة الآن تنحصر في "المصنعية"، الامر الذي حسن من المشغولات المحلية وقلل الاستيراد من الخارج، فيما ارتفع سعر المصنعية لبعض المشغولات الى نحو 5 - 6 دولارات بعد ان كان الحد الاقصى لمصنعية الغرام الواحد لا تتجاوز الدولارين. ووفقاً لاحصاءات غير رسمية، يقدر معدل الاستهلاك الفردي للذهب في السعودية بنحو 30 ضعفاً اعلى من الهند التي تعد من اكثر بلدان العالم استهلاكاً للمعدن الاصفر والتي استهلكت العام الماضي ما يزيد على 75 الف طن من الذهب. وينفق الفرد السعودي في المتوسط بين 1500 و2000 دولار سنوياً على مشتروات المصوغات الذهبية التي تعد جزءاً اساسياً من تقاليد الزواج والمناسبات السعيدة. وتتصدر الاساور الذهبية قائمة المشغولات التي تحظى بالاقبال من السعوديين وتستحوذ على نحو 30 في المئة من المبيعات، وتليها السلاسل الذهبية ثم الخواتم فالاقراط والجنيهات الذهبية. ويقدر الحسينان عدد تجار الجملة في هذا المجال بما يزيد على 50 تاجراً اساسياً، ومجموعة من التجار الصغار، فيما يعتقد ان عدد المحلات التجارية المتخصصة في الذهب والمجوهرات تجاوز خمسة الاف محل متخصص. وتعتبر دول الشرق الأوسط عامة - والخليجية خاصة - أسواقاً مهمة جداً بالنسبة لاستهلاك الذهب، اذ يبلغ الطلب على الذهب في منطقة الشرق الأوسط نحو 20 في المئة من اجمالي الطلب العالمي، حسب احصاءات المجلس العالمي للذهب. وتعتبر السوق السعودية من أهم أسواق الشرق الأوسط والخليج، اذ يمثل الطلب المحلي على الذهب نحو 55 في المئة من اجمالي الطلب في دول الخليج مجتمعة. وكان الانخفاض في الأسعار جاء كنتيجة طبيعية لاعلان بريطانيا العام الماضي عن نيتها بيع 125 طناً من احتياط الذهب لديها، أي ما يوازي أكثر من 50 في المئة. وكانت الأسعار العالمية للذهب شهدت تراجعاً مماثلاً في نهاية 1997 وحتى مطلع عام 1998 نتيجة لاعلان سويسرا بيع ما يراوح بين 25 و 40 في المئة من احتياطها من الذهب. وعادة ماتؤثر عوامل عدة مجتمعة أو منفردة في رفع وخفض أسعار الذهب، من أهمها تغير سعر الدولار بالزيادة أو النقصان، تغير حجم الطلب العالمي على الذهب، تعرض الأسواق المالية في العالم لبعض الأزمات أو انتعاشها في المقابل، اضافة الى عامل مساعد وهو تغير الطلب على بعض المعادن الأخرى ذات العلاقة مثل الفضة والبلاتين وبالتالي تغير أسعارها، إلا أنه لا يمكن الاعتماد على هذا العامل وحده، اذ تتعرض هذه المعادن أيضاً لعمليات خسائر وأرباح خاصة بها. كما تساعد السياسة الدولية المتقيدة في كبح الضغوط التضخمية وبالتالي لا ترتفع أسعار الذهب بالدرجة المتوقعة حتى في ظل وجود عوامل تساعد على ذلك. أما في ظل وجود أزمة مالية دولية كبيرة، فان الوضع يدفع عادة الى تخفيف السياسة النقدية ما يدفع بأسعار الذهب الى الارتفاع. وبدأت السعودية في انتاج الذهب في نهاية 1988 من خلال منجم مهد الذهب، ثم لحقه منجم الصخيبرات الذي تشرف عليه "شركة المعادن النفيسة" في 1989. ويعد منجم مهد الذهب أكبر المناجم السعودية وتبلغ نسبة تركيز الذهب فيه نحو 26.7 غرام في الطن الواحد من الخام. وبلغ الانتاج السعودي من الذهب في نهاية الثمانينات نحو 164 ألف أونصة، في حين اشارت المؤشرات الى ان انتاجها عام 1996 بلغ نحو 241 ألف أونصة.