أعلن وزير الخارجية الايراني كمال خرازي ان "لا عوائق امام الولاياتالمتحدة لتحسين علاقاتها مع ايران"، مشترطاً "حسن النية" لدى واشنطن اولاً، واتخاذ "خطوات عملية" مثل "الافراج عن الأرصدة الايرانية المحتجزة في الولاياتالمتحدة". وذكر ان بلاده "لا تقبل الحل" الذي يجري التفاوض حالياً في شأنه بين العرب والاسرائيليين، لأنه "ليس سلاماً عادلاً وشاملاً"، لكنه اعلن ان ايران "لا تتدخل لمنع احد من الانخراط في المفاوضات" مع اسرائيل. اعتبر خرازي ان المفاوضات "لن تؤدي الى حل مقبول لسورية ولبنان". وراى ان "الأمر برمته ليس سوى تأجيل للمشكلة"، معرباً عن تشاؤمه بامكان حصول انسحاب اسرائيلي الى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967. ونفى خرازي، في لقاء مع بعض الصحافيين في لندن امس، علمه ان يكون السوريون والاسرائيليون توصلوا الى حل 80 في المئة من المشاكل بين الجانبين. ورداً على سؤال ل"الحياة" عن ترجمة الدعم الايراني لحقوق الشعب الفلسطيني في ظل انخراط السلطة الفلسطينية بمفاوضات مع اسرائيل قال خرازي ان "القضية الفلسطينية ليست فقط استرجاع اراضٍ، فهناك ملايين من اللاجئين الفلسطينيين مبعثرين في انحاء الأرض، واسرائيل ترفض عودتهم". وشدد على ان بلاده "ستظل تدعم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه، وأهمها حق العودة"، لافتاً الى ان "هذا الدعم المعنوي والسياسي سيبقى على جدول اعمال السياسة الخارجية الايرانية". وعن مصير "حزب الله" في حال تم التوصل الى اتفاق بين لبنان واسرائيل قال الوزير: "نحن لا نقرر عن حزب الله، فهو حزب رسمي معترف به في لبنان وله ممثلوه في البرلمان، وهو بات جزءاً من النظام السياسي في لبنان". و دافع خرازي عن موقف بلاده حيال اتهامات بعدم مساندة الشيشان فقال: "عبرت بلادنا عن القلق العميق من سياسة روسيا العسكرية في الشيشان. ولكن ما هي الخطوات العملية التي يمكن فعلها"؟ وزاد ان "الخيارات شبه معدومة، فالغرب يندد وينتقد لكنه لا يفعل شيئاً". وكان وزير الخارجية الايراني بدأ اول من امس زيارة للندن هي الاولى من نوعها منذ العام 1979، وأعرب امس عن رغبة بلاده في تطبيع العلاقات مع العراق "خصوصاً لمساعدة الشعب العراقي". ورأى ان "النظام العراقي لا يملك الارادة اللازمة لذلك، اضافة الى وجود ضغوط خارجية تمنعه". واضاف: "لا نزال نشكك في نيات النظام العراقي، خصوصاً حين نتذكر انه خاض في عقدين حربين مدمرتين مع جارين له. لذلك ندعم عدم حصوله او امتلاكه اسلحة دمار شامل، كما يجب ان يخضع للمراقبة". واستدرك: "يجب ان نحترم سيادة العراق". وذكر ان بلاده "انفقت بليون دولار في مكافحتها تهريب المخدرات عبر اراضيها"، خصوصاً "الأفيون الذي يأتي من افغانستان المجاورة". وقدم الشكر لبريطانيا "كونها من الدول الأولى التي سارعت لمساعدة ايران في مكافحة تجارة المخدرات وتهريبها"، معلناً ان "القضية خطيرة ونحن بحاجة الى مساعدة اكبر من الأممالمتحدة والدول الاخرى". وتطرق الى قضية اللاجئين في ايران التي "تودي نحو نصف عددهم في العالم ولا تتسلم الا واحد في المئة من المساعدات الدولية للاجئين". وذكر ان كثيرين منهم "انخرطوا في الحياة العامة في ايران وشغلوا وظائف، مما تسبب في مشكلة بطالة. ونحن حين نحاول ايجاد حل لهذه المشكلة، خصوصاً تسوية اوضاع اللاجئين الذين يعملون بصورة غير مشروعة، نتعرض للانتقادات". وكرر موقف ايران من حركة "طالبان" وقال: "لا نعترف بها، ولا تستطيع فئة واحدة ان تحكم افغانستان". ووصف الحركة ب"الجار غير المرغوب فيه" مذكّراً بمطالبة بلاده ب"تقديم قتلة الديبلوماسيين والتجار الايرانيين للمحاكمة". وأقر وزير الخارجية الايراني بأنه تطرق مع نظيره البريطاني روبن كون في محادثات غير رسمية الى قضايا كثيرة مثل حقوق الانسان واليهود الايرانيين ال13 المتهمين بالتجسس. وتابع ان "الأمر المثير للدهشة هو التركيز على اليهود المتهمين بالتجسس في حين هناك مسلمون معتقلون بسبب التهمة نفسها". وشدد على ان هذه "مسألة داخلية" و"المتهمين مواطنون ايرانيون ستكون محاكمتهم علنية، والمحكمة ستقرر ما اذا كانوا مذنبين". وأكد انهم يتصلون بعائلاتهم ومحاميهم. الى ذلك اوضح خرازي انه لم يتطرق في محادثاته مع المسؤولين البريطانيين الى قضية الفتوى باهدار الكاتب سلمان رشدي، مكرراً ان "الفتوى لا يمكن إلغاؤها". ونفى ايضاً ان تكون محادثاته تناولت قضية الطيار الاسرائيلي رون أراد، وقال: "لا معلومات لدينا عنه،"، وذكّر ب"الايرانيين المخطوفين في لبنان الذين نقلوا الى اسرائيل". ورأى ان هناك "سوء فهم" و"سوء تقدير" لمفاهيم عامة مثل حقوق الانسان، وذكر ان المسلمين في بريطانيا ينبغي ان يكون تمثيلهم افضل في الوظائف العامة والبرلمان، واوضح ان ل"الأقليات في ايران مثل اليهود والآشوريين والمسيحيين، ممثلين في البرلمان". وأضاف ان "النظرة الى حقوق الانسان تختلف باختلاف الثقافات" التي يجب اخذها في الاعتبار "لذلك ندعو الى حوار بين الدول الاسلامية والغربية لشرح المواقف ووجهات النظر". ووصف بلاده بأنها "دولة محورية في المنطقة، لا غنى عنها في الحفاظ على أمن المنطقة"، موضحاً انها تطمح الى لعب دور في التنمية الاقليمية. واستبعد ان يترك الصراع بين الجناحين الاصلاحي والمحافظ في ايران "تأثيراً على السياسة الخارجية الايرانية"، وقال: "لا اسمي ما يحصل في ايران صراعاً بل هو اختلاف في الرؤية، فهناك احزاب وقوى تتنافس لا تتصارع كما يحلو لبعضهم القول، الا ان كل التيارات والقوى مجمعة على تأييد سياسة الرئيس محمد خاتمي، وعلى رأسها المرشد آية الله علي خامنئي. ان لكل دولة نظامها وقوانينها الخاصة، ونحن لنا آلية خاصة لرسم السياسة الخارجية وتنفيذها وهي محل اجماع داخلي كونها قائمة على اسس ثابتة". ونبه الوزير الى ان ايران شهدت تطوراً منذ انتخاب خاتمي باتجاه "تعزيز المجتمع المدني وحرية التعبير والصحافة ومشاركة الشعب بفاعلية في الشؤون السياسية". ونوه ب"الجيل الجديد الذي انخرط في الحياة السياسية بقوة مستفيداً من الأجواء الديموقراطية بحسب المفهوم الاسلامي". وقلّل من اهمية اقصاء بعض المرشحين للانتخابات النيابية، محللاً ذلك بوجود ضوابط. واعترف في الوقت نفسه بوجود "بعض المشاكل الداخلية مثل ضعف التنسيق بين المؤسسات التنفيذية والقضائية والتشريعية". وشدد على ان "الأمر المهم بالنسبة الينا هو عدم تدخل الدول في شؤوننا، مع الاستعداد لتبادل الأفكار والآراء والمساعدة في بعض المسائل". ونبه الى عداء بعض الدول لايران مثل "الولاياتالمتحدة التي لا نوافق على اعادة العلاقات معها ما لم تتخل عن عدائها لنا. يجب اولاً رفع العقوبات ووقف الضغوط على الدول الاخرى لمنعها من اقامة علاقات مع ايران". وذكر ان "رفع العقوبات الاميركية عن بلادنا مهم ومفيد بالدرجة الاولى للشركات الاميركية". ونوه بالسياسة البريطانية الجديدة تجاه بلاده، والتي تعكس "تفهماً افضل للأوضاع الحالية في كلا البلدين"، خصوصاً بعد قرارهما "تطبيع العلاقات وتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري، لا سيما ان ايران سوق ضخمة ومركز مهم للاستثمارات". محاضرة وألقى خرازي ظهر امس محاضرة في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن، خصصها للحديث عن اهمية الحوار بين الثقافات في القرن الجديد. ورد على بعض الاسئلة، مكرراً تشاؤم بلاده من امكان ان يؤدي استئناف المفاوضات السورية - الاسرائيلية الى "عودة الحقوق السورية" ومشدداً على اهمية "تحرير القدس" الذي اعتبره "واجب كل فلسطيني ومسلم". وقال ان "العلاقات الايرانية - السعودية تتطور في شكل جيد جداً". وطالب العراق ب"تنفيذ اتفاق 1975 وكل قرارات الأممالمتحدة والسماح بعودة المفتشين الدوليين لاستئناف عملهم". واعتبر ان "أمن المنطقة لا يقرره طرف واحد" في اشارة الى الولاياتالمتحدة، موضحاً ان الحل هو "بمشاركة كل دول المنطقة في انشاء نظام واتخاذ ترتيبات أمنية بعيداً عن أي تدخلات اجنبية".