ألقى شيخ الازهر الدكتور سيد طنطاوي بثقله لدعم مشروع القانون الجديد للاحوال الشخصية، في مواجهة معارضيه من علماء الازهر الذين اعتبروا المشروع مخالفاً للشريعة الاسلامية. وتحدى طنطاوي امام مجلس الشعب البرلمان معارضيه ان يثبتوا أنه منعهم من ان يدلوا برأيهم في مشروع القانون، وقال للنواب: "اعاهد الله أمامكم ان المشروع تمت مراجعته بدقة وناقشناه باستفاضة وليس فيه ما يتعارض مع احكام الاسلام". وجاء كلام طنطاوي أمام البرلمان الذي بدأ امس مناقشة مشروع القانون الذي يواجه معارضة قوية داخل صفوف الحزب الوطني الحاكم، وتؤيده احزاب معارضة. وكان 22 من علماء الازهر اصدروا بياناً طالبوا الرئيس حسني مبارك تأجيل اصداره، وإعادة مراجعة مواده بعد ضبطه بموازين الشريعة. ويتضمن القانون الجديد إجراءات عدة لتسهيل اجراءات التقاضي في دعاوى الاحوال الشخصية، غير ان خلافات نشبت في شأن إقرار حق "الخُلع" للزوجة، والذي يبيح لها حق الحصول على الطلاق في مقابل افتداء نفسها بالتنازل عن حقوقها المالية الشرعية، فضلا عن منح الزوجة حق السفر بغير موافقة زوجها، والاقرار بالطلاق الرسمي في حالات الزواج العرفي. وقال طنطاوي ان "الاسلام اقر بالمساواة بين الرجل والمرأة في بعض النواحي، فالرجل لم يخلق من ذهب والمرأة من فضة، وانما ساوى الله بين الناس في التكاليف الشرعية وحق العمل الشريف، وطلب العلم والكرامة الانسانية، والقوانين التي تعدها وزارة العدل تستهدف تحقيق العدالة والمساواة". وشدد شيخ الازهر في كلمته على ان "مجمع البحوث الاسلامية يضم 40 عالماً من علماء الاسلام، ناقش المشروع باستفاضة. ونحن لا نختلف في موضوعات ثبوتية، وانما في امور اجتهادية، وحسمنا الخلافات بالتصويت الذي اظهر تأييد الغالبية، ونتحدى هؤلاء الذين نشروا بياناً، إثبات ان مجمع البحوث الاسلامية رفض استقبالهم والاستماع الى آرائهم". ويشار الى ان عدداً من علماء الازهر، عارضوا طنطاوي في مواقف عدة سابقة، وقاد هذا الاتجاه جبهة "علماء الازهر" التي تم حلها والتي وقع بعض اعضائها بياناً ينتقد مشروع القانون. وكانت بداية الجلسة شهدت توجيها من رئيس البرلمان الدكتور فتحي سرور الى النواب، بعدم التعليق على حديث شيخ الازهر احتراماً لشخصه ومنصبه، والاكتفاء بمناقشة تصريحات الوزراء، وذلك على خلفية ما شهدته الهيئة البرلمانية للحزب الوطني من هجوم على طنطاوي ومحاولات تفنيد آرائه الشرعية، وهو ما اضطر الامام الاكبر للرد قائلا "لا يحق لكم مناقشتي، فأنا صاحب الفتوى وعليكم الاستماع الى آرائي الشرعية". وبدا واضحاً من المناقشات الاولية تجاه الحكومة إلى استجابة ضغوط النواب، وتعديل مادة سفر الزوجة للخارج، بإلزامها اقامة دعوى قضائية للحصول على اذن السفر. وأبدى طنطاوي موافقته على اقتراح النواب، حيث شدد على ان "القانون لا يلغي قوامة الرجل على المرأة، وانما يتحدث عن حالات التعسف التي يمارسها الزوج"، ولفت الى انه "لا مانع من تعديل النص، وان تتقدم الزوجة بعريضة التظلم الى القضاء بدلاً من مطالبة الزوج برفع دعوى منعها من السفر". وساندت المعارضة مشروع القانون، وقال رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع اليساري السيد خالد محيي الدين ان "المؤسسات الدينية اكدت تطابقه مع الشريعة الاسلامية، ونحن نقبل القانون ولا نعارضه". ووافق رئيس كتلة حزب "الوفد" السيد ياسين سراج الدين على مشروع القانون، قال ان "نواب الوفد يتحفظون عن بعض مواده ومنها "الخُلع"، وسفر الزوجة دون إذن زوجها، ونقبل الحوار في شأنها". ويذكر ان حالات عدة نشرتها الصحف المصرية على مدار سنوات طويلة تتعلق بمنع زوجات من السفر بقرار من ازواجهن، وشهدت المحاكم دعاوى بلغت نحو الألف في 3 اعوام في هذا الشأن، وتقدمت شخصيات نسائية بارزة بعريضة الى رئيس البرلمان قبل ايام، طالبن فيها عدم التراجع عما ورد في القانون الجديد، في ما يتعلق بالغاء القيود على سفر الزوجة. وأودع وزير العدل المستشار فاروق سيف النصر، محاضر اجتماعات مجمع البحوث الاسلامية، التي تفيد موافقته على مشروع القانون، والاقتراحات التي تقدم بها لتعديل بعض مواده، وموافقة الحكومة عليها، وشدد الوزير على ان "مشروع القانون بكل مواده يتطابق مع الشريعة ولا يخالفها بموافقة كل الهيئات المعنية".