قال أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ان "لا حل للصراع العربي - الاسرائيلي ولا سلام في المنطقة الا من خلال تسوية شاملة ودائمة وعادلة". واعتبر ان "استئناف العملية السلمية يجب ان يقترن بخطوات ملموسة تثبت حسن نوايا الجانب الاسرائيلي واستعداده الصادق للوفاء بالاتفاقات التي تم التوصل اليها". ودعا الى "انسحاب اسرائيلي كامل من الجولان السوري حتى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967 ومن جنوبلبنان وبقاعه الغربي من دون شروط. الأمير القطري ألقى كلمته من على منبر المجلس النيابي اللبناني امس تلبية لدعوة رئيس المجلس نبيه بري وفي حضوره ومشاركة رئيس الحكومة سليم الحص ووزراء والديبلوماسيين العرب والوفد القطري المرافق في جلسة عامة خصصها المجلس للاستماع الى كلمته قبيل 4 ساعات على مغادرته لبنان الى الجزائر بعد ثلاثة ايام على زيارته الرسمية الىه. ونوّه الأمير حمد في كلمته "بما انجزه اللبنانيون على صعيد الانماء والبناء والاعمار، وبالتراث الديموقراطي وبالخبرة والبرلمانية والتغلب على الشدائد وبالصمود". وأشاد "بأبناء الجالية اللبنانية في قطر". وقال "اننا نتطلع دائماً الى ان علاقاتنا الوطيدة والمتميزة ستسير قُدماً الى الامام، وستشتمل على المزيد من اوجه التعاون، للمساهمة في تشجيع الاستثمارات المالية والتجارية المتبادلة، وتنشيط الحركة السياحية". ولفت الأمير القطري الى ان "منطقتنا العربية تقف اليوم على مفترق طريق حاسم، وأمامنا تحديات وتهديدات مصيرية، علينا ان نتكاتف ونتضامن في مواجهتها، وأن نتوصل الى صياغة الاسس والثوابت التي بات لا غنى عنها للنهوض في استراتيجية عربية موحدة، تقوم على ركيزة المصالح والاهداف المشتركة التي يجب ان تجمعنا في مجابهة المصاعب". واذ شدد على "اهمية تعزيز العمل العربي المشترك من اجل معالجة الازمات والنزاعات التي لا تزال تعصف بنا، وعلى رأسها الصراع العربي - الاسرائيلي وقضيته المركزية، قضية فلسطين"، أكد "انه لا حل لهذا الصراع ولا سلام في المنطقة، الا من خلال تسوية شاملة ودائمة وعادلة تقوم على اسس ومبادئ الشرعية الدولية وقرارات الاممالمتحدة، وبالاستناد الى الركائز التي قامت عليها عملية السلام، وفي مقدمتها مبدأ الارض مقابل السلام، وهذا يعني، في نظرنا، تطبيق قرارات مجلس الامن الدولي 242 و338 و425 وانسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي العربية التي تحتلها". وقال "يتضح حالياً انه بعد سنوات عدة من الجمود والشلل على صعيد العملية السلمية والمسيرة التفاوضية، ان ثمة آمالاً الآن، بدأت تظهر، لعبت المقاومة الباسلة في الجنوباللبناني دوراً فاعلاً في تعجيلها". وأكد "على اهمية توافر الظروف المواتية لإعادة تنشيط هذه العملية واستئناف المفاوضات على مساراتها اللبنانية والسورية والفلسطينية، ونأمل ان تتوصل هذه المسارات الى نتائجها المنشودة، لكننا نعتبر ان السلام الحقيقي لا بد ان يعني، انسحاب اسرائيل الكامل من الجولان السوري، حتى حدود الرابع من حزيران 1967، وانسحابها الكامل والفوري وغير المشروط من جنوبلبنان وبقاعه الغربي، واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه السياسية والوطنية المشروعة، بما في ذلك حقه الطبيعي في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، داعين في الوقت نفسه الى تكريس الجهود لنعود بها كما كانت عبر مسيرتها الطويلة مدينة تنبض بالحياة وتؤدي دورها المعهود وان كنا نرى ان تحقيقه ليس بالامر السهل ولكن الطريق طويل". واعتبر ان "استئناف العملية السلمية، يجب ان يقترن بخطوات ملموسة، تثبت حسن نوايا الجانب الاسرائيلي واستعداده الصادق للوفاء بالاتفاقات والالتزامات التي تم التوصل اليها، على المسارات كافة خلال مراحل المفاوضات السابقة". ووجه "تحية تقدير واكبار الى المقاومة اللبنانية الباسلة في الجنوب والبقاع الغربي، هذه المقاومة التي نعتبرها عملاً بطولياً مشرفاً، وحقاً مشروعاً وطبيعياً، مثلما هو حق كل الشعوب في المقاومة من اجل تحرير اراضيها والدفاع عن وطنها وكرامتها". ورأى ان "السلام في نظرنا، لا يمكن ان يكون من جانب واحد، وفوائده لن تقتصر بدورها على طرف من دون آخر، ولهذا فإننا نتطلع بصدق الى اليوم الذي نرى فيه السلام الحقيقي، الشامل، العادل، والمتوازن، وقد حل في هذه المنطقة، ليصبح في مقدورنا عندئذ ان نتحدث عن فوائده ومنافعه، من أمن واستقرار وتعاون ورخاء وازدهار، لدول المنطقة وشعوبها كافة". وتطرق الأمير القطري الى "ازمة العراق التي تثير القلق والترقب في نفوسنا، والمعاناة القاسية التي يعيشها شعبه العربي العزيز، مع ضرورة تنفيذ الحكومة العراقية للقرارات الدولية". ورأى ان "الوقت حان للخروج من هذه الازمة وإيجاد حلول ناجحة لها، بما يكفل ازالة المعاناة والمحافظة على وحدة العراق وكيانه". ودعا الى "ضرورة تسوية الخلافات والنزاعات بالوسائل السلمية والديبلوماسية ومن خلال المفاوضات المباشرة او اللجوء الى التحكيم الدولي". وأكد "اننا في سعينا هذا لا نرمي الى اكثر من تحقيق التعاون العربي البناء وارساء قواعد الامن والاستقرار، وتركيز الجهود والطاقات لمجابهة ما يفرضه علينا عالمنا المتغير، من تحولات وتبدلات متسارعة". وكان الرئيس بري ألقى كلمة رحب فيها بالأمير حمد وبصحبه في بلده الثاني لبنان لأنكم اول رئيس عربي يزور البرلمان اللبناني". وقال ان "هذه الزيارة تشكل دعماً معنوياً"، منوهاً "بالنمو المتزايد الذي شهدته قطر في عهدكم الميمون، نسجل لسموكم مبادرتكم الدستورية لتطوير الحياة السياسية في بلدكم". وقال "لكن لا بد من التأكيد ان تعزيز آليات العمل الديموقراطي وزيادة مساحة الحرية هي استثمار اكثر من السلاح الذي نشتريه في الخليج العربي وهو استثمار في محله". وخاطب الأمير القطري بالقول ان "لبنان الذي وُعد بالترافق مع اتفاق الطائف بإنشاء صندوق عربي - دولي لمساعدته على مواجهة التنمية العلاجية، الهادفة لإزالة آثار الفتنة وحروب اسرائيل ضد لبنان، قد خذل تماماً كما ان قرارات القمم العربية السابقة لدعم لبنان لم تنفذ، وعليه تُرك لبنان وحيداً لمواجهة استحقاق سلامه الداخلي لولا دور سورية المميز والدائم حتى في ما تدمّره اسرائيل". وتمنى على الشيخ حمد "اتخاذ المبادرة تأسيس صندوق عربي لمساعدة لبنان لتخفيق ديونه او محوها". وقال ان "زيارتكم تؤكد لأشقائنا في العالم العربي وفي دول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً، ان لبنان يمثل ضرورة عربية، وفرصة مستمرة للاستثمار وعنصر قوة اقتصادية في نظامه العربي. وتؤكد ان اشقاءنا العرب وفي الطليعة قطر معنيون بتطورات صورة المشهد الشرق اوسطي الذي يمس اشقاءهم في لبنان وسورية وعلى خلفية الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة". ورأى بري ان "شيئاً لم يتغير في الممارسة الاسرائيلية لسياسة العدوان مع الطاقم الجديد الذي يحكم اسرائيل الآن". وقال ان "ضغط كرة النار الجوية الاسرائيلية على لبنان قد ازداد، مؤكداً على "علاقة المصير والمسار المشترك مع الشقيقة سورية لأنها تمثل حاجة لبنانية وعنصر التوازن اللبناني مقابل القوة الاسرائيلية الغاشمة". وقال ان لا مصالحة عربية - اسرائيلية الا ان تسبقها مصالحات عربية - عربية. وإن قطر مدعوة لتقديم مساهمة جدية في عملية انضاج واخراج مشروع السوق العربية المشتركة". وكان الأمير القطري استهل لقاءاته امس باستقباله في مقر اقامته في "الفاندوم" رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يرافقه عضو قيادة الحزب غازي العريضي والمدير العام السابق لوزارة المهجرين هشام ناصر الدين. وكانت مناسبة شكر فيها جنبلاط الأمير القطري على "الهبة القطرية التي قدمت لوزارة المهجرين خلال السنوات الماضية"، كذلك تم "عرض للاوضاع السياسية في لبنان". وغادر الأمير القطري بعد الظهر الى الجزائر وكان في وداعه رئيس الجمهورية إميل لحود والحص ووزراء وسفراء. لحود وأعرب الرئيس لحود عن سروره "الكبير بزيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى لبنان واعتزازه بالدور الايجابي الذي تقوم به دولة قطر". وثمّن "الجهود التي يبذلها عبر التوجيهات التي اعلن عنها حديثاً بهدف وضع دستور دائم لدولة قطر وتعزيز المشاركة الشعبية". وشكره على الرعاية والاهتمام اللذين تلقاهما الجالية اللبنانية في قطر. وأثنى الشيخ حمد، من جانبه، على "دور لبنان الرائد سياسياً واقتصادياً وثقافياً" مشيداً بقدرة اللبنانيين على تجاوز الصعاب والانطلاق بقوة اكبر اثر كل ازمة". واعتبر ان "مقاومة الشعب اللبناني البطولية للاحتلال الاسرائيلي امر تضمنه كل الشرائع والمواثيق الدولية". وأعرب "شكره وتقديره للحود والحكومة والشعب اللبناني الشقيق على حسن استقباله". ووجه دعوة الى الرئيس لحود لزيارة دولة قطر، فقبلها لحود شاكراً على ان يحدد موعدها في موعد لاحق. ولدى مغادرته بيروت، ابرق الأمير القطري للرئيس لحود معرباً عن شكره وتقديره لما لمسه من حفاوة وتكريم بالغين عكسا ما يتحلى به لبنان من اصالة وطيبة وكرم. وجاء في البرقية: "لقد سعدنا بلقائكم شخصياً خلال هذه الزيارة والتشاور معكم في بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين". وحيا الأمير الشعب اللبناني مؤكداً وقوفه الى جانبه حتى تحرير الاراضي اللبنانية كافة من الاحتلال الاسرائيلي. بيان مشترك وصدر بيان مشترك عن الجانبين اللبنانيوالقطري في ختام الزيارة اعربا فيه عن ارتياحهما العميق "للتطور الذي تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين على الصعد كافة وتوسيع مجالات التعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية منها. وشددا على "ضرورة تفعيل آليات التعاون بين المؤسسات الرسمية والخاصة في لبنان ودولة قطر بما يحقق الارادة المشتركة للبلدين في تعزيز العلاقات القائمة بينهما وتنميتها الى اقصى قدر ممكن". واستعرضا الاوضاع على الساحة العربية وجددا تمسكهما "بالتضامن العربي بما يكفل حماية مصالح الامة العربية واسترجاع حقوقها المغتصبة". وأجرى الجانبان تقويماً شاملاً لتطورات عملية السلام في الشرق الاوسط وأكدا تمسكهما بتحقيق السلام العادل والشامل وفق القرارات الدولية ومبدأ الارض مقابل السلام بما يضمن انسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي المحتلة في الجنوب والبقاع الغربي والجولان وتأمين حقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس.