تبدأ غداً الجمعة قوات الأمن الجزائرية، حرب المواجهة مع الجماعات الاسلامية المسلحة الرافضة لمسعى الوئام المدني الذي تنتهي مدته مساء اليوم. وفضلت رئاسة اركان الجيش الجزائري عشية الموعد، وضع تعزيزات امنية واسعة في بعض المناطق المحورية لعناصر الجماعة مثل البليدة 50 كلم جنوب العاصمة وتيارت 360 كلم غرباً وجيجل 340 كلم شرقاً. وبلغ عدد افراد القوات الخاصة وفرق المظليين ووحدات من الجيش والأمن والدرك الوطني في ثلاث ولايات فقط حوالى 20 ألفاً. وقالت اوساط مطلعة ان للعملية هدفين، اولهما التأثير على الوضع النفسي لعناصر "الجماعة الاسلامية المسلحة" خصوصاً بعد اعلان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، مساء الثلثاء، عفواً عن عناصر "الجيش الاسلامي للإنقاذ" وقبل انتهاء العمل بالقانون الذي تردد انه يبقى ساري المفعول حتى 20 من الشهر الجاري كفرصة اضافية "لمن تدارك نفسه خلال الساعات الموالية لانقضاء الآجال القانونية"، بحسب توضيح المصادر ذاتها. راجع ص 5 و 6 وذكرت تقارير اعلامية، وردت من الولايات المختلفة، مساء امس، ان عدداً من عناصر "الجماعة الاسلامية المسلحة" و"الجماعة السلفية للدعوة والقتال" بدأ الالتحاق بلجان الارجاء قصد الاستفادة من تدابير قانون الوئام المدني الذي يمنح لعناصر الجماعة تخفيضاً جزئياً او كلياً للعقوبات. وحتى ساعة متأخرة لم يلتحق بعد مدني مزراق "أمير جيش الانقاذ"، بذويه. وقالت بعض الاوساط القريبة الى مصالح الأمن ان عناصر التنظيم مطالبون بتوفير بعض الترتيبات الأمنية لقوات الجيش حتى تحتل مواقعها السابقة، في خطوة أولى لتحقيق الهدف الثاني المتمثل في "الضرب بقوة عناصر الجماعة خلال الأيام الأولى من انتهاء قانون الوئام". وفي سياق هذه التطورات بثت الاذاعة الجزائرية، مساء امس، ان حسان حطاب، "أمير الجماعة السلفية للدعوة والقتال" سيلتحق بمصالح الأمن في اطار تدابير قانون الوئام المدني. وكانت اشاعات في منطقة تيزي وزو 110 كلم شرق العاصمة والبويرة 120 كلم شرقاً اشارت الى ذلك. وقالت مصادر قريبة الى رئاسة الجمهورية ان العفو الذي اعلنه بوتفليقة "ليس شاملاً" وانه محدد بقائمة إسمية تم الاتفاق عليها بين مصالح الأمن و"جيش الانقاذ" على ان يحدد مزراق دون سواه الاسماء التي يشملها العفو، مما يجعل مصير علي بن حجر "امير الرابطة الاسلامية للدعوة والجهاد" بين يدي "أمير الانقاذ"، وذلك بعدما رفضت السلطات التعامل معه إثر تبادله رسائل مع عباسي مدني حملت انتقادات شديدة لمسعى بوتفليقة، وانتهت الى تصريح "أمير الرابطة الاسلامية للدعوة والجهاد" بنيته رفض قانون الوئام المدني. الى ذلك ذكرت مصادر مطلعة ان مزراق أدرج اسم رابح كبير، رئيس الهيئة التنفيذية للجبهة الاسلامية للانقاذ في الخارج، ضمن قائمة الاشخاص الذين نالوا العفو الرئاسي وانه سيعلن حلها خلال الأيام المقبلة، ليتم بذلك غلق ملف "الجبهة الاسلامية للانقاذ" بصفة نهائية، علما ًان بعض الهيئات الانقاذية مثل المجلس التنسيقي ما زال يرفض مسعى بوتفليقة. وفي جولة استطلاعية ل"الحياة" على مدينة الاربعاء المحاذية لجبال تابلاط 35 كلم جنوب العاصمة صباح امس، كان الجو يوحي بأن السكان على وشك تنفس الصعداء بعدما قرر بوتفليقة العفو عن عناصر الجماعات المسلحة ومنها "كتيبة الرحمان" التي يقودها الحاج مصطفى كرطالي، وهو احد شيوخ المدينة والذي التزم الهدنة تحت راية جيش الانقاذ منذ 1997. وخلافاً لذلك بدا القلق واضحاً لدى بعض العائلات المتضررة من الارهاب التي عبرت عن قلقها من قرار بوتفليقة والذي وصفته ب"الطعنة غير المتوقعة" حيث ذكر السيد ع. م وهو متقاعد، فقد ابنه لدى أدائه الخدمة الوطنية قبل سنتين "اني ارحب بمسعى الوئام المدني وأنا مع السلم، لكنني لن اقبل أبداً معاشرة هؤلاء القتلة السفاحين". اما السيد عبدالقادر. ك وهو احد مجاهدي الثورة الجزائرية فقد اكد بأنه كان مع مسعى الوئام المدني، وأضاف: "ما كنت اعرف ان العفو يندرج ضمن بنود القانون وإلا ما شاركت في الانتخابات". ولم يفت "وكالة الأنباء الجزائرية" الاشارة الى ان القرار ولد "فرحة مزدوجة لدى السكان من خلال عودة المهجرين الى ديارهم وكذا العودة القوية للدولة".