اطمأن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الى أن شعبيته لم تتأثر بحملة أحزاب المعارضة مجلس التنسيق الأعلى بزعامة الحزب الاشتراكي على سياسات الحكم في ادارة عملية الانتخابات الرئاسية المقررة في 23 الشهر الجاري بعد اقصاء مجلس النواب مرشح المعارضة علي صالح عباد مقبل الأمين العام للحزب الاشتراكي من المنافسة. وكانت المعارضة اعتبرت هذه الانتخابات بلا معنى ديموقراطي وخالية من كل مفاهيم التنافس اذ انحصرت المنافسة بين الرئيس علي صالح ونجيب قحطان الشعبي ينتمي إلى الحزب الحاكم، المؤتمر الشعبي بزعامة الرئيس. وعلى رغم اعتبار علي صالح أن مقاطعة أحزاب المعارضة الانتخابات لا تساوي شيئاً، أثارت هذه الأحزاب قلق المؤتمر الشعبي، وبادر الرئيس اليمني الى قيادة حملته الانتخابية في عدد من المحافظات الشمالية ذات الكثافة السكانية الحديدة وتعز وإب وذمار بالاضافة الى صنعاء ومحافظتي عدن وحضرموت في الجنوب اللتين يعتقد علي صالح أن أحزاب مجلس التنسيق الأعلى، وبخاصة الحزب الاشتراكي تراهن عليهما في مقاطعة الانتخابات. وكان هدفه هو قياس شعبيته كرئيس لأكثر من 21 سنة شهد خلالها اليمن أحداثاً ومتغيرات كبيرة وخطيرة، وكذلك قياس تأثير خطاب المعارضة على أبناء المحافظات الجنوبية، وهو الخطاب الذي يتحدث عن "الضم والالحاق وعسكرة المحافظات الجنوبية والتراجع عن الديموقراطية واثارة التعصبات القبلية، وتدهور الأوضاع المعيشية في الشمال والجنوب وتفشي الاختلالات الأمنية والجريمة، وضعف هيبة القانون". ويبدو أن الرئيس اليمني مقتنع بأن نتائج الانتخابات ستكون لمصلحته، وهو كما أعلن في مهرجاناته يطمح الى ارساء "تقاليد ديموقراطية" بانتخاب رئيس للجمهورية للمرة الأولى عبر التصويت الشعبي. ولعل الأعداد الكبيرة من المواطنين التي خرجت لتأييد علي صالح في مهرجاناته الانتخابية في محافظات الحديدة وتعز وعدن وحضرموت وإب، عكست شعبيته جماهيرياً أكثر من شعبية حشدتها أحزاب التحالف الوطني المؤيدة لترشيحه. وسيواجه في ولايته المقبلة ملفات عدة في مقدمها تخفيف الأعباء المعيشية وتحسين الأوضاع الاقتصادية والحد من الفساد المالي والاداري في مفاصل الدولة وانهاء حال الفوضى في كل القطاعات وفتح مجالات الاستثمار، والحد من تأثير مراكز النفوذ الاجتماعي والاقتصادي والقبلي والعسكري. وأياً يكن رأي أحزاب المعارضة المنضوية في مجلس التنسيق الأعلى في تعاطي الحكم مع الممارسة الديموقراطية في اليمن، فان مسؤوليتها تبدأ من تقويم جدي لتجربتها كأحزاب أو كجبهة معارضة، والاستفادة من دروس الماضي ومتغيرات الأحداث التي شهدتها البلاد منذ الوحدة عام 1990، وكذلك من الحيز المتاح للممارسة الديموقراطية، وتوسيعه بخطاب يعتمد على ترجمة قضايا الناس، وطرح برامج تلبي التطلعات الشعبية، وبالتالي تكون البداية تفعيل الممارسة الديموقراطية داخل هذه الأحزاب وتجديد دمائها وبرامجها إذ يمكنها أن تتحول من ظاهرة اعلامية الى قوى تفرض وجودها وتأثيرها على القرار السياسي وتوجهات الرأي العام، وتستفيد من عملية اختبار صدقية الرئيس علي صالح في إرساء أسس دستورية وديموقراطية لتبادل السلطة عبر صناديق الاقتراع.