سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تيمور الشرقية على حافة حرب أهلية وجاكارتا توفد إليها وزراء الدفاع والعدل والخارجية ل "انقاذ سمعتها". تورط ضباط اندونيسيين في الاعتداء على الأمم المتحدة
عمت الفوضى تيمور الشرقية وسط انباء مفادها ان ضباطاً في الوحدات الخاصة في الجيش الاندونيسي متورطون في اعمال العنف التي تشنها الميليشيات المناوئة للاستقلال وبينها الهجمات على مقار بعثة الاممالمتحدة. وانتقل عدد من كبار المسؤولين بينهم وزير الدفاع وقائد الجيش الى الاقليم بهدف انقاذ "سمعة اندونيسيا التي باتت في المحك" حسب تعبير احدهم. وهددت المقاومة التيمورية بالرد على الميليشيات، ما وضع الاقليم على حافة حرب اهلية. ديلي، جاكارتا- أ ف ب، دبا - شهدت ديلي عاصمة تيمور الشرقية التي غادرها امس الاحد الاجانب والمراسلون، حالاً من الفوضى في ظل سيطرة الميليشيات الموالية لأندونيسيا على الوضع في انحاء الاقليم. وسمعت عيارات نارية في شوارع المدينة وتصاعدت سحب الدخان الناجم عن الحرائق في سمائها. وتجرأت بعض العائلات على الخروج من منازلها للتوجه بخطوات سريعة الى المرفأ سعياً الى مغادرة البلاد. وشوهد الجنود ورجال الشرطة الاندونيسيون وهم يتبادلون التحية ويتحادثون مع عناصر الميلشيات الذين جابوا شوارع المدينة في سيارات مسلحين بالرشاشات ولف بعضهم رؤوسهم باقمشة ملونة بالاحمر والابيض رمزا للوني العلم الاندونيسي. أما سيارات الجيش والشرطة فكانت محملة امتعة. وأفادت وكالة الانباء البرتغالية ان الميليشيات احرقت امس فندق مهكوتا حيث يجتمع الصحافيون كما حاصرت مقر بعثة الاممالمتحدة. وعمدت الى اجبار الصحافيين والموظفين الدوليين على المغادرة. واشارت الموفدة الخاصة للحكومة البرتغالية في جاكارتا آنا غوميز في حديث الى شبكة "سي.ان.ان" التلفزيونية الى معلومات مفادها ان "عدداً كبيراً من القتلى والجرحى سقط" خلال الليل. وأكد طبيب ان خمسة اشخاص اصيبوا بالرصاص نقلوا الى عيادته منذ مساء اول من امس. وتداول سكان تيمور الشرقية روايات مفادها ان العسكريين الاندونيسيين يشاركون في اعمال العنف التي ترتكب باوامر من ضباط كبار. وقالت مصادر عسكرية غربية ان ضباطا ينتمون الى القوات الخاصة، شاركوا في الايام الثلاثة الماضية في الهجمات على بعثة الاممالمتحدة. وأمضى اكثر من 1500 شخص من موظفي الاممالمتحدة ومراقبي الاستفتاء الذي جرى في 30 آب اغسطس الماضي حول مستقبل تيمور الشرقية، ليلهم في حرم بعثة الاممالمتحدة وناموا على الطاولات وعلى الارض او حتى داخل سيارات وانضم اليهم عدد من النازحين. وواصل مئات الاندونيسيين والاجانب وبينهم مراسلون ومراقبون التدفق على مطار ديلي لمغادرة المدينة جواً. وكانت الشرطة الاندونيسية واكبت المراسلين الى المطار. وقال موظف يعمل في الفندق الذي نزل فيه الصحافيون قبل مغادرتهم ان حي بيكورا حيث انصار الاستقلال "يشتعل". وقال احد الصحافيين في المطار إنه لاحظ وزملاؤه العلاقات الجيدة القائمة بين قوات الامن والميليشيات التي سيطرت على العاصمة غداة الاستفتاء الذي نظمته الاممالمتحدة واظهر تأييدا ساحقا لدعاة الاستقلال تجسد في اقتراع 6.78 في المئة من الناخبين لمصلحة هذا الخيار ورفضهم حكما ذاتيا موسعا عرضته عليهم جاكارتا. وقالت صحافية اوروبية قررت ان تغادر تيمور الشرقية ان "الحكومة الاندونيسية حصلت على ما تريد. لن يعود هناك شهود وسيكون في امكانها التحدث مجددا عن حرب أهلية، علماً ان ما يحصل هو تطبيق لخطة للجيش الاندونيسي معدة منذ زمن بعيد وتهدف الى تصفية المقاومة وترهيب السكان نهائياً". الوفد الاندونيسي وفي وسط حركة الطائرات المغادرة، حطت في مطار ديلي طائرة صغيرة تابعة للقوات المسلحة الاندونيسية تقل وفدا وزاريا من جاكرتا قوامه الجنرال ويرانتو وزير الدفاع والقائد الاعلى للقوات المسلحة والجنرال فيصل تانيوغ وزير الدولة للشؤون السياسية والامن، اضافة الى وزيري العدل والخارجية مولادي وعلي العطاس. وقال مولادي ان الهدف من الزيارة التي ستستمر اربع ساعات هو "تعزيز الامن والنظام لان سمعة اندونيسيا في المحك"، في اشارة الى الضغوط الدولية على جاكارتا والاتهامات اليها بانها لا تريد، رغم تعهداتها الدولية، وضع حد لاعمال العنف التي تقوم بها الميليشيات المعادية للاستقلال والتي دربها الجيش الاندونيسي وسلحها. واجرى وزير الدفاع محادثات في المطار مع القادة العسكريين، فيما التقى وزير الخارجية مسؤولي الاممالمتحدة. لكن وجود الجنرال ويرانتو والجنرال روسمانهادي قائد الشرطة في تيمور الشرقية، لم يحل دون استمرار اعمال العنف. ويعتبر التيموريون الجنرال ويرانتو "مهندس سياسة سرية هدفها إحباط مسيرة الاستقلال عن طريق تسليح ومساعدة الميليشيات التي تنشر الخراب والدمار في تيمور الشرقية". وافيد ان وصول الوفد الوزاري يهدف الى التحضير لتسليم زعيم المقاومة جانانا غوسماو الى بعثة الاممالمتحدة في ديلي. ومن المقرر الافراج عن غوسماو الذي اشتهر بلقب "مانديلا تيمور"، الاربعاء المقبل، بعدما أمضى ستة أعوام من حكم بالسجن لمدة 20 عاما في حقه لتزعمه المقاومة التي استمرت 24 عاما للحكم الاندونيسي في المنطقة. ويرجح أن يكون غوسماو رئيس الدولة الجديدة في تيمور الشرقية. وكان الرئيس الاندونيسي بحر الدين يوسف حبيبي وعد بأن تلتزم بلاده بنتيجة الاستفتاء التي أعلنت ليل الجمعة الماضي. وبينما أشاد الرئيس الاميركي بيل كلينتون وغيره من قادة العالم بحبيبي لسماحه بإجراء الاستفتاء التاريخي فإن ويرانتو واجه انتقادات حادة لسماحه بتدهور الاوضاع في تيمور الشرقية ودفعها نحو حافة الحرب الاهلية .ومن المقرر أن يجتمع برلمان إندونيسيا في أواخر تشرين الأول اكتوبر أو مطلع تشرين الثاني نوفمبر المقبلين لانتخاب رئيس جديد والمصادقة على نتيجة الاستفتاء في تيمور الشرقية. قلق دولي وكان الرئيس الاميركي قال اول من امس انه "قلق جدا" لاعمال العنف التي تشهدها تيمور الشرقية معربا عن ارتياحه للنتائج التي "لا لبس فيها" للاستفتاء حول الاستقلال. واضاف ان "الذين خسروا الانتخابات عليهم ان يعترفوا بأنهم خسروها". ودعا كلينتون ايضا سلطات جاكارتا الى "الحؤول دون وقع حمام دم". وقال ان الولاياتالمتحدة ستتعاون مع الاممالمتحدة لتسهيل عملية انتقالية منظمة في الاقليم. وعبرت وزارة الخارجية الاميركية أيضاً عن القلق للوضع في تيمور الشرقية. وقال الناطق باسمها فيليب ريكر ان "السلطات الاندونيسية لم تتخذ اي تدابير فاعلة للسيطرة على عناصر الميليشيات". واضاف: "اجرينا اتصالات على اعلى مستوى مع الحكومة الاندونيسية لنعرب لها عن قلقنا". وفي الوقت نفسه، قال وزير الخارجية الاسترالي الكسندر داونر ان الاممالمتحدة تنظر في اقتراح استراليا تشكيل قوة سلام على وجه السرعة في تيمور الشرقية الا ان اندونيسيا ما زالت ترفض ذلك. وكانت استراليا اقترحت تشكيل قوة صغيرة مسلحة يتم ارسالها على الفور الى المنطقة اسرع من انتظار تشكيل قوة حفظ سلام دولية كبيرة. وقال رئيس الوزراء الاسترالي جون هاوارد ان اندونيسيا ستبقى مسؤولة عن الموقف في تيمور الشرقية حتى يتم حل مسألة تشكيل القوات الدولية. وأبلغت البرتغالالاممالمتحدة ان مجلس الامن يتحمل مسؤولية ضمان الا تدمر العصابات المؤيدة لجاكارتا القرار الديمقراطي الذي اتخذه شعب تيمور الشرقية بالاستقلال عن اندونيسيا. وقال الرئيس البرتغالي خورخي سامبايو ان هيبة الاممالمتحدة هي في المحك الآن، في اشارة الى ان المنظمة الدولية هي التي نظمت الاستفتاء في تيمور الشرقية. التهديد بالرد وفي ليشبونة، عزز تصريح لقائد الجناح المسلح للمقاومة التيمورية تور ماتان رواك المخاوف من حرب اهلية في الاقليم. وقال رواك انه مستعد لاستئناف القتال "قريبا" بهدف مواجهة الميليشيات الموالية لاندونيسيا. واضاف: "نحن مستعدون للسلام، لكن السلام لا يمكن فرضه ولا شراؤه او بيعه، بل هو يبنى على العدالة". وأشار الى انه لم يستطع مناقشة مسألة استئناف القتال مع زعيم المقاومة جانانا غوسماو بسبب استحالة الاتصال به. واضاف: "اذا تفاقمت الامور، فستحل الفوضى وسنرد على ذلك على المستوى الوطني. واثبتنا ذلك خلال السنوات الاربع والعشرين الماضية. ولن نقبل أبداً أي اهانة من جانب اندونيسيا... ان لصبرنا حدوداً". وقال رواك ان رجاله مستعدون للقتال "بالسلاسل والحجارة والاسلحة وكل ما يقع في ايديهم" رغم ان تاثير نقص المؤن بدأ يظهر. وختم بالقول: "الاندونيسيون يحاولون محاصرتنا ولدينا مشاكل لوجيستية".