لم تتأثر مبيعات الذهب في السوق السعودية كثيراً بتراجع الاسعار في الاسواق الدولية. ويتوقع مراقبون أن تشهد المبيعات ارتفاعاً واضحاً مع بداية حزيران يونيو المقبل في حال استمرار انخفاض الاسعار حتى تلك الفترة. تفاعلت السوق السعودية للحلي والمشغولات الذهبية بصورة متواضعة مع تراجع أسعار الذهب بنحو عشرة دولارات للاونصة في الاسواق الدولية مطلع الأسبوع الجاري. وبرر متعاملون في سوق الذهب عدم تأثرها كثيراً بالأسعار بعدم وجود مواسم حالية ترتبط بزيادة الطلب على الذهب مثل عيدي الفطر والأضحى وعطلتي الربيع ونهاية العام الدراسي التي تزيد فيها مناسبات الأعراس والاحتفالات الخاصة الأخرى، اضافة الى الآنشغال الواضح لدى جميع العائلات باختبارات نهاية السنة الدراسية الحالية. الا أن تلك الأسباب لم تمنع نسبة لا بأس بها من مستهلكي الذهب ومراقبي السوق من الشراء بغرض الاستثمار أو حتى لمجرد الاستفادة من الانخفاض في السعر لشراء هدايا لتقديمها في مناسبات مستقبلية. وتجذب أسواق المشغولات الذهبية في المناطق السعودية المختلفة فئات مختلفة من المستهلكين، ويتوقع خبراء السوق أن يرتفع الطلب أكثر مع نهاية الشهر الجاري وبداية حزيران يونيو المقبل نظراً لبدء موسم الصيف الذي يتميز باقامة حفلات الزواج وتبادل زيارات الأهل والأصدقاء الذين يقطنون بعيداً عن بعضهم البعض بسبب ظروف العمل والدراسة، ما يدفع مبيعات محلات الذهب الى النمو بنسبة قد تصل الى أكثر من ضعفي النسب الحالية مع اشتراط استمرار الانخفاض في الأسعار حتى ذلك الوقت. وتعتبر دول الشرق الأوسط عامة، والخليجية خصوصاً، أسواقاً مهمة جداً لاستهلاك الذهب اذ يبلغ الطلب على الذهب في الشرق الأوسط نحو 20 في المئة من اجمالي الطلب الدولي، حسب احصاءات المجلس العالمي للذهب. والسوق السعودية من أهم أسواق الشرق الأوسط والخليج، حيث يمثل الطلب المحلي على الذهب نحو 55 في المئة من اجمالي الطلب في دول الخليج مجتمعة. ويُقدر حجم سوق الحلي والمشغولات الذهبية بنحو 3.6 بليون دولار سنوياً، منها 80 في المئة من الانتاج المحلي والباقي يُستورد من الخارج. وكان الانخفاض في الأسعار جاء نتيجة طبيعية لاعلان بريطانيا عزمها بيع 125 طناً من احتياط الذهب. وكانت الأسعار الدولية شهدت تراجعاً مماثلاً في نهاية 1997 وحتى مطلع العام الماضي نتيجة لاعلان سويسرا بيع ما يراوح بين 25 و40 في المئة من احتياطها الذهبي. وعادة ما تؤثر عوامل مجتمعة أو منفردة في رفع اوخفض أسعار الذهب، من أهمها تغير سعر الدولار وتغير حجم الطلب الدولي عليه وتعرض الأسواق المالية في العالم لبعض الأزمات أو انتعاشها في المقابل، اضافة الى عامل مساعد هو تغير الطلب على بعض المعادن الأخرى ذات العلاقة مثل الفضة والبلاتين وبالتالي تغير أسعارها، إلا أنه لا يمكن الاعتماد على هذا العامل وحده، اذ تتعرض هذه المعادن أيضاً الى عمليات خسائر وأرباح خاصة بها. كما تساعد السياسة الدولية المقيدة في كبح التوقعات التضخمية وبالتالي لا ترتفع أسعار الذهب بالدرجة المتوقعة حتى في ظل وجود عوامل تساعد على ذلك، أما في ظل وجود أزمة مالية دولية كبيرة، فان الأمر سيؤدي الى تخفيف السياسة النقدية مما سيدفع بأسعار الذهب للارتفاع. ويتم شراء الذهب غير المصنع في السعودية بواسطة المصارف المحلية ومن ثم صياغته في المصانع والورش المختلفة وبالتالي فان أي تغيرات في السعر الدولي للذهب ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأسعار المحلية التي تخضع لها لأن المصارف السعودية تحصل على الذهب من القنوات نفسها التي تقوم بتوريد الذهب في العالم، وعادة ماتكون سويسرا المورد الرئيسي علاوة على الانتاج السعودي. الانتاج السعودي وبدأت السعودية في انتاج الذهب نهاية 1988 من منجم مهد الذهب، ثم لحقه منجم الصخيبرات الذي تشرف عليه شركة "المعادن النفيسة" في 1989. والشركة مشروع مشترك بين شركة "بترومين" وشركة "بوليدن مينيرال" السويدية. وعلى رغم تأكيد وجود أكثر من 800 موقع للذهب في السعودية، الا أن الانتاج يقتصر على منجمين مهمين هما مهد الذهب والصخيبرات. ويتوقع أن تزيد السعودية من انتاجها قبيل السنة 2000 من منجم الآمار بعدما منحت الحكومة أخيراً امتياز استغلال المنجم الى شركة "التعدين العربية السعودية" معادن. وتراوح كمية انتاجه بين 70 و 90 ألف أونصة سنوياً. ويُعد منجم مهد الذهب أكبر المناجم السعودية وتبلغ نسبة تركيز الذهب فيه نحو 26.7 غرام في الطن الواحد من الخام، وبلغ الانتاج السعودي من الذهب نهاية الثمانينات نحو 164 ألف اونصة، في حين بلغ الانتاج عام 1996 نحو 241 ألف اونصة. وتتوقع منظمة الذهب واشنطن أن ينخفض انتاج الذهب في السعودية السنة الجارية بنحو 12.5 في المئة ليصل الى 211 ألف اونصة فقط، الا أن التوقعات تتضمن ارتفاع الانتاج في السنة 2000 الى نحو 275 ألف اونصة، لكن مصادر وزارة النفط والثروة المعدنية تتوقع ارتفاع الانتاج الى 500 ألف أونصة في نهاية القرن العشرين. ويعزز من مكانة الذهب السعودي، على رغم من انخفاض الانتاج مقارنة بالدول الكبرى المنتجة، أن نسبة العائد على الاستثمار التعديني في منجم مهد الذهب تبلغ نحو 24.3 في المئة، وتبلغ كلفة انتاج اونصة الذهب الواحدة نحو 113 دولاراً مقابل 163 دولاراً هي كلفة انتاج الاونصة في مناجم غينيا الجديدة التي تُعتبر أقلها كلفة على مستوى العالم. وتُعتبر جنوب أفريقيا الدولة الأولى المنتجة للذهب في العالم، اذ تبلغ نسبة انتاجها نحو 21.2 في المئة من اجمالي الانتاج العالمي الذي بلغ نحو 74.851 مليون اونصة عام 1996، تليها الولاياتالمتحدة بنسبة 14.2في المئة ثم أستراليا بنحو 12.4 في المئة. كما تأتي كل من كندا وجمهورية الصين الشعبية وروسيا وأندونيسيا وأوزبكستان وبيرو والبرازيل بعد ذلك من حيث ترتيب أهميتها في انتاج الذهب في العالم.