غزة، بيروت - "الحياة"، أ ف ب، د ب ا - أنهى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امس زيارة لغزة هي الاولى التي يقوم بها زعيم دولة خليجية لمناطق الحكم الذاتي الفلسطيني والتي غلب عليها طابع التضامن المعنوي. وسارع الشيخ حمد الذي وصل على متن طائرته الخاصة على رأس وفد رفيع الى تأكيد حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولة وعاصمتها القدس. وقال في بيان مكتوب وزع على الصحافة ان زيارته "تأتي تضامناً من دولة قطر مع شعب فلسطين الصديق وتأكيداً على مواصلة دعمها له في مسيرته النضالية السلمية ... لاستعادة ارضه ونيل حقوقه الشرعية الثابتة وعلى رأسها حقه في تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس". واضاف: "اننا ندعو اسرائيل مجددا الى تلبية نداء المجتمع الدولي كله وتنفيذ الالتزامات في اطار عملية السلام". وقال الشيخ حمد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس ياسر عرفات: "علاقتنا معكم قديمة وستظل قوية وجئنا الى دولة فلسطين ونتمنى لعملية السلام الاستمرار بفضل حكمتكم". واضاف: "نحن مع الشعب الفلسطيني منذ النكبة التي حلت بفلسطين ومساعدتنا دائما على قدر الامكانات وبإذن الله سنقدم مساعدات اضافية"، من دون اعطاء تفاصيل اخرى، فيما كانت التوقعات في غزة تشير إلى مساعدات قطرية مادية تشمل احتمالات التوصل إلى اتفاق في شأن تزويد المناطق الفلسطينية الغاز القطري. واعرب عرفات عن سروره البالغ لزيارة ضيفه، وقال: "هذه لمسة اخوية طيبة من سمو الامير ان يأتي زائراً فلسطين مما يعني الكثير سياسياً وقومياً وعربياً واسلامياً". وشدد الشيخ حمد على أهمية المسارين السوري واللبناني، وقال انه "لا يمكن احلال سلام دائم وشامل في المنطقة من دون حلهما حلاً عادلاً استناداً الى قرارات الشرعية الدولية". يذكر أن قطر نظمت مؤتمرا اقتصادياً دولياً حضرته إسرائيل وقاطعته غالبية الدول العربية والفلسطينيون خلال فترة حكم بنيامين نتانياهو المتشدد، فيما لم تقم علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل لكنها سمحت بفتح مكتب تجاري إسرائيلي في الدوحة. وقال الشيخ حمد في معرض رده على سؤال عن قضية المكتب: "بالنسبة الى المكتب التجاري الاسرائيلي اعتقد انه لن يؤثر على العلاقة بيننا وبين الفلسطينيين. وكما تعرفون أن هناك دولاً عربية لديها سفارات ولديها تطبيع كامل مع إسرائيل، واعتقد بأن هذا لم يؤثر على علاقتها مع فلسطين حسبما أعرف". ويرافق أمير قطر وفد يضم رئيس الوزراء وزير الداخلية، ووزراء الخارجية والدولة والصحة العامة. وقال عضو المجلس التشريعي الفلسطيني حاتم عبدالقادر بوصفه عضواً ومنسقاً للجنة الفلسطينية - القطرية لدعم القدس، إن المحادثات ستؤدي إلى تفعيل عمل اللجنة التي من المنتظر أن تعقد "اجتماعاً لها في مدينة القدسالمحتلة في تشرين الأول أكتوبر المقبل لمناقشة عدد من المشاريع لدعم المدينة المقدسة". وكان الرئيس الفلسطيني في استقبال الامير الذي وصل على متن طائرته الخاصة. وتوجه الشيخ حمد برفقة عرفات الى مكتب الرئاسة في مدينة غزة حيث عقدا جلسة محادثات قبل ان يقيم عرفات مأدبة غداء تكريماً له. وضمت جلسة المحادثات أعضاء الوفدين الفلسطينيوالقطري، تلتها جلسة محادثات منفردة استمرت زهاء الساعة، سبقتها مراسم تبودلت خلالها الهدايا التذكارية. ورفعت في غزة اعلام قطرية ولافتات تشيد بزيارة الأمير وتقول: "أهلا بكم في فلسطين". وكانت قطر ثاني دولة عربية بعد عمان تفتح بعثة ديبلوماسية لها في غزة عام 1996 اثر بدء تطبيق الحكم الذاتي. وغادر أمير قطرغزة متوجهاً الى لبنان ضمن جولته التي ستشمل ايضاً الجزائر والمغرب. وعلى هامش الزيارة، افتتح رئيس الوزراء القطري الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني بحضور مسؤولين فلسطينيين مبنى تابعاً للجامعة الاسلامية في غزة شيد بمساعدة مالية قطرية بلغت نحو 600 الف دولار اميركي. من جهة اخرى، ذكرت مصادر مطلعة ان أمير قطر التقى ممثلين عن قوى المعارضة الفلسطينية خصوصاً الزعيم الروحي ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس الشيخ احمد ياسين، اضافة الى ممثلين عن الجبهتين الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين وفصائل اخرى. وعقد امير قطر لقاء قصيراً مع الشيخ ياسين اعرب خلاله عن امله في ان يعم السلام المنطقة سريعاً. ووصفت المصادر هذه اللقاءات بأنها "لقاءات مجاملة". وقال الدكتور محمود الزهار الناطق الرسمي باسم الحركة ان اللقاء الذي لم يحضره عرفات لم يتطرق لأي من القضايا السياسية وإنما اقتصر على بعض الكلمات الترحيبية. وأشارت مصادر مطلعة أن لقاء أمير قطر مع قادة المعارضة الذي لم يكن مقرراً خلال الزيارة "ولم يستحسنه عرفات" كان من قبيل الوفاء بالوعد من الأمير القطري لشيخ "حماس" الذي كان زار قطر قبل نحو عامين واستقبله الأمير "ووعده بزيارة فلسطين". والى بيروت وصل الشيخ حمد في أول زيارة لزعيم عربي للبنان منذ تولي الرئيس أميل لحود مهمات منصبه. وجرى لأمير قطر، في مطار بيروت استقبال رسمي، شارك فيه الى لحود، رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سليم الحص، والوزراء والسفراء العرب المعتمدون في لبنان وقادة الأجهزة الأمنية اللبنانية. واجرى لحود والشيخ حمد في قصر بعبدا محادثات ثنائية مغلقة، قبل ان تصبح موسّعة، في حضور الرئيس الحص والوزراء ميشال المر وميشال موسى وسليمان طرابلسي ونجيب ميقاتي والأمين العام لوزارة الخارجية السفير ظافر الحسن ومدير الشؤون السياسية في الوزارة السفير ناجي ابي عاصي وسفير لبنان لدى قطر عفيف أيوب، وأعضاء في الوفد القطري المرافق. وقالت مصادر حكومية ان المحادثات اللبنانية - القطرية تناولت العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، ومجموعة مواضيع كان طرحها الحص خلال زيارة للدوحة قبل أشهر، تتعلق بتعزيز التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وأكدت المصادر ان "لبنان جاهز للاستماع الى ما سيطرحه الجانب القطري في هذا المجال". وأضافت ان المحادثات ستشمل ايضاً عملية السلام في المنطقة في ضوء استئناف المفاوضات، وستؤكد الموقف العربي لمواجهة الضغوط والمناورات الاسرائىلية. ومساء، أقام الرئيس لحود عشاء في قصر بعبدا على شرق أمير قطر الذي سيجري اليوم محادثات مع الرئيس الحص، على ان يلقي غداً الثلثاء كلمة أمام البرلمان اللبناني قبل ان يغادر الى الجزائر ومن ثم المغرب.