ألقى مؤتمر أحزاب المعارضة في مصر بمسؤولية التغيير والإصلاح السياسي على كاهل الشارع، مؤكداً في اختتام ثلاثة أيام من الاجتماعات أن التغيير لن يتحقق من دون تحرّك فاعل للمواطنين. وتزامن اختتام المؤتمر مع إعلان رئيس حزب الوفد محمود أباظة أنه سيقاضي صحيفة مستقلة أشارت إلى صفقة مزعومة بين الحزب الوطني الحاكم والوفد تتضمن منح الأخير عدداً من المقاعد البرلمانية في مقابل عدم تأييده طروحات المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، وكذلك عدم التنسيق مع جماعة «الإخوان المسلمين»، مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى ثم انتخابات مجلس الشعب. وفي هذا الإطار، نفى الأمين العام للحزب الحاكم صفوت الشريف عقد «الوطني» أي صفقات مع أحزاب أو قوى سياسية، مؤكداً أن الحزب لا يعقد صفقات إلا مع المواطن المصري «صاحب الحق وصاحب القرار». وقال زعيم «الوفد» محمود أباظة في مؤتمر صحافي أمس لما يسمى ب «ائتلاف الأحزاب الأربعة» (الوفد والتجمع والعربي الناصري والجبهة الديموقراطية) إنه سيقاضي صحيفة محلية نشرت أول من أمس تفاصيل صفقة قالت إنها أنجزت وتقضي بأن يمنح الحزب الوطني حزب الوفد 25 مقعداً برلمانياً في مقابل عدم تنسيقه مع جماعة «الإخوان»، وكذلك الوقوف على بعد خطوات من تحركات الدكتور محمد البرادعي الذي يُطرح اسمه كمرشح محتمل لانتخابات الرئاسة العام المقبل. وأكد الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف أمس أن الحزب الوطني يؤمن بحق الأحزاب الأخرى في النقد و «نحن نستمع للأقلية ولكن ليس لها أن تفرض رأيها على الغالبية ليس بالصوت العالي أو الخروج عن قيم المجتمع»، مشدداً على أن «الفيصل في النهاية صندوق الانتخابات». وجاء حديث الشريف خلال الاجتماع الموسع الذي عقدته أمانتا الإعلام برئاسة الدكتور علي الدين هلال والشباب برئاسة المهندس محمد هيبه لتدشين وإطلاق حملة «عطاء الشباب» التي تستمر لمدة شهر بمشاركة أكثر من مليون شاب وفتاة يمثلون 29 محافظة على مستوى الجمهورية. في غضون ذلك، أكد مؤتمر «ائتلاف أحزاب المعارضة» الذي اختتم أعماله أمس ضرورة سعي المعارضة إلى تحريك الشارع بهدف فرض التغيير المنشود. لكن المؤتمر لم يقدّم أي إجراءات فعلية لضمان تنفيذ ما طالب به من إصلاحات دستورية وتشريعية تعطي حرية أكبر للترشح على مقعد رئاسة الجمهورية وتضمن انتخابات تشريعية ورئاسية نزيهة وشفافة. ولاحظ مراقبون أن ما تمخّضت عنه توصيات المؤتمر الذي افتتح أعماله السبت الماضي هي نفسها ما ظلت تدعو إليه الأحزاب قبل عشرات السنين من دون أن تلقى استجابة السلطة. إلا أن قادة الائتلاف المكوّن من الوفد والتجمع والعربي الناصري والجبهة الديموقراطية سعوا طوال مؤتمر صحافي عقدوه أمس - عرضوا فيه البيان الختامي والتوصيات - إلى نفي «تهمة» الابتعاد عن الشارع واعتبروا أن من يردد هذا الحديث يدور في كنف النظام الحاكم. ولم تبد الأحزاب الأربعة موقفاً واضحاً في شأن التنسيق مع المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور البرادعي، لكنها نفت أن تكون أسرعت في تنظيم مؤتمرها عن الإصلاح السياسي بعدما أثار البرادعي هذا الموضوع إثر عودته إلى القاهرة الشهر الماضي. وأكد رئيس حزب الجبهة الديموقراطية الدكتور أسامة الغزالي حرب أن موعد عقد المؤتمر - من السبت إلى الاثنين - كان مقرراً منذ خمسة أشهر إلا أن ظروفاً أرجأت عقده. وكان لافتاً أن أحزاب المعارضة رفضت في شدة التعاون مع جماعة الإخوان المسلمين التي يُنظر إليها في مصر على أنها أكبر فصيل معارض. ولم يتوقف رفض الأحزاب التنسيق مع «الإخوان» عند حد الاختلاف مع برنامج عمل هذه الجماعة بل راح إلى حد وضع رئيس حزب التجمع اليساري الدكتور رفعت السعيد جماعة «الإخوان» والحزب الوطني في خانة «معارضي (ائتلاف) الأحزاب الأربعة». والسعيد، المعروف عنه انتقاده الدائم ل «الإخوان»، قال في رده على أسئلة الصحافيين: «نحن (أي ممثلي الأحزاب الأربعة) نستطيع أن نقول إن الأحزاب تقف موقف المعارض (لكل من) الإخوان والوطني»، واعتبر أن من يتحدث عن غياب دور فاعل للأحزاب المعارضة الأربعة «يقف مع موقف النظام». وانتقد القيادي في الحزب الناصري نقيب المحامين السابق سامح عاشور ضمنياً رفض الدكتور البرادعي الحوار مع الأحزاب، وأكد أن الأحزاب الأربعة لا تقبل أن يفرض عليها أحد اطروحاته كما أنها لا ترغب في صدام مع أحد، وشدد على رفضه «القفز على الأحزاب». وأشار إلى أن الحديث عن الانتخابات الرئاسية ليس مطروحاً الآن «لأننا قد نصل إلى نقطة الانسحاب من الترشح وفي الوقت ذاته من الممكن أن نصل إلى اقتراحات وتوصيات تؤهل الجميع إلى الترشح على المقعد». وشدد عاشور على أن لا خلاف مع أحد خصوصاً «الجمعية الوطنية للتغيير» التي دشنها البرادعي لدى عودته إلى القاهرة. لكنه قال: «لا نقبل بأن يفرض علينا أحد قراراته، فنحن مؤسسات حزبية لا نستطيع أن نصدر قرارات فردية في اجتماعات فردية حتى نساير منطق الجمعية الوطنية، لدينا مطالب بالتغيير ومن يستطيع أن يصل إلى تحقيقها سنسانده... لكن ليس من الممكن أن تطلب من أحد أن يتخلى عن وسيلته من أجل الوصول إلى هذا الهدف». وشدد على أنه «لن يستدرجنا أحد لكي نكون ضده ولا أن نصطدم معه، فنحن أحزاب ملتزمة بلوائحها ومؤسساتها».