على رغم الرفض العُماني المتكرر لعدد من مشاريع مجلس التعاون الخليجي، ومنها مشروع «الاتحاد الخليجي»، وتجنّب المشاركة في تحالف عمليات «عاصفة الحزم»، فإن ذلك لا يعكس ما تم تفسيره على أنه «بداية تفكك المجلس»، فالسلطنة ظلّت تعدّه «مشروعاً استراتيجياً» للدول الست، مع الأخذ في الاعتبار تفاوت وجهات النظر في بعض القضايا المهمة، أبرزها التقارب مع إيران وسورية، والحرب ضد الحوثيين. وفي بدايات مبكرة من عمر المجلس الخليجي، أعلن السلطان قابوس بن سعيد دعمه فكرة إنشاء المجلس، وما يشكله من «ضرورة» للدول الأعضاء على صعيد التعاون السياسي والاقتصادي، طارحاً فكرة إنشاء قوة دفاع خليجية مشتركة، قوامها 100 ألف جندي، إضافة إلى مساندة القضايا المشتركة، مع الاحتفاظ بوجهات النظر تجاه مواضيع عدّتها عُمان «ليست خروجاً عن السرب»، بقدر ما أنها تعكس الموقف السيادي لكل دولة. وتعدّدت المواقف التي اتخذتها عُمان، التي لا تتفق مع شقيقاتها الدول الخمس الأخرى، فسياسياً؛ كان موقف عدم قطع العلاقات مع إيران خلال حرب الأعوام الثمانية مع العراق، وبعد اجتياح الجيش العراقي دولة الكويت بقيت العلاقة مستمرة أيضاً، وفي الوقت الذي أُغلقت فيه السفارات الخليجية كافة في دمشق، حافظت السلطنة على سياستها التي تقضي بعدم اللجوء إلى قطع العلاقات، بما يبقي خيطاً رفيعاً للإسهام في إيجاد حلول قدر المستطاع. واقتصادياً؛ كانت قضية العملة الخليجية الموحدة التي انضمّت إلى قضايا أخرى معلّقة. ومثّل العام الحالي تبايناً في مواقف سياسية أبرزها عدم انضمام عُمان إلى التحالف العربي بقيادة السعودية، واستقبالها وفداً من الحوثيين، إضافة إلى استقبال مسقط وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وزيارة وزير الشؤون الخارجية العُماني يوسف بن علوي إلى دمشق، ولقائه بشار الأسد. ونفت عُمان على لسان مهندس السياسة الخارجية العُمانية ابن علوي، وجود خلافات مع الرياض تلت الرفض العُماني الصريح فكرة الاتحاد، مؤكداً أنه «مجرّد اختلاف في وجهات النظر. بينما الثوابت في العلاقات السياسية لا تُمسّ». فيما أكد التزام بلاده تجاه القضايا المطروحة تحت قبّة المجلس، فعُمان تريد تعاوناً وثيقاً في مجالات يمكن التحرّك فيها بسهولة أكبر، ومنها التعاون في المجالات الاقتصادية والسياحية، والجوانب المتعلقة في تسهيل حركة نقل الأفراد والبضائع والمضي في الاتحاد الجمركي الموحد إلى خطوات أوسع بعد أعوام من الصعوبات في تطبيقه. وتعود آخر استضافة للسلطنة للقمم الخليجية إلى عام 2008، حينما استضافت القمة ال29. فيما غاب السلطان قابوس عن حضور القمم الأخيرة. وحضر بالنيابة عنه نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء فهد بن محمد آل سعيد، الذي أكد في أكثر من قمة خليجية أن السلطنة «تجدد تأكيدها على دعمها الكامل لإنجاح الجهود الرامية إلى الارتقاء في بالمسيرة الخليجية، من خلال المنظومة القائمة للمجلس، وذلك وصولاً لإنجاز كل ما من شأنه تحقيق طموحات شعوب المنطقة، والمصالح العليا المشتركة لدول المجلس»، مشيداً بمسيرة المجلس التي «حفلت بعدد من المنجزات الاقتصادية والاجتماعية أدت إلى الترابط بشكل أوثق بين أبناء دول المجلس». وشهدت القمة الخليجية ال22 التي عُقدت في مسقط عام 2001 إنجازات مهمة في مسيرة المجلس، منها الاتفاق علي قواعد تطبيق الاتحاد الجمركي بين الدول الأعضاء والسوق الخليجية المشتركة وتوقيع الاتفاق الاقتصادي الموحد، ليحل محل الاتفاق السابق، وإقرار تشكيل مجلس الدفاع المشترك والاستراتيجية الأمنية الموحدة لمكافحة التطرّف، وقبول عضوية الجمهورية اليمنية في بعض هيئات المجلس كخطوة أولى على طريق التكامل بين دول شبه الجزيرة العربية، وفي تلك القمة أقرّ نقل الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى إلى مسقط لتكون المقر الدائم لها. وفي مناسبات عدة، أوضحت خلالها سلطنة عُمان أنها لا تغرّد خارج السرب الخليجي، معلنة تمسكها بالمجلس، ومفسحة لنفسها هامشاً تراه ضمن الاختلاف في وجهات النظر لا يرقى إلى مستوى الخلاف، مؤكدة ثوابت علاقتها مع بقية الدول الخمس، وخصوصاً المملكة العربية السعودية.