أمضت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت زهاء ثلاث ساعات في لبنان عصر امس اجرت خلالها محادثات مع رئىس الحكومة وزير الخارجية الدكتور سليم الحص، وحثّت لبنان وسورية وإسرائيل على اتباع سياسة ضبط النفس في الجنوب، وأعلنت انها بحثت معه قضايا من الماضي كالإرهاب وخطف الرهائن، اضافة الى برنامج المساعدات الأميركية للبنان، واعتبرت ان جزءاً من هدف زيارتها للبنان هو انه لا يمكن لأي محادثات في المنطقة ان تكتمل من دونه". وتمنى الحص، في مؤتمر صحافي مع أولبرايت، ان تسهم جولتها في تحديد موعد لإطلاق عملية السلام مجدداً. أعرب الجانب الأميركي قبل وصول وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت الى بيروت، عن ارتياحه الى ان الجانب اللبناني التزم الاجراءات الامنية المطلوبة، خصوصاً ان الرئيس سليم الحص تبلّغ من القائم بالاعمال الاميركي ديفيد هايل عن مجيء أولبرايت الى لبنان منذ أكثر من 12 يوماً وأبقى الأمر هو وفريقه طيّ الكتمان ولم يؤكد ان الزيارة ستحصل أو يسرّب شيئاً عنها. وحطّت الطائرة الاميركية التي تقل الوزيرة أولبرايت والوفد المرافق على المدرج الشرقي لمطار بيروت الدولي في الخامسة والربع عصراً. وكان في استقبالها وزير الاعلام أنور الخليل ممثلاً الرئيس الحص والسفير الاميركي ديفيد ساترفيلد ومدير المراسم في وزارة الخارجية السفير فؤاد عون. وانطلق موكبها من دون الاستراحة في صالون الشرف مباشرة وبطريق البر الى السرايا الكبيرة. واخترق موكبها المؤلف من نحو 30 سيارة تابعة للسفارة الاميركية، معظمها مصفحة، و8 سيارات من المكافحة والقوى الأمنية اللبنانية أوتوستراد المطار وصولاً الى الاسواق التجارية ثم السرايا حيث اتخذت اجراءات امنية كثيفة ايضاً. وكانت احدى السيارات تقل رجال أمن اميركيين مدججين شاركوا في حفظ الأمن في باحة السرايا . ووصل موكب أولبرايت الى السرايا الكبيرة في الخامسة والنصف وكان في استقبالها في الطابق الثاني الرئيس الحص، واتجها معاً والوفد الاميركي المرافق الى الجناح الجنوبي حيث القاعة الكبرى المخصصة للاجتماعات الوزارية. وعقدت على الفور خلوة بينها وبين الحص حضرها ساترفيلد استمرت ثلث ساعة، أعقبها اجتماع موسع، شارك فيه عن الجانب الأميركي السفير ساترفيلد ورئيس مكتب وزيرة الخارجية اليان شوكاس والمبعوث الخاص الى الشرق الاوسط دنيس روس ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط مارتن انديك ومساعد رئىس هيئة الأركان الجنرال دون كيريك ونائبة مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط طوني فيرستانديغ ونائب المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط ارون ميلر ونائب مساعد وزيرة الخارجية للشؤون العامة جايمس فولي والمساعد الخاص للرئىس الاميركي لشؤون الشرق الاوسط وجنوب آسيا روبرت مالي ونائب مدير قسم التخطيط السياسي في الخارجية وليام وود وارد والمساعد التنفيذي لوزيرة الخارجية أليكس وولف والمساعد الخاص المترجم جمال هلال والقائم بأعمال السفارة هايل. وشارك عن الجانب اللبناني كل من السفير الحسن وسفير لبنان في واشنطن فريد عبود ومدير الشؤون العربية وممثل لبنان في لجنة تفاهم نيسان ابريل السفير مسعود المعلوف ورئىس دائرة الشؤون الأميركية جبران صوفان ومستشار الرئىس الحص الديبلوماسي السفير يحيى محمصاني. وفي السابعة إلا عشر دقائق عقد الحص وأولبرايت مؤتمراً صحافياً استهله الحص مرحّباً بضيفته "راجياً ان تسهم جولتها في الشرق الاوسط في تحديد موعد لإطلاق عملية السلام مجدداً انطلاقاً من النقطة التي توقفت عندها في العام 1996". واضاف "كان اجتماعنا جيداً، اكدت خلاله التزامنا مسيرة السلام في اطار تلازم المسارين اللبناني والسوري، بمعنى اننا معنيون بانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان كما نحن معنيون بانسحاب القوات الاسرائيلية من الجولان. وأكدت التزامنا القرار الدولي الرقم 425 الذي يدعو اسرائيل الى الانسحاب الكامل من كل الاراضي اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دولياً". وأكد "ان هناك اجماعاً بين اللبنانيين على دعم حركة المقاومة للإحتلال، ما دام هناك قطعة من ارض لبنان ترزح تحت الاحتلال الاسرائيلي". وأثار مسألة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، فقال "ان اللبنانيين والفلسطينيين يلتقون على موقف واحد من حق الفلسطينيين المشروع في العودة الى ديارهم. هذا حقهم المشروع. واللبنانيون مجمعون على رفض توطين الفلسطينيين في لبنان وهذه المسألة اصبحت وفاقية بعد ان دخل نص بها في اتفاق الطائف ثم في مقدمة الدستور اللبناني. كما أثرت موضوع المحتجزين المعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية والذين يبلغ عددهم اليوم 181 سجيناً، وتمنيت العمل على الإفراج عنهم". وتلت اولبرايت بياناً مكتوباً قالت فيه "انا مسرورة لأكون في بيروت ومسرورة لتمكني من النزول في مطار بيروت الدولي، لأكون اول وزير خارجية اميركية يقوم بذلك منذ 16 عاماً، ولنأمل ان يصبح هذا العمل الذي يعتبر غير عادي اكثر فأكثر من الروتين. وكنت تمتعت بزيارتي للبنان في العام 1997 وأقدّر الفرصة اليوم التي سنحت لي لقاء رئيس الوزراء اللبناني ومسؤولين آخرين". وأضافت "ان للولايات المتحدة في لبنان تاريخاً من العلاقات الوطيدة، فاللبنانيون يشاركون بقوة في المجتمع الأميركي، وشعبانا يشاركان ايماناً عميقاً بالديموقراطية. وكما أبلغت رئيس حكومتكم، فان الولاياتالمتحدة ملتزمة بالاستقلال الكامل للبنان والسيادة التامة لأراضيه ونحن نتطلع الى اليوم الذي تصبح فيه هذه البلاد خالية من كل القوات الاجنبية ومن تهديد الارهاب والعنف". وقالت "جئت الى المنطقة لاكتشاف احتمالات تقدم نحو سلام شامل بين اسرائيل وجيرانها العرب بما فيها لبنان. وفي الأشهر الأخيرة وعلى رغم الحوادث المؤسفة فان اجواء السلام تبدو دافئة والسؤال هو عما اذا كان قادة المنطقة سيطورون اقتراحات عملية ومرنة وخلاّقة لجعل عملية السلام تتقدم الى الامام. وفي الوقت نفسه الهدوء في جنوبلبنان هو اساسي فان الافرقاء المتواجهين في عملية السلام لا يرغبون بجولة جدية من العنف. ان اصدقاء السلام وانا وحكومتي ولبنان يجب ان يعملوا على منع ذلك من خلال دعم لجنة المراقبة اللبنانية - الاسرائيلية والحث على ضبط النفس من قبل الجانبين. وعن محادثاتها مع الرئيس الحص قالت انها تعدت موضوع عملية السلام الى العلاقات الثنائية بما فيها الحاجة الى حل قضايا من الماضي والارهاب وخطف رهائن كما بحثنا في برنامج المساعدات ورغبتنا في رؤية لبنان فاعلاً اقتصادياً. ودعوني أقول كم انا متحمسة لرؤية اعداد متزايدة من الاميركيين يزورون لبنان. استأنفنا برنامجنا التبادلي واعتقد ان قراري قبل سنتين برفع الحظر على جوازات السفر كان صائباً". اضافت: على رغم ان زيارتي الى لبنان قصيرة فان جزءاً منها يعني انه من دون لبنان لا يمكن لأي محادثات في المنطقة ان تكتمل ومن دون لبنان لن يكون السلام الدائم ممكناً. وشكرت الحص والشعب اللبناني على ضيافتهم واعربت عن املها في "ان نواصل العمل معاً من اجل الافضل لبلدينا ولمستقبل الشرق الاوسط". وسئلت عن تقويمها للمحادثات مع الاسد حول العلاقة الاميركية - السورية وعما اذا كان الرئيس السوري طلب منها او من الجانب الاميركي العودة الى المنطقة قريباً قالت: اعتقد اننا اتفقنا في الرأي على ان محادثاتنا كانت مفيدة وبنّاءة واعتقد ان الاسرائيليين والسوريين يريدون ايجاد طريقة للوصول الى اتفاق، ونتطلع الى العمل مع كل من الطرفين في الايام والاسابيع المقبلة، لنرى ما يمكن ان نقوم به. اني متشجعة من اجتماعي واتطلع الى ان يحصل غيره. وعن موقف الحكومة اللبنانية الداعم للمقاومة في جنوبه وعما اذا كانت تعتقد ان هذا الموقف يناقض الجهود نحو السلام قالت: كما ذكرت في ملاحظاتي، مهتمون بالانشطة في جنوبلبنان ودعونا كل الاطراف الى ممارسة ضبط النفس، اعتقد، انه اساسي، ان على اسرائيل وسورية ولبنان الذين نعمل معهم القيام بكل شيء للتأكد من ان الاجواء في جنوبلبنان تساعد ما نقوم به لتحقيق السلام. وأعتقد ان النشاطات التي يقوم بها "حزب الله" تقوض هذه التطلعات وآمل كثيراً ان يتمكن الجميع من ضبط نفسه". وعن موضوع التوطين في لبنان قالت "ان رئىس الحكومة وصف لي الصعوبات الموجودة في لبنان نتيجة وجود اعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين ورغبته كونه يتكلم باسم الشعب اللبناني بأن يتم حل هذا الوضع وأنا أجبته، كما أجيب الآن، ان قضية اللاجئين هي قضية مطروحة في مفاوضات الوضع النهائي وهي جزء من النقاش". وعما اذا كانت اميركا ستحمي المستثمرين الاميركيين او ستمنع اسرائيل في تنفيذ هجومات اضافية في الجنوب، قالت "كررت دعوة الافرقاء في الجنوب الى ضبط النفس والأهم هنا هو بناء مناخ من الثقة كي تتقدم عملية السلام بنجاح ومن المهم للبنان، لجهة الامن والوضع الاقتصادي، هو ان يأتي اليه المزيد من الشركات وخصوصاً الاميركية". وسئل الرئىس الحص عن الموقف الاميركي من قضية التوطين، فقال "نحن معنيون بشكل مباشر بقضية اللاجئين الفلسطينيين ولا نستطيع قبول القول ان القضية يجب ان تحال الى مفاوضات الوضع النهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ونعتقد ان لبنان يجب ان يكون طرفاً في اي نوع من المحادثات لانه يستضيف عدداً كبيراً من اللاجئين".