في ايلول سبتمبر الماضي، دعت صونيا غاندي الى اجتماع سري لحزب المؤتمر، حضره حوالي 200 من كبار اعضائه احسوا للمرة الاولى منذ رحيل زوجها راجيف عام 1991 بالانضباط بعدما كانت اجتماعاتهم تحولت في الاعوام الاخيرة الى ما يشبه النقاشات في المقاهي. وكان المحور الرئيسي للاجتماع هو كيفية إطاحة حزب "جاناتا بارتي" الهندوسي المتطرف الحاكم بزعامة رئيس الوزراء اتال بيهاري فاجبايي. وكان الصدق في ابداء الرأي هو القوة المحركة للاجتماع الذي خرج بالحصيلة التالية: يتعيّن على "المؤتمر" ان يجتذب اقليتين هما السيخ والمسلمين اللتين ينتابهما شعور قوي بانهما عُزلتا على امتداد الاعوام الخمس عشرة الماضية، اضافة الى التركيز على برامج ذات طابع اشتراكي للفقراء. لم تكن مسألة تحرير الاقتصاد اولوية بالنسبة الى صونيا التي كانت تتحدث اللغة الهندية بلُكنة لا تخفي جذورها الشمال ايطالية. وعلى رغم انها تلقت تعليمها في جامعة كامبردج، فان صونيا لم تُظهر أي حماسة لانفتاح الهند على الغرب، خصوصاً اذا كان ذلك سيلحق الأذى بشعبية الحزب. لم تكن صونيا تتصور ان التحالف الهندوسي الحاكم سيسقط في البرلمان بهذه السرعة وان البلاد ستضطر لخوض انتخابات بعد 12 شهراً من ذلك الاجتماع وان الاضواء ستتركز عليها في هذه المهلة الزمنية القصيرة، كمرشحة محتملة لرئاسة الوزراء بوصفها زعيمة الحزب المعارض الرئيسي. هكذا اضطرت صونيا ماينو غاندي ابنة ال 52 عاماً الى الظهور الى العلن والتحدث مباشرة الى الصحافة. فكان اول ما اكدته قولها: "انا ابنة للهند وسأبقى كذلك حتى الرمق الاخير". لكن محاولتها الاولى لمد الجسور مع وسائل الاعلام انتهت الى نتيجة كارثية، في مؤتمر صحافي اعد اعداداً سيئاً مطلع الشهر الماضي. وامطرها الصحافيون بسيل من الاسئلة حول صفقة اسلحة "بوفورس" وصلاتها مع رجل الاعمال الايطالي اوكتافيو كوتروتشي. ووقعت صونيا في الفخ اذ فقدت السيطرة على اعصابها. وبرر اصدقاؤها ذلك بقولهم انها خجولة اساساً وذات شخصية انطوائية، اضافة الى ان صلاتها بالعالم خارج منزلها المطوق بالحواجز، كانت محدودة. فهي "مولعة بالعمل في الحديقة. وتدير اسرتها بكفاءة وتحسن الضيافة وتشعر بأنها في السياسة مثل سمكة خارج الماء"، حسبما قال احد الاصدقاء. ولماذا قررت ربة البيت خجولة ان تلج عالم السياسة الهندية المضطرب؟ اجاب الصديق نفسه انها "اُقحمت فيها تقريباً، مثل زوجها راجيف، نتيجة ضغوط حزبية، وشعرت انها ملتزمة". لكن صديقاً آخر للعائلة كان اكثر صراحة، مؤكداً انها تمهد الطريق لتولي ابنتها بريانكا الزعامة. واوضح ان بريانكا غاندي 28 عاماً هي "المؤتمنة على اسرار والدتها ومستشارتها الرئيسية، كما انها كاتبة خطبها وسندها المعنوي والمصدر الرئيسي لتقديراتها السياسية". ولا شك لدى كثيرين ان بريانكا، بخلاف والدتها، ستكون قادرة على مواجهة الاعلام والناخبين والخصوم السياسيين فهي ابنة راجيف وحفيدة انديرا غاندي ولا يستطيع احد ان يأخذ عليها انها ليست هندية اصيلة. فضلاً عن ان بريانكا بخلاف شقيقها راوول 26 عاما مولعة بالسياسة ومهتمة بتفاصيلها. لكن السؤال يبقى هل تنجح صونيا في ايجاد ارضية لابنتها وهي لا تزال، قبل يومين من الانتخابات، غير واثقة من ادائها في الدائرتين الانتخابيتين اللتين تتنافس فيهما: الاولى في منطقة بيلاري ولاية كارنتاكا الجنوبية حيث تواجه الهندوسية المتطرفة سوشما سواراغ من حزب "جاناتا بارتي" . والثانية في أمتهي، الدائرة الانتخابية لزوجها الراحل الواقعة في ولاية اوتار برادش حيث تواجه مداً قومياً متنامياً لمصلحة الحزب الحاكم. وقال احد المقربين من قيادة حزب "المؤتمر" ان الكثير من مشاكل صونيا ينبع من اسلوب عملها. فالقنوات السياسية التي تمتلكها ضيقة، وتعتمد على شلّة من المستشارين بدلاً من اعتماد شبكة مخبرين مستقلة، فيما رأى رام جتمالاني وزير القانون في حكومة "جاناتا بارتي" ان صونيا "ربة بيت نخبوية، ليست لديها أي معرفة بمشاكل الأمة".