تعرضت جهود المعارضة المصرية للضغط على الحكومة من اجل ادخال إصلاحات سياسية ودستورية في البلاد الى انتكاسة بمقاطعة حزب العمل الاسلامي التوجه وجماعة "الإخوان المسلمين" لمؤتمر عقد في هذا الشأن في القاهرة. وكان رؤساء أحزاب الوفد والتجمع والعمل والناصري وممثلو جماعة "الاخوان المسلمين" و"الشيوعيون" وقعوا نداء الى الرئيس حسني مبارك، يحضه على إجراء إصلاح سياسي ودستوري، خلال ولايته الرابعة المقبلة، وحمل النداء بعد ذلك توقيع 146 شخصية عامة من اتجاهات مختلفة. وتقرر عقد مؤتمرات شعبية في المحافظات، لتشكيل حركة ضغط شعبية. لكن انطلاقة الحركة في المؤتمر الاول الذي عقد مساء أول من امس في مقر حزب التجمع اليساري جاء دون هذه المنطلقات، إذ أوفد الأمين العام للحزب الناصري السيد ضياء الدين داود، نائبه السيد حامد محمود، واكتفى حزب الوفد بمشاركة عضو الهيئة العليا الدكتور ابراهيم الدسوقي اباظة، وقاطع حزب العمل وجماعة "الإخوان". واقتصرت النتائج كما وضح في إعلان موقف سياسي فقط من جانب المشاركين. واستغرب ممثل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الكاتب صلاح عيسى، غياب قطاعات مهمة من المعارضة. وقال في كلمته أمام المؤتمر "لقد حاصرونا بعد أن بادلنا مواقفنا بمناصبنا"، ولفت في انتقادات قوية الى أن "غياب حزب العمل والجماعة أمر مثير للدهشة، وتجاهل صحيفتي "الشعب" و"الوفد" للمؤتمر، يعطي انطباعاً وكأن رؤساء الأحزاب التي تصدر هذه الصحف، لم يوقعوا على البيان، فتملكنا شعور بأننا محاصرون". وبدا أن موعد الاستفتاء الرئاسي المقرر الأحد المقبل ومواقف قادة المعارضة منه لعب دوراً مؤثراً في هذا الشأن، إذ اعتذر حزب الوفد عن استقبال المؤتمر في مقره، فيما أدت الخلافات داخل حزب العمل، على الموقف من التجديد للرئيس مبارك، دوراً في الاعتذار عن المشاركة في المؤتمر، واختارت "الجماعة" الغياب لتجنب "التصادم" مع الدولة، وبدا وكأن الحزب الناصري لا يرغب في مشاركة قوية، بعد تحفظات ابداها بعض قادته على عدم التزام كل المعارضة الاتفاقات على وثائق مشتركة سابقة. ولوحظ أن كلمات المتحدثين في المؤتمر، تجنبت الاشارة الى الاستفتاء الرئاسي أو الدعوة الى موقف منه، على خلفية إعلان كل حزب موقفه مسبقاً، واكتفى المتحدثون بدعوة مبارك، إلى تبني مطالب المعارضة، إدخال اصلاحات سياسية ودستورية في البلاد، تتيح توسيع الهامش الديموقراطي. ودعا رئيس حزب التجمع السيد خالد محيي الدين الوحيد الذي شارك من رؤساء الأحزاب الى تعديلات دستورية، تتيح انتخاب الرئيس بالأسلوب المباشر بين أكثر من مرشح، وقصر ولايته على دورتين متتاليتين، وتخلي الرئيس عن انتمائه الحزبي فور انتخابه، وتشكيل لجنة قضائية غير قابلة للعزل، تجدد أسس العملية الانتخابية وتشرف عليها، وتقليص سلطات الرئيس الواردة في الدستور، ومنح البرلمان سلطة كاملة للرقابة على الحكومة. ولم تمنع الاجواء التي صاحبت المؤتمر من اطلاق قادة المعارضة انتقادات عنيفة للأوضاع في البلاد، حيث قال الأمين المساعد للحزب الناصري إن "الديموقراطية في مصر زائفة، والحزب الحاكم يهيمن نتيجة انتخابات مزورة"، واشار ممثل الوفد الدكتور ابراهيم اباظة الى أنه "بعد 10 سنوات مازال الاصلاح الاقتصادي في مراحل متدنية، بسبب غياب الديموقراطية والرقابة والشفافية"، وأوضح ممثل الشيوعيين السيد محمود أمين العالم أن "البلاد تشهد اطلاق الحريات في كل جوانب الاقتصاد، وتكبيل الحريات العامة"، ودعا استاذ القانون الدستوري الدكتور عاطف البنا الى "تأسيس جمهورية برلمانية باعتبارها الأمثل للتقاليد المصرية".