استمرت حملات التنديد في الخرطوم بعملية تفجير خط أنابيب النفط في عطبرة 275 كلم شمال شرقي الخرطوم. وبدا ان الخرطوم تتجه الى الطلب من القاهرة تسليم معارضين تبنوا عملية التفجير. علمت "الحياة" ان الحكومة السودانية تعدّ لتقديم طلب رسمي الى الحكومة المصرية من أجل استرداد الفريق المتقاعد عبدالرحمن سعيد، الناطق العسكري باسم "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض الذي أدلى بتصريحات تبنى فيها تفجير خط أنابيب النفط السوداني في عطبرة شمال شرقي الخرطوم قبل أيام. وأعلن رئيس هيئة التحقيق والمدعي العام عبدالناصر ونان ان الاتهام سيوجه الى عبدالرحمن وآخرين لمخالفتهم أحكام المواد 24 و25 و50 و51 و182 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991. وترى الحكومة السودانية ان اعتراف "التجمع" بمسؤوليته عن التفجير يعطيها الحق بمطالبة مصر بتسليم عبدالرحمن وآخرين من مسؤولي المعارضة. ولم يذكر وزير الداخلية السوداني اللواء عبدالرحيم محمد حسين مصر بالاسم. لكنه قال في تصريحات صحافية في الخرطوم ان عملية التفجير "ارهابية" وينطبق عليها الوصف الوارد في الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب التي وقعها السودان، و"من حقنا مطالبة الدولة التي يقيمون فيها بتسليمهم تمهيداً لمحاكمتهم جراء ما اقترفوه في حق الوطن". وأكد الوزير، في غضون ذلك، ان الحوار مع المعارضة سيستمر على رغم "جريمة التفجير"، لأن "الوفاق مبدأ" للحكومة. وأعلن تدابير لحماية خط أنابيب النفط من حقول جنوب غربي السودان الى ميناء البشائر على البحر الأحمر. وقال مسؤولون عديدون منهم وزير العدل علي محمد عثمان ياسين ان التحقيق في التفجير بدأ وستظهر نتائجه قريباً. كما أكدت الشركات العاملة في انتاج البترول السوداني وتصديره ان حادث عطبرة لن يؤثر في مسيرة عملها. وقال الأمين العام لوزارة الطاقة حسن محمد علي التوم ان الشركات العاملة لم تظهر أي ردود فعل سلبية بعد عملية التفجير، وأنها أبلغت الحكومة بالاستمرار في عملها وفقاً للاتفاقات الموقعة معها. وأضاف التوم "ان هذه الشركات تدرك ان مجال الاستثمار الحقيقي معرض للمخاطر". وسيبحث المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في اجتماعه خلال اليومين المقبلين قضية تفجير خط انابيب البترول، اضافة الى موضوع المصالحة السياسية والوفاق الوطني ومستقبلهما على ضوء التطورات الأخيرة. وعلى الصعيد نفسه، نفى مصدر في جهاز الأمن المعلومات التي أشارت الى اعتقال نجل رئيس الوزراء السابق الصديق الصادق المهدي. وقال: "تم استدعاء الصديق لسؤاله عن موضوع ما. وأخلي سبيله خلال الساعة نفسها". ولم يكشف سبب استدعائه. وواصلت القطاعات السودانية السياسية المؤيدة للحكومة والمعارضة لها اعلان شجبها لحادث الاعتداء على خط أنابيب البترول. وقال حسن ايوسبيب القيادي البارز في الحزب الاتحادي الديموقراطي الذي يتزعمه السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع المعارض ان الاعتداء على البترول السوداني عمل مرفوض. وطالب التجمع في الخارج بالاعلان عن ادانته للحادث. وكذلك فعل "حزب الأمة" المنشق عن رئيس الوزراء السابق، و"الحزب الاتحادي الديموقراطي" و"حزب مؤتمر وادي النيل" الذي يرأسه وزير الخارجية السابق الدكتور حسين سليمان أبو صالح. ووصف القياديان البارزان في حزب الأمة قريبان من الصادق المهدي الوزيران السابقان فضل الله ناصر وعبدالرحمن فرح نان حادث الاعتداء على خط النفط، واعتبرا انه "يصب في خانة الخيانة". وقالا ان الحكومة تكسب به تعاطفاً شعبياً أكثر. وطالبا بضرورة الاسراع بحل سياسي سوداني لكل مشاكل البلاد. واستمرت التظاهرات والمسيرات في المدن السودانية. وأعلنت ولايتا الخرطوم ونهر النيل استعدادهما لحماية خط أنابيب البترول بصورة شعبية وعسكرية من نقطة دخوله حدود الولايتين حتى خروجه منهما. على صعيد آخر استنكر قياديون بارزون في الحكومة ما وصفوه ب"تصريحات غير مقبولة" صدرت من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان يؤيد فيها التدخل الدولي في السودان لأسباب انسانية. وقال مكي علي بلايل وزير الطيران عضو المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، ان تصريحات انان لو صحت "ليس لها ما يبررها. وسجل السودان في مجال حقوق الانسان أفضل من غيره من بقية الدول. كما أن الخطروم اعلنت أكثر من مرة ترحيبها بلجنة تقصي حقائق عن حقوق الانسان في السودان". واتهم المسؤول السوداني حركة المعارضة السودانية وقال انها "تحرش المجتمع الدولي ضد ابناء بلدها". ويذكر ان كوفي انان كان دعا في خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة الثلثاء الى مساندة مجلس الأمن للتدخل انسانياً في السودان وسيراليون وافغانستان للحيلولة دون وقوع انتهاكات لحقوق الانسان. في غضون ذلك، أكد وكيل وزارة الخارجية السودانية الدكتور حسن عابدين ان تعثر اللجنة الأمنية السودانية - الاريترية المشتركة حال دون انعقاد اللجان السياسية والاقتصادية المشتركة. وقال عابدين ان اللجان الأمنية التي اجتمعت مرتين في كسلا واسمرا لم تتوصل الى اتفاق حتى الآن، مشيراً الى أن تعثرها حال دون تقدم الملفات الأخرى.