في أحدث تطور شهدته المحكمة الجنائية الكبرى مدنية التي تنظر في قضية المتهمين في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي كانت السلطات القطرية أعلنت احباطها عام 1996، مثُل امام المحكمة في جلسة علنية أمس للمرة الأولى ثلاثة متهمين أبرزهم الشيخ حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني وزير الاقتصاد السابق الذي كان ايضاً قائداً للشرطة في السابق، وهو المتهم الوحيد من العائلة الحاكمة في هذه القضية وكان موجوداً خارج البلاد قبل اعلان وزارة الداخلية القاء القبض عليه في أواخر تموز يوليو الماضي. كما مثل المتهم غانم صالح الكواري الذي اعتقل مع المتهم الأول. أما الشخص الثالث الذي وجه اليه الاتهام للمرة الأولى وقبلت المحكمة إدخاله الى ملف القضية فهو متعب تويم المري. وقررت هيئة المحكمة برئاسة القاضي مسعود العامري وعضوية القاضيين خالد السويدي وعلي البوعيشي انقضاء الدعوى الموجهة لمتهمين اثنين كانا توفيا في وقت سابق هما بدر راشد شافعة المري الذي توفي وفاة طبيعية في الدوحة، وكان أفرج عنه بكفالة مالية. أما الثاني فهو عيسى مرشد المريخي الذي توفي في حادث سير في سورية أخيراً. وجاء قرار المحكمة بانقضاء الدعوى إسقاط التهمة بطلب ممثل الادعاء الرائد مبارك العلي. واستجابت المحكمة طلباً قدمه المحامي ناصر الكعبي بناء على رغبة موكله المتهم الأول الشيخ حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني بمنع تصوير المتهم "قبل وأثناء الجلسة لظروف خاصة بموكلي" المتهم، اذ أمر القاضي المصورين بعدم تصوير المتهم داخل حرم المحكمة التي عقدت جلسة علنية سمح للصحافيين بحضورها، اضافة الى عدد من أهل المتهمين. وكان رئيس المحكمة أوضح في بداية الجلسة انه اطلع على طلبات قدمها الادعاء العام تضمنت ادخال متهم جديد في الدعوى اسمه متعب تويم المري. وأفادت القاء القبض على اثنين من المتهمين في 23/7/99، اي بعد حجز الدعوى للحكم كان ذلك مقرراً في كانون الأول/ ديسمبر المقبل وهما الشيخ حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني وغانم الكواري. وكان الإدعاء طلب ايضاً من المحكمة اصدار قرار "بانقضاء الدعوى" اسقاط التهمة عن متهمين اثنين توفيا في وقت سابق. وأوضح القاضي انه اطلع ايضاً على طلبات قدمها المحامون رياض روحاني وماجد بدر وراشد البوعيشي وحسن ساتي تطالب بإعادة الدعوى للمرافعة بعد القبض على المتهم الأول، كما تقدم بعض المحامين بطلب في شأن تزويدهم صورة من محاضر أقوال المتهم الأول ومتهم آخر ألقي القبض عليه معه. وكانت الجلسة ساخنة منذ بدايتها، اذ اعترض المحامي عبدالله الخليفي على "إرفاق تحقيقات الشرطة مع المتهم الأول والمتهم 92 غانم الكواري مع ملفات القضية" وعزا ذلك الى "بطلان هذه الاجراءات لأن الدعوى دخلت ولاية المحكمة ولا يجوز لأي جهة ان تفتئت على المحكمة في هذا الخصوص، وقال انه قد ترد في تلك الاقوال أقوال المتهم الأول أمام الشرطة ما يضر بمصلحة موكلينا المتهمين الآخرين. وكان المتهمون الثلاثة الشيخ حمد بن جاسم وغانم الكواري ومتعب تويم وقفوا امام المحكمة بعدما طلب القاضي ادخالهم الى القاعة، وأعلن الأول والثاني انهما أوكلا المحامي ناصر الكعبي قطري فيما طلب الثالث من رئيس المحكمة ندب محام للدفاع عنه فأوكلت هذه المهمة للمحامي عبدالرحمن عبدالموجود مصري مقيم في قطر. واعترض ممثل الادعاء على ان يقوم المحامي الكعبي بالدفاع عن المتهم الأول وغانم الكواري رقم 92 "لوجود تعارض"، ورد عليه المحامي بأنه قبل الوكالة مبدئياً الى حين الاطلاع على أقوال الشيخ حمد بن جاسم بن حمد ال ثاني. كما طالب الكعبي بمهلة كافية للاضلاع على الأوراق الخاصة بالمتهم، وقال: "وقتها سأقرر قبول الوكالة أو عدم قبولها". ثم وجه ممثل الادعاء التهم الى المتهمين الثلاثة وهي: "محاولة عزل أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بالقوة وحمل السلاح ضد دولة قطر والسعي لدى دول اجنبية ومن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد دولة قطر والمساعدة على ارتكاب الجريمة". وجاء في تفاصيل الاتهام التي تلاها ممثل الادعاء في شأن المتهم الأول انه "يعتبر أحد القادة المدبرين لمحاولة عزل الحاكم باستعمال القوة وقام بتجنيد عدد من المتهمين واغرائهم بالمال وقدم لهم وعوداً وظيفية حال اشتراكهم في العملية، ووضع خطة العملية الانقلابية ووزع الأدوار الرئيسية واشترى أسلحة نارية وادخلها البلاد وجند مرتزقة للعملية وسعى لدى دول اجنبية ولمن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد قطر وطلب منهم ارسال قوات عسكرية لاقتحام حدود الدولة قطر لعزل الحاكم وسلم المتهمين اسلحة لاستعمالها وتم توزيعها ليلة العملية من 13/2/96". وقال الإدعاء "ان المتهم الأول اجتمع في دولة عربية مع الاشخاص الذين جندهم وعبر معهم الحدود الى قطر استعداداً لتطويق قصر الأمير ووزير الداخلية ووزير الخارجية ثم علم بالفشل فعاد من حيث أتى". وأضاف ان المتهم الأول "استمر في محاولة عزل الحاكم وسعى لدى دول اجنبية للقيام بأعمال عدائية لارتكاب جرائم كما وضع خططاً جديدة بينها محاولة تفجير محطة وقود الوجبة وكانت محكمة قطرية أدانت متهمين" في هذه القضية. وجاء في تفاصيل التهم الموجهة من الادعاء للمتهم غانم الكواري انه كان ضمن المشاركين في العملية الانقلابية وحضر اجتماعات داخلياً وخارجياً وذهب ليلة العملية للاماكن المحددة ثم فر الى الخارج بعد اكتشاف المحاولة. وفي شأن المتهم متعب تويم وهو الذي وجه اليه الاتهام أخيراً قال الادعاء ان المتهم علم بوجود محاولة عزل الأمير وقام بإرشاد متهمين وشارك في اجتماعات وشاهد متهماً يوزع أسلحة، كما ان المتهم "قال ان الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الأمير السابق سيعود الى الحكم" وان هذا المتهم "غادر الى الامارات واشترك في توزيع منشورات". وعندما سأل القاضي المتهمين الثلاثة وبينهم المتهم الأول الشيخ حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني انكروا التهمة التي وجهها الادعاء وقال كل واحد منهم انه "غير مذنب". وحرص ممثل الادعاء على اعلان تمسكه بما جاء في شهادات كان أدلى بها في وقت سابق عدد من الشهود بينهم وزير الخارجية شاهد اتهام ورئيس الوزراء شاهد نفي بناء على طلب الدفاع، ووافقت المحكمة أمس على طلب الادعاء الاستماع الى شهادة شاهد جديد هو فاضل راشد العذبة الذي قررت المحكمة الاستماع اليه في جلسة تعقدها الاحد المقبل. وشهدت المحكمة نقاشاً حول "العزلة" التي يواجهها المتهم الأول الشيخ حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني في مكان اعتقاله، ووقف المتهم قائلاً مخاطباً القاضي: "انا معزول ومنذ شهرين أنا في سجن انفرادي". وكان المحامي ناصر الكعبي وكيل المتهم الأول اثار هذا الموضوع طالباً من المحكمة "فك العزلة" عن موكله، وقال المحامي ان موكله "معزول وممنوع من الاختلاط بالآخرين، لكنه اشار الى ان السلطات سمحت لعائلته بزيارته". وسأل القاضي ممثل الادعاء عن أسباب وضع المتهم في سجن انفرادي فرد بأن "المتهم لا يوجد في سجن انفرادي، ولكن هذا الحبس لمصلحة المتهم وخوفاً عليه من متهمين آخرين. وكرر ان المتهم موجود في مكان مناسب، لكن المتهم وقف وقال "لا مشكلة لي في الاختلاط" مع المتهمين الآخرين، فشدد القاضي موجهاً حديثه لممثل الادعاء على ضرورة ان يعامل المتهم الأول كبقية المتهمين. وكان الشيخ حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني طالب ايضاً بالسماح له بالصلاة في جماعة مع آخرين واعتبر محاميه ان عملية "عزله تعذيب نفسي بل عقوبة". وأفاد انه بناء على طلب موكله سيستعين بخبرات عربية محامين عرب، وقال ل"الحياة" انه اتفق مع المحاميين المصريين احمد شوقي الخطيب والدكتور مأمون سلامة للدفاع معه عن موكله وتوقع وصول المحاميين المصريين الى الدوحة الاسبوع المقبل، وقال انه على وشك الاتفاق مع محام مصري ثالث. ولاحظت "الحياة" ان المتهم الأول الشيخ حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني بدا عادياً وقال: "السلام عليكم" عندما دخل قاعة المحكمة، فرد الحاضرون السلام.