السجال الذي دار بين الصحافي عادل حمودة والشاعر الشعبي احمد فؤاد نجم المعروف باسم "الفاجومي" وتابعته القاهرة في الصيف الماضي، يبدو أنه كان الحلقة الأولى في مسلسل جديد من القذف المتبادل بين الصحافي اللامع وشاعر الهجاء السياسي الاول في مصر خصوصاً بعد أن اصدر الاخير كتاباً جديداً يحمل اسم "أنا بقى وعادل حمودة"، وهو الكتاب الذي يشعل نار الخلاف من جديد. وإذا كانت الحلقة الاولى في مسلسل الخلاف دارت على خلفية الاحتفال الذي أقامه رجل الأعمال المصري الشهير نجيب ساويرس لمناسبة بلوغ "الفاجومي" سن السبعين، فيما وصف وقتها بأنه مصالحة طبقية بين "شاعر الشعب" و"ممثل الرأسمالية الجديدة" وتخلي الشاعر عن جمهوره من بسطاء الناس والكادحين بتعبير حمودة في مقاله الغاضب المعنون "الجياد لا تباع في السوبر ماركت" الذي نشر في صحيفة "الاهرام" القاهرية، وأثار ضجة كبيرة عبرت عن نفسها في الصحف المصرية قبل أشهر. إلا أن الكتاب الجديد سيدخل الخلاف الى نفق مظلم في وجه محاولات التوفيق والمصالحة بين الطرفين. وأول ما يلفت النظر في الكتاب هو توقيت صدوره الذي جاء بعد أقل من شهرين على صدور كتاب عادل حمودة الذي حمل عنوانه "أنا والجنزوري" وهو الكتاب الذي أثار ضجة وجعل الناس في مصر يتداولون قصصاً وحكايات عن الدور الذي لعبه رئيس وزراء مصر السابق كمال الجنزوري في إبعاد حمودة عن مجلة "روزاليوسف" وتعيينه كاتباً متفرغاً في صحيفة "الاهرام" وهو الإبعاد الذي رآه بعضهم بمثابة تكريم بارد نال من لمعان حمودة ككاتب سياسي بارز في أكبر مجلة سياسية مصرية، وطرح سؤالاً عن مدى صدقية النقد الذي لا يصدر في توقيته. وبخلاف التوقيت فإن اسم الكتاب وتصميم غلافه يحيلان القارئ بشكل مباشر الى الكتاب الذي اصدره حمودة عن الجنزوري فيما بدا وكأنه "نص على نص" بتعبير نقاد الأدب المحترفين، إذ يبدو الغلاف مطابقاً لغلاف "أنا والجنزوري" لكن بعد إجراء تعديلات بسيطة جعلت صورة نجم تتصدر المساحة الرئيسية، فيما توارت صورة حمودة لتحتل المساحة الجانبية. ويلفت النظر ذلك التصدير الشعري الذي كتبه نجم للغلاف، إذ استعان بقصيدتين من قصائده وهما "حالة" و"اليويو" اللتان تنتميان الى شعر الهجاء السياسي الذي ميز شعر "الفاجومي" في السبعينات. وفي جانب من الصفحة العاشرة يكتب نجم "مالقيوش.. اتفضل معايا وأنا افرجك عليه"، وهي اشارة تحريضية تعمل على ايهام القارئ بأنه سيدخل عبر صفحات الكتاب الى حلقة للفرجة و"الفرجة" في التداول الشعبي إنما تشير الى الفضيحة في وسط المجموع، وبعد صفحات عدة يحفظ القارئ "الفاجومي" متلبساً بتوجيه ألفاظ جارحة إلى خصمه وهي الفاظ كادت تغيب من قاموس الحياة المصرية لولا أن نجم استعادها من "متحفها القديم" ليصف بها حمودة ب"بياع الوهم" و"المخبر الفصيح" و"المصنوع في معامل وزارة الداخلية". وتلك الالفاظ هي قليل من كثير يمتلئ به الكتاب، وبخلافها يحتوي الكتاب على فصول عدة او حكايات تروى من طرف واحد وتحمل عناوين: "حكايتي مع حمودة" "حكاية الفاجومي" "حكاية الدستور" "حمودة على الخط" "هو والجنزوري"، اضافة الى ملف يتضمن وقائع الخلاف بين الطرفين كما رصدتها الصحف، غير أن نجم نشرها من دون مراعاة لقواعد الترتيب الزمني، مما يوقع القارئ في التباسات عدة. واللافت اكثر هو أن الكتاب يشير الى ادوار خفية لرجال الاعمال في كواليس الخلاف، إذ اكتفى "الفاجومي" بذكر أسماء بعضهم مختصرة بالاحرف الاولى مثل رل باعتباره "الراعي الرسمي للجنرال المخلوع" يقصد حمودة فيما تظهر اسماء بعضهم كاملة مثل هاني عنان ونجيب ساويرس الذي يظن بعضهم أنه يقف وراء تمويل اصدار الكتاب، ويضاعف من هذا الظن أن بيانات الكتاب تشير الى صدوره عن دار زينب للنشر وهي دار أسسها "الفاجومي" خصيصاً لهذه المناسبة أو "الفرجة" وهو الرجل الذي لم يفكر ابداً في اصدار أعماله الشعرية في كتب على نفقته الخاصة. والمتوقع أن يلقى الكتاب رواجاً شديداً يأتي على كل النسخ المطروحة للبيع والبالغ عددها خمسة آلاف نسخة، غير أن المعركة برمتها قد تؤثر على رصيد الطرفين لدي جمهورهما.