كل شيء للبيع في شبكة الانترنت. عدد المعروضات في موقع واحد يقرب من ثلاثة ملايين، وفيه كل ما يخطر ولا يخطر على البال، من الكتب القديمة والملابس المستعملة، الى الطيور والسلاحف، وحتى الأطفال والأعضاء البشرية، مروراً بالمنازل والطائرات والدبابات والمدافع. تعامل موقع سوق مزاد واحد على الانترنت بأكثر من 11 بليون دولار منذ إنشائه عام 1995. ما مستقبل سوق الانترنت، وهل يكتب لها البقاء؟ وهل صحيح ما يقوله بعض علماء الاقتصاد انها تحقق العودة الى منطلقات الاقتصاد الرأسمالي حول حرية السوق؟ وهل تستمر في تحقيق لقاء البائع والمشتري مباشرة من دون وسيط واعلانات وقنوات توزيع، أم سرعان ما ستسيطر عليها الاحتكارات والشركات الضخمة؟000هذه الأسئلة تناقشها مراكز الأبحاث والجامعات وتؤلف حولها الكتب والاستقصاءات. مزاد الكلية هل عندك صورة للمغنية الأميركية جوان باييز عندما كانت تعيش مع اسرتها في الستينات في بغداد؟ هناك مشتر. أو ترغب في اقتناء سخان روسي "ساماوار" مصنوع في القرن الثامن عشر؟ هناك من يبيع. هل تعرض للبيع مجموعة مجلات قديمة من العشرينات، أو روايات بوليسية مطبوعة في الثلاثينات، لعب أطفال قديمة من الخمسينات، أغلفة علب كبريت من الأربعينات؟ يبلغ عدد المعروضات التي تطرح في اليوم الواحد في موقع بيت المزاد العلني eBay ربع مليون في المعدل. وهناك راغبون في بيع أو شراء كل شيء من المهملات المنزلية والملابس المستعملة الى الأطفال والكلى البشرية. في الشهر الماضي عرض شخص أميركي من ولاية فلوريدا اسمه هشيرو Hchero كليته للبيع. وطلب هشيرو، وهو اسم مستعار على الأكثر مبلغ 25 ألف دولار، وأوضح أن المعروض "كلية واحدة طبعاً، فأنا أحتاج الكلية الاخرى للعيش". وأزال بيت المزاد الاعلان بسرعة عندما انتبه الى مخالفته للقانون الأميركي الذي يعاقب بالسجن أو الغرامة كل من يتاجر بالأعضاء البشرية. لكن سعر الكلية كان قفز في المزاد خلال ذلك الى 3 ملايين و700 ألف دولار. واعتذر بيت المزاد للخطأ غير المقصود، ووعد أن لا يفعل ذلك في المستقبل. لكن الاعتذار والوعد لم يوقفا عروض بيع مماثلة، حيث عُرضت خلال أيام كلية للبيع بمبلغ أولي يبلغ 4 ملايين دولار، وأعقبها عرض لبيع كبد بشري، قال عنه البائع "إنه كبد طازج أزيل من شاب عمره 25 سنة فقط ومحفوظ في براد الجامعة...لقطة ثمينة لكثير من المواطنين الذي يعانون بسبب الادمان على الكحول". واقيمت ثلاثة مزادات لبيع أطفال كان أحدها لطفل قبل الولادة. لكن الإقبال على بشر كاملين كان أقل مما على قطع الغيار البشرية. فسعر الطفل لم يرتفع في المعدل عن نحو 100 ألف دولار. الرأسمالية الأصلية والمثير في هذه الظاهرة ليس غرابة بعض المعروضات، بل قابلية كل شيء للبيع في سوق مزاد الانترنت. لا شيء هنا غير قابل للبيع، وهناك راغبون في شراء حاجيات قديمة يرميها الناس عادة أو يلقونها في صناديق منسية ضمن مهملات المنزل. يشجع على انتشار التجارة في الانترنت سلامة التعامل في هذه السوق، حيث بيّن استقصاء قامت به "كلية لندن للاقتصاد" أن 7 فقط من 167 ذكروا أنهم تعرضوا الى المشاكل خلال تعاملهم مع مزاد الانترنت. وأهمية التجارة في الانترنت، بالنسبة لبعض علماء الاقتصاد ليس في بلايين الدولارات التي تحققها، بل في إعادة حرية السوق، حسب ادعاء بعض الأكاديميين البريطانيين. هذا هو رأي الدكتور داني كوى الاستاذ في كلية لندن للاقتصاد المرموقة. ويعتقد الدكتور كوى أن الانترنت ستعيد كتابة منطلقات للرأسمالية. فزوال الحواجز والقيود وسرعة العمليات وقنوات الاتصال الأكثر وضوحاً تتيح للبائعين والمشترين في الانترنت عقد الصفقات بشكل يلغي كثيراً من نواقص الرأسمالية وضروب عدم مساواتها. وتلغي سوق الانترنت ببساطة الحاجة الى الرأسمال المطلوب لايجاد مشترين والاعلان عن البضائع وتوزيعها. لكن ليس هناك اتفاق بين الأكاديميين على هذا الرأي. من بين المعارضين الدكتوره مونيكا سيلي من كلية الإدارة في "إمبريال كوليج" في لندن، التي تعتقد أن سوق الانترنت "فقاعة هائلة ستنفجر وتسبب الكثير من الدموع". إلاّ أن الموضوع "ونسه" بالنسبة لمؤسس أكبر بيت مزاد على الانترنت. فهدف بيير اوميديار عندما أسس eBay كان إشباع هوس صديقته بنوع معين من الحلوى السكرية. ولم يخطر في ذهنه حتى في الأحلام أن حجم السوق التي ستحققها شركته الموجودة في سان خوزيه ولاية كاليفورنيا سيبلغ 11 بليون دولار خلال 4 سنوات فقط. ولا يتقاضى مزاد الانترنت eBay سوى اجور بسيطة من البائعين، لكن قدراته المالية جعلته يشتري أكبر بيت حقيقي للمزاد في سان فرانسيسكو. وازداد عدد دور المزاد في الانترنت بسرعة نمو الفطر. وأعلنت أخيراً دور مزاد رفيعة تتعامل مع التحف الثمينة مثل "كريستي" و"سوذبي" عن مشاريع لفتح فروع على الانترنت. مواقع المزاد الكبرى على الشبكة العالمية: أكبر موقع متخصص ببيع كل شيء: www.ebay.com موقع مزاد بريطاني متخصص ببيع قطع غيار الكومبيوتر: www.cpd.com موقع مزاد الكتب: auctions.amazon.com