دعا مرشد الجمهورية الايرانية آية الله علي خامنئي، امس، الى "حل الكيان الصهيوني"، وانتقد سورية بشكل غير مباشر عندما قال "لا أريد ان اسمي بلداناً كانت ثورية، لكن كل تفاوض مع الكيان الصهيوني هو خيانة". جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها خامنئي، امس، وفي اطار احتفال ايران بيوم القدس، الذي يصادف كل سنة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان بموجب دعوة كان أطلقها مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية الامام الخميني. وعلى وقع مسيرات قُدّر المشاركون فيها بالملايين، ووسط هتافات تدعو الى إزالة اسرائيل وتندد بالإدارة الاميركية، نزل كبار المسؤولين الايرانيين الى الشارع وعلى رأسهم المرشد خامنئي ورئيس الجمهورية سيد محمد خاتمي، الى جانب العديد من ابناء الطائفة اليهودية الايرانية. وشكل "يوم القدس" مناسبة جددت فيها ايران مواقفها من اميركا واسرائيل والسلطة الفلسطينية، من رفض كامل لأي مفاوضات مع اسرائيل، ودعم للمقاومة ضدها. واعتبر خامنئي ان إزالة اسرائيل هي "الحل الوحيد للخطر الاسرائيلي الذي يهدد كل المنطقة وشعوبها"، مشيراً خصوصاً الى "التهديد النووي للشرق الأوسط برمته" الذي تشكله اسرائيل التي قال انها "نظام عنصري يشكل قيامه أكبر عار في هذا القرن". ومن جامعة طهران حيث تقام صلاة الجمعة وجه خامنئي في مراسم احياء "يوم القدس العالمي" نداء باللغة العربية الى "جميع أبناء الأمة الاسلامية والعربية ولا سيما ابناء الشعب الفلسطيني وأولئك الرابضين في خنادق المقاومة داخل الوطن المحتل"، وقال فيه: "ان فلسطين لا يمكن ان تنسى، قولوا للعالم اجمع ان الشعب الفلسطيني شعب حي كسائر الشعوب الحية، له أهدافه ومشروعه ومستقبله ... إن الجيل الفلسطيني الصاعد سيسجل مستقبله بإرادته ووعيه واستعداده ... ان يوم القدس يذكر الجميع بأن مسألة فلسطين ليس لها سوى حلٍ واحد هو زوال النظام الصهيوني العنصري، وعودة فلسطين الى أهلها واقامة دولة فيها على أيدي أصحاب فلسطين وأبنائها، وهؤلاء جميعاً هم الذين يجب ان يقرروا مصير فلسطين، ومصير المهاجرين اليها". يقصد بهم اليهود الذين جاؤوا الأراضي الفلسطينية عبر الهجرة اليها من كافة أنحاء العالم. وحمل المرشد على الإدارة الاميركية بسبب تغطيتها على الجرائم الاسرائيلية، كما حمل على السلام المطروح بموجب عملية التسوية الحالية بين العرب واسرائيل، سائلاً: "أي سلام هذا الذي يقضي بإخراج شعب من أرضه، فيما يواصل النظام الصهيوني عدوانه على لبنان ضد القرى والمدارس والتلاميذ" في اشارة الى قصف اسرائيل مدرسة عرب صاليم في الجنوب اللبناني بالتزامن مع انعقاد الجولة الأولى من المفاوضات السورية - الاسرائيلية في واشنطن. ولم يشر خامنئي بشكل مباشر الى هذه المفاوضات، لكنه حمَلَ على المفاوضات برمتها "لأنها حاجة اسرائيلية حالية لاستكمال الصهيونية مخططها في اقامة اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل". وقال: "ان القوى الصهيونية تبذل مساعيها في كل مكان لتوحي بأن مسألة فلسطين قد انتهت وان القضية الفلسطينية اصبحت في ذمة التاريخ". وأضاف: "ان بعض المخدوعين اقتنع بهذا التضليل، غير ان الحقيقة شيء آخر، فمسألة فلسطين هي مسألة تعني العالم الاسلامي والأمة الاسلامية، وهي أيضاً مسألة شعب فلسطين. وفي اشارة الى المسارات التفاوضية المختلفة قال خامنئي: "من المؤكد ان تشديد الضغوط الاميركية والصهيونية على البلدان العربية، لا يستطيع ان يثني عزم الشعوب عن موقفها تجاه القضية الفلسطينية". وفي اشارة واضحة الى السلطة الفلسطينية قال: "ان استسلام ثلة من الساسة الفلسطينيين وخضوعهم لا يعني في مفهوم الشعب الفلسطيني والجيل الفلسطيني الصاعد شيئاً سوى الخيانة، وهو لا يعني اطلاقاً خضوع الشعب الفلسطيني واستسلامه أمام العدو الغاصب". وانتقد مساندة بعض الدول الغربية خصوصاً الولاياتالمتحدةوبريطانيا لاسرائيل، وقال: "ان الصهاينة استطاعوا ان يفرضوا سيطرتهم المقيتة بالعنف والقسوة والارهاب الوحشي المنقطع النظير، وعبر ممارسة تضليل اعلامي خادع في محاولة للتغطية على جرائمهم، وايضاً بمساعدة صفقات سياسية شارك فيها بعض الحكومات الغربية خصوصاً بريطانيا واميركا". وفي اشارة الى الجبهة العربية رأى ان ما ساعد على انتشار "الغدة السرطانية، أي اسرائيل" هو ما اعترى الجبهة المقابلة من ضعف وترد واختلاف. واعتبر ان "الذي يستطيع استئصال هذا المرض العضال من جسد المنطقة الاسلامية، انما هو فقط ما يبديه الشعب الفلسطيني وجيله الصاعد من مقاومة شجاعة وتضحيات". ودعا العالم الاسلامي الى استشعار المسؤولية حيال انتفاضة الشعب الفلسطيني، مضيفاً ان "كل من يخطو خطوة في هذا الطريق فقد أدى ما عليه من واجب الهي واسلامي وشارك في بناء مستقبل الدولة الفلسطينية". وقال: "ان آمال الساسة الاميركيين حماة النظام الصهيوني الظالم الغاصب في انهاء القضية الفلسطينية انما هي سراب لا غير ... ولا تستطيع ان تحول دون عودة الفلسطينيين الى وطنهم وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل تراب فلسطين". واجتاحت التظاهرات كل أنحاء ايران بمشاركة كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين ومنهم رئيسا البرلمان والقضاء علي أكبر ناطق نوري وهاشمي شاهرودي. ورأى المراقبون في المواقف الايرانية الرسمية والشعبية أبرز رد ايراني على تطورات عملية التسوية وانطلاقة المفاوضات السورية - الاسرائيلية بعد أربع سنوات من التوقف. وكانت واشنطن أرسلت أخيراً رسالة تحذير الى طهران وفق معلومات حصلت علىها "الحياة" تدعو فيها الى تغيير الموقف الايراني المعارض لعملية التسوية. ويبدو ان مواقف خامنئي ومشاركة الرئيس خاتمي الى جانب المشاركة الواسعة للطائفة اليهودية الايرانية في تظاهرات "يوم القدس" كانت الرد الأبرز على تلك الرسالة.