جاءت الزيارة "المهمة" التي يقوم بها السلطان قابوس بن سعيد للسعودية، والتقى خلالها نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، والنائب الثاني لرئىس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبدالعزيز، لتأكيد تميز العلاقات السعودية - العمانية، وانها لم تعرف المد والجزر. وكان السلطان قابوس زار السعودية آخر مرة في حزيران يونيو 1996، ولم تنقطع منذ ذلك الوقت الاتصالات بين قيادتي البلدين. ولعل اللافت ان علاقات البلدين الخليجيين الكبيرين السعودية وعمان تتسق وثقليهما عربياً ودولياً، وماعرفت به سياستا الرياضومسقط من الروية والهدوء، والاتزان في المواقف والقرارات والتعامل مع المستجدات، مما اكسب الدولتين مكانتيهما الحاليين. وتعتبر العلاقات السعودية - العمانية نموذجاً للعلاقات بين الدول العربية، ولم يسجل اي تراجع في تلك الروابط، منذ استقلال عمان، ثم بعد تولي السلطان قابوس بن سعيد سلطاته. وبين الرياضومسقط تنسيق دائم تتبلور نتائجه في اتفاق الرؤية بينهما في القضايا السياسية، والامنية والعسكرية، علماً ان البلدين يدعمان تطوير قوات درع الجزيرة. وكان توقيعهما اتفاق الحدود عام 1993، دليلاً بارزاً على متانة العلاقات بينهما، وجاء التوقيع اثر اجتماع في حفر الباطن شمال السعودية بين الملك فهد بن عبدالعزيز والسلطان قابوس بن سعيد، الذي اعطى الملك فهد قلماً وبسط امامه خريطة عمان، قائلا: "حدودك يا جلالة الملك حتى مسقط، ضع خطاً على الخارطة للحدود التي تراها مناسبة". بعد الاجتماع شكلت لجنة لترسيم الحدود، ثم تم تكليف شركة المانية رسم الخط الحدودي، واودع البلدان نسخاً من الاتفاق لدى الاممالمتحدة وجامعة الدول العربية. ولعل الملفات التي يبحثها السلطان قابوس في السعودية تعكس اهتمامات البلدين، من جهة، ومكانتهما من جهة اخرى، ففي الايام الثلاثة للزيارة تتناول المحادثات اضافة الى العلاقات بين البلدين، تطورات عملية السلام في الشرق الاوسط، وترتيب البيت العربي من الداخل، والعلاقات مع ايران، والشؤون الخليجية، سياسياً، عشية اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في جدة غداً الذي سينسق موقف هذه الدول ازاء الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية يرأسه العراق، وامنياً وعسكرياً، والقضية العراقية. وحتى يوم امس كان السؤال مطروحاً بقوة عن امكان حضور وزراء خارجية دول مجلس التعاون، مجلساً وزارياً عربياً يرأسة العراق، خصوصاً في ظل التصعيد الكلامي بين بغداد والكويت. ويعمل وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، ووزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبدالله، ضمن اطاري مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، سعياً الى بلورة مواقف خليجية وعربية موحدة.