شهد إجتماع لهيئة الشورى في "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان، استمر حتى وقت متأخر مساء أمس، نقاشاً حامياً حسم صراعاً يشهده الحزب الحاكم منذ تسعة أشهر في شأن قيادته. وبات منتظراً أن تتقدم الهيئة، وهي أعلى هيئات الحزب، باقتراح الى المؤتمر التأسيسي الذي يعقد بين 6 و9 تشرين الاول أكتوبر المقبل يقضي بتولي الامين العام الدكتور حسن الترابي رئاسة الهيئة القيادية للحزب المسؤولة من قيادة العمل السياسي في البلاد. ولم تصدر النتائج النهائية للاجتماع حتى وقت متقدم من ليل أمس. واضطر الخلاف الحاد أعضاء لجنة كلفت تقديم اقتراحات في شأن تعديل النظام الاساسي للحزب الى طرح تسوية تحتفظ للرئيس عمر البشير بمنصب رئاسة الجلسات العامة للمؤتمر وترشيحه لدورة رئاسية ثانية بحلول الانتخابات الرئاسية المقبلة في نيسان أبريل 2001. وأفادت مصادر مطلعة تتابع الاجتماعات التي ترأسها رئيس الهيئة الدكتور احمد علي الامام، أن اللجنة تبنت الاقتراح وكان متوقعاً ان تجيزه هيئة الشورى التي تضم 600 عضواً. وقضى الاقتراح بأن يكون "الامين العام هو رئيس الهيئة القيادية للمؤتمر الوطني التي تتألف من 60 عضواً ينتخب 20 منهم مباشرة من هيئة الشورى وتضم الامين العام ونوابه ورئيس الجمهورية ونوابه وولاة الولايات وأمناء الحزب في الولايات بالتناوب، وستة أعضاء تختارهم". وتكرس هذه الصيغة سيطرة الترابي على الهيئة التي ستكون مسؤولة عملياً عن القرار السياسي في البلاد، وسيصبح من اختصاصها الموافقة على اختيار نواب الرئيس والوزراء والمسؤولين الدستوريين قبل طرح تعيينهم امام البرلمان. وناقش الاجتماع الذي وضع جدول اعمال المؤتمر الاول للحزب الحاكم في ظل قانون الاحزاب، الذي عرف باسم "قانون التوالي السياسي"، سبعة اوراق شملت قضايا العلاقات الخارجية والنظام السياسي والنظام الاساسي الاقتصاد والثقافة والمجتمع ولائحة تنظيم اعمال المؤتمر العام. وشكل لجاناً عدة بينها لجنة النظام الاساسي التي شهدت جدلاً حاداً بين انصار "مذكرة العشرة" ومعارضيها. واندلع الخلاف في كانون الاول ديسمبر الماضي حين طرح عشرة قياديين في الدولة والحزب مذكرة عرفت باسم "مذكرة العشرة" في الاجتماع السابق لهيئة الشورى. ونجح العشرة في تقليص صلاحيات الترابي بتشكيلهم مكتباً قيادياً برئاسة البشير. وسارت الاحوال خلال الفترة الماضية في ظل صراع هدد بانشقاقات، لكن مساعي بذلها وسطاء من داخل التنظيم مكّنت من التوصل الى الصيغة الجديدة التي تعطي الترابي قيادة العمل السياسي وتمنح البشير رئاسة الجمهورية. وبدا ان العشرة منوا بخسارة كبيرة في اجتماع أمس الذي اعاد الوضع الى ما كان عليه قبل مذكرتهم وزاد بأن منح الترابي تفويضاً صريحاً.