تصر دمشق على ان يتميز اتفاق السلام السوري - الاسرائىلي شكلا ومضمونا عن اتفاقات السلام بين اسرائىل وكل من مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية والاردن. ولازم هذا الاصرار مراحل المفاوضات السورية منذ انطلاقها في مدريد عام 1991، لكنه برز في محادثات شيبردزتاون بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع. ورغم تداخل الشكل والمضمون او الامور الاجرائية والامور الجوهرية، فانه يمكن الحديث عن العناصر الآتية: - رفض السوريون ان تستأنف المفاوضات في "واي ريفر" او "كامب ديفيد" او اي مكان آخر له علاقة بالمفاوضات العربية - الاسرائىلية السابقة، رغم ان "واي بلانتيشين" شهدت المحادثات السورية - الاسرائىلية قبل توقفها عام 1996. - بعد اصرار اميركي واسرائيلي، وافقت سورية على رفع مستوى التفاوض في كانون الاول ديسمبر الماضي شرط قبول الاسرائيليين بتجاوز بروتوكولي بحيث تجري المفاوضات بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير الخارجية السوري. - رفض السوريون ان تتحول حفلة استئناف المفاوضات في 15 الشهر الماضي و3 الشهر الجاري الى حفلة اعلامية. ولم يصافح الشرع رئيس الوزراء الاسرائيلي علنا باعتبار ان ما يجري هو استئناف المفاوضات وليس اتفاق السلام. كذلك لاحترام مشاعر الرأي العام العربي ولان المصافحة هي ورقة تفاوضية تتعلق بالعنصر الثاني من معادلة "الارض مقابل السلام"، وتقع في اطار عنصر "علاقات السلم العادية". - لم يتخل الشرع في اللقاءات الثلاثية التي عقدت برعاية الرئيس بيل كلينتون عن بدلته الرسمية، في حين ارتدى باراك وكلينتون لباسا غير رسمي، بل حرص وزير الخارجية السوري على اختيار الوان رسمية لبدلاته. - لتأكيد الحضور الاميركي في المفاوضات باعتباره "الشاهد"، طلب السوريون ان تجري المفاوضات في الولاياتالمتحدة وليس في الشرق الاوسط. - تمسك السوريون بالحضور الاميركي في المفاوضات منذ انطلاقها عام 1991، واصروا على ارتفاع وتيرة الحضور مع ارتفاع الحضور. والى جانب رعاية كلينتون للاجتماعات الثلاثية، فان وفوداً اميركية تحضر اجتماعات اللجان الاربع المتعلقة ب"الحدود" و"علاقات السلم العادية" و"المياه" و"ترتيبات الامن". - اصر السوريون على تسمية لجنة السلام بلجنة "علاقات السلم العادية" وليس لجنة "التطبيع" كما اراد باراك، باعتبار ان ما سيجري بين الجانبين لن يكون اكثر من سلام عادي بين دولتين متجاورتين. - يحاول المفاوض السوري تجنب توقيع اتفاقات ملزمة بفرض "السلام الحار" على الشعب السوري باعتبار ان ذلك لا يمكن فرضه وان مشاعر خمسين سنة لا يمكن ان تتغير خلال سنوات. - تمسك السوريون ب"تزامن" عمل اللجان الاربع وبان تعقد خلال اسبوع، فبدأوا رسمياً، وقوفاً عند رغبة الاسرائيليين، بلجنتي "ترتيبات الامن" و"علاقات السلم العادية"، وعندما رفض باراك عقد اللجنتين الاخريين، علق السوريون المفاوضات الى ان تدخل كلينتون وطلب عقد اللجنتين قبل نهاية الاسبوع. - اقنع الشرع الجانب الاميركي بضرورة ايجاد صيغة تلزم الطرفين عدم التراجع عن التزامات سابقة، فقدم كلينتون مسودة "وثيقة العمل" التي تسجل نقاط الخلاف ونقاط الاتفاق بين الجانبين، وتكون بمثابة مقياس لتقدم المفاوضات. جاء ذلك من وحي تجربة السوريين بعد تراجع رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو عن "وديعة" اسحق رابين وعدم التزام باراك هذه الوديعة. - رفض السوريون ان يكون مدخل اتفاق السلام "اعلان مبادئ"، فاقترح الاميركيون "اتفاق اللب" الذي يقع في الوسط بين اتفاق السلام واعلان المبادئ. - لن يوقع السوريون والاسرائىليون اي وثيقة قبل اتفاق السلام، وتعتبر ورقة "اهداف ومبادئ ترتيبات الامن" التي انجزت عام 1995 خير مثال لاعتقاد السوريين ان التوقيع ورقة تفاوضية ايضاً. - يستعد الجانب السوري لخوض مفاوضات طويلة وشاقة وتفصيلة، لكن عندما يوقف المفاوضات سيكون كل شيء جاهزاً للتنفيذ. وكان الرئيس حافظ الاسد قال ان كل عنصر من الاتفاق الفلسطيني يحتاج الى اتفاق. - لم يشارك الاسد في المفاوضات، باعتبار انها في هذا المستوى مفصلية، لان فشل لقاءات بين زعيمي اي دولتين يعني اغلاق عملية السلام، لذلك فان المحادثات عالية المستوى تأتي تتويجاً وليس مدخلاً لاتفاق السلام.