السيد المحرر، تحية طيبة يلوم الاستاذ وحيد عبدالمجيد "الحياة" 4/9/99 في مقاله وموضوعه "اسلوب اللعب على التناقضات الدولية ما زال حاضراً في الفكر العربي"، العرب وبالذات مصر وسياسييها من أيام مصطفى كامل وحتى منتصف السبعينات على محاولتهم اللعب على التناقضات بين الدول، وكيف أنهم يتمنون الآن وجود قوة عظمى أخرى للقيام باللعبة نفسها. - أود ان أقول هنا أن كل دولة أو كل جماعة أو قبيلة منذ بداية التاريخ وحتى الآن تلعب لعبة التناقضات هذه، بل لا بد منها في السياسة الخارجية. - ان الأمر ليس لعب اللعبة ولكن إجادتها ووضوح الرؤية للاختيار والانحياز للجواد الرابح. - ان أفضل من لعب هذه اللعبة وما يزال يلعبها بمهارة فائقة هي اسرائيل، وهنا استطيع ان اكتب مئات الصفحات عن كيفية استغلال اسرائيل لهذه اللعبة في الماضي. اما في الحاضر فهناك العلاقة بين اسرائيل والصين وكيف هربت لها رسومات صواريخ الباتريوت، وكيف أنها لم تتوقف أبداً عن المناورة مع الاتحاد السوفياتي، وعندما سقط كانت هي أول المستفيدين، بل انها تلعب الآن على التناقضات والتنافس بين الزعماء العرب لتحقيق كل مآربها. - فرنسا لعبت على هذه التناقضات أيام ديغول وخرجت من الحلف الاطلسي ولم تسمح له بقواعد على أرضها وكان لها علاقات طيبة مع الاتحاد السوفياتي ومع الصين. واستفادت كثيراً من ذلك. - طبعاً ليس معنى ذلك ان تلعب على التناقضات وتنسى بناء القوة الذاتية، وفي هذا اتفق مع وحيد عبدالمجيد... مثل فرنسا واضح في اللعب على التناقضات والاستفادة منها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وبناء قوتها الذاتية، كذلك اسرائيل مثل جيد. - مصر لم تتعامل مع روسيا كدولة تابعة، ولم تتحالف معها وهي استغلت الاتحاد السوفياتي .... المشكلة عند أكثر مثقفينا انهم يحضرون التاريخ ويلونونه ليبرورا ما يحدث لنا اليوم... يتكلمون دائماً عن هزيمة 1967 - وهذا حق لهم - ولكن هل انتصرنا في حرب 1973 ام لا، اذا كانت الإجابة بنعم و67 لم تكن إلا هزيمة في معركة... المشكلة أنهم لا يستطيعون الوصول في تحليلاتهم حتى اليوم... يتوقفون عند 1967. - إن مشكلة روسيا الآن في قيادتها المريضة الفاسدة، وفي نفس الوقت فإن اميركا تعمل حسابها. وقال كولن باول "إنها الدولة الوحيدة التي يمكنها تدمير اميركا ثلاث مرات" لذا كان عليهم دائماً تحييدها. - ان الصين نفسها تلعب لعبة التناقضات. ورغم احتياج الصين لأميركا الفائض التجاري مع اميركا في حدود خمسة بلايين دولار اكثر من احتياج اميركا لها... الا انها لا تتنازل قيد انملة عن مطالبها، موقفها من قصف سفارتها مثال .... المهم مرة اخرى هو اجادة اللعبة... الإرادة والادارة السلمية التي لا تخشى الفضائح والابتزاز. باريس - طاهر امين