يصل وزير الدولة في وزارة الخارجية الألمانية هلموت شيفر اليوم الى الخرطوم في أول زيارة يقوم بها مسؤول ألماني رفيع المستوى الى السودان منذ عام 1988. وسيلتقي شيفر الذي كلفته حكومته السفر الى كل من مصر والسودان وكينيا لاستقصاء حقائق الوضع في السودان، بناء على طلب البرلمان الاتحادي الألماني، كلاً من الرئيس عمر البشير ورئيس المجلس الوطني البرلمان الدكتور حسن الترابي ووزير الخارجية علي عثمان محمد طه ونظيره وزير الدولة في الخارجية السودانية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل. وكان اسماعيل زار بون قبل ثلاثة أشهر ونصف شهر واجتمع مع شيفر معرباً عن الترحيب بوساطة الحكومة الألمانية بين الخرطوم والمعارضة السودانية برغم الخلاف في وجهات نظر بون والخرطوم من الموضوع. وأعلنت بون أن شيفر الذي غادر بون الى القاهرة أمس سيلتقي أيضاً ممثلي المعارضة السودانية في مصر وكينيا اضافة الى ممثلي منظمات غير حكومية تمثل الكنيسة ومجموعات حقوق الانسان للاطلاع على أوضاع هذه الحقوق وأحوال الأقليات الدينية ومصير أعمال الاغاثة. وأصدرت السفارة المصرية في بون بياناً جاء فيه أن الوزير شيفر سيجتمع في القاهرة مع وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى والأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد لبحث الوضع في كل من السودان والجزائر والأزمة العراقية الحالية. ورتبت السفارة الألمانية في الخرطوم لقاءات لشيفر مع عدد من الشخصيات السودانية المعارضة في مقدمها سيد أحمد الحسين الأمين العام المناوب للحزب الاتحادي الديموقراطي. كما يلتقي شيفر ممثلين لحزب الأمة المعارض ليطلع على الأوضاع السياسية في السودان. وأوضح السفير الألماني ان شيفر سيحض الحكومة السودانية على مواصلة خطواتها الايجابية في سبيل إقرار مزيد من الحريات في مجالات الصحافة والتعبير وانشاء التنظيمات والنقابات تفضي الى بناء ديموقراطي قوي يضمن حقوق الانسان. ونفى السفير الألماني ما تردد عن مبادرة ألمانية يقودها الوزير شيفر لرأب الصدع بين حكومة الخرطوم ومعارضيها على رغم إقراره بأن الوزير سيلتقي، عقب عودته من الخرطوم زعيم حزب الأمة رئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدي وزعيم الحزب الاتحادي الديموقراطي السيد محمد عثمان الميرغني، مشيراً الى ان لمّ الشمل وعقد المصالحات ينبغي أن تكون شأناً سودانياً خالصاً. وتعلق الحكومة السودانية آمالاً كبيرة على زيارة شيفر باعتباره مسؤولاً عن المعونات الانسانية في الحكومة الألمانية وعن ملف حقوق الانسان التي تجرعت حكومة الخرطوم بسببه الكثير من الاتهامات والعقوبات. وتربط ألمانيا استئناف مساعدتها للتنمية الى الخرطوم بجهود السلام التي تبذلها الحكومة السودانية وباعتمادها الانفتاح الداخلي. وستحاول الخرطوم خلال الزيارة ابراء ذمتها واخلاء ساحتها من الاتهامات، خصوصاً وأن شيفر يمثل وزير الخارجية لدى البرلمان الألماني الاتحادي الذي عقد من قبل جلسات عدة خصصها لمناقشة شؤون السودان. كما ساهمت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الاتحادي، في أولى مراحل المحادثات السرية التي جرت بين الحكومة السودانية و"الجيش الشعبي لتحرير السودان" المعارض، وهي المحادثات التي مثل الدكتور علي الحاج الحكومة السودانية ومثل حركة قرنق الدكتور لام اكول الذي شاءت التطورات في ما بعد أن ينشق عن قرنق ويعود مصالحاً الحكومة عبر اتفاقية فشودة 1997. من جهة أخرى، بدأ وزير الدولة الألماني للتعاون الاقتصادي والتنمية يورغن هيدريش جولة يجري خلالها اتصالات مع قادة الحكومة السودانية والمعارضة في اطار اهتمام ألماني بتحقيق حل سلمي للصراع في السودان. وعقد الوزير الألماني اجتماعاً مع قادة "التجمع الوطني الديموقراطي" السوداني المعارض في أسمرا أول من أمس. وأعلن الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي السيد مبارك المهدي في بيان أمس ان الوفد الألماني برئاسة هيدريش اجتمع مع وفد من التجمع في مقره في أسمرا الأحد وأن هيدريش "عبر عن دعم بلاده المبدئي لقضية الديموقراطية واتاحة الفرصة للشعب للتعبير عن نفسه في انتخابات نزيهة، ورغبة ألمانيا في دعم جهود السلام في السودان ومبادرة الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف إيغاد وضرورة التوصل الى سلام شامل". وأوضح المهدي انه قدم "شرحاً وافياً لأهداف التجمع وبرامجه واتفاق أطرافه من أجل تحقيق السلام". وأضاف ان مسؤولين آخرين في التجمع "شرحوا الأوضاع الانسانية في المناطق المحررة". ووعد المسؤول الألماني باستئناف المساعدات الألمانية الى السودان "لدى تغير الأوضاع". ويعتقد أن ألمانيا تدرس حالياً اقامة مشاريع اقتصادية كبيرة في السودان، وأن الاتصالات الألمانية الحالية تأتي في اطار دراسة الوضع السياسي ومدى استقراره قبل الدخول في هذه المشاريع. وتشارك شركة ألمانيا في كونسورتيوم لاستخراج النفط السوداني. وعبر الناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية عن أمل الوفد الألماني في لقاء زعيم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" العقيد جون قرنق. وأوضح أن زعيم المتمردين السودانيين أبلغ بجولة المسؤول الألماني.