توسعت المملكة العربية السعودية في اصدار السندات الحكومية لتأمين السيولة السنة الجارية في الوقت الذي قلصت فيه الاقتراض المباشر من المصارف المحلية، متوقعة على ما يبدو استمرار تحسن اسعار النفط في الامد البعيد. وقال مصرفيون في السعودية ان اتجاه الحكومة الى اصدار مزيد من سندات التنمية يعكس تحولها من الاقتراض القصير الاجل الى القروض طويلة الاجل. وقال مصرفي طلب عدم ذكر اسمه في اتصال اجرته معه "الحياة" ان هناك "انخفاضاً في القروض المباشرة التي قدمتها المصارف التجارية السعودية الى الحكومة في الاشهر الخمسة الاولى من السنة الجارية في حين سجلت قيمة السندات التي اصدرتها في تلك الفترة نمواً كبيراً". واضاف ان "هذا يعكس الى حد ما توجها الى الاقتراض طويل الاجل، ما يعني ان الحكومة تتوقع ارتفاعاً في الايرادات المالية في المدى البعيد". واظهرت احصاءات رسمية في السعودية ان اجمالي القروض المباشرة التي قدمتها المصارف الى القطاع العام تراجع بنسبة 12.8 في المئة الى نحو 19 بليون ريال خمسة بلايين دولار بنهاية أيار مايو الماضي من 24 بليون ريال 6.4 بليون دولار مطلع السنة الجارية. اما الاقتراض عبر السندات الحكومية فقد ارتفع بنسبة 21.3 في المئة الى 107 بلايين ريال 28.5 بليون دولار من 88 بليون ريال 23.4 بليون دولار. وقال مصرفي آخر: "هذا التوجه يساعد في عملية النمو الاقتصادي اذ ان السندات تشكل ادوات استثمار مهمة للقطاع المصرفي". وتوقع مصرفيون ان تواصل الحكومة تخفيف اعتمادها على الاقتراض من المصارف في النصف الثاني من السنة الجارية بعد التحسن الاخير في اسعار النفط نتيجة قرار منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك في آذار مارس الماضي خفض الانتاج لإزالة الفائض من السوق. وأشاروا الى ان ايرادات السعودية، اكبر منتج ومصدّر نفطي في العالم، ستنمو باكثر من 20 في المئة سنة 1999 على اساس ارتفاع متوسط الاسعار بنحو 30 في المئة الى 15.5 دولار للبرميل مقابل 11.7 دولار عام 1998. وقدرت مصادر اقتصادية ومصرفية تلك الايرادات بنحو 40 بليون دولار، اي بزيادة تصل الى ثمانية بلايين دولار عما هو متوقع في موزانة سنة 1999. ودفع تحسن اسعار النفط الحكومة اخيراً الى صرف مستحقات للمزارعين والمقاولين المحليين بلغت اكثر من بليون دولار. ويتوقع ان تسدد دفعات اخرى في الاشهر المقبلة نظراً لتوقع بقاء اسعار النفط مرتفعة في الربع الاخير. وبينت احصاءات مالية ان القطاع المصرفي استفاد من التوسع في السندات الحكومية، اذ ارتفعت الارباح الصافية للمصارف الاحدى عشر في السعودية بنسبة 6.7 في المئة الى اربعة بلايين ريال 1.06 بليون دولار في النصف الاول من السنة الجارية من 3.7 بليون ريال بليون دولار في النصف الاول من العام الماضي. وبعكس قروضها المباشرة للقطاع العام، ارتفعت قروض المصارف للقطاع الخاص بنسبة 10.4 في المئة الى 149 بليون ريال 39.7 بليون دولار في الاشهر الخمسة الاولى من السنة الجارية ما رفع اجمالي القروض والسلفيات بنحو 7.3 في المئة الى 157 بليون ريال 41.8 بليون دولار. وقال خبراء ان التوسع في اقراض القطاع الخاص يعني نمواً في النشاط الاقتصادي في السعودية في النصف الاول على رغم انهيار اسعار النفط في الربع الاول الى ما دون عشرة دولارات للبرميل بسبب تراكم الفائض في السوق. وقال خبير: "لا شك ان تحسن اسعار النفط وبالتالي ارتفاع الانفاق الحكومي سينعكس ايجاباً على القطاع الخاص والاقتصاد بشكل عام 000 وهناك توقعات بان يسجل الاقتصاد نمواً ايجابياً يصل الى اثنين في المئة السنة الجارية في حين سيشهد القطاع الخاص معدلات نمو اعلى". واضاف ان "هذا المعدل يبقى متواضعاً لانه ياتي بعد تراجع كبير في الاقتصاد العام الماضي بلغ اكثر من عشرة في المئة نتيجة انخفاض اسعار النفط". وكانت السعودية تحملت العبء الاكبر من الخفوضات التي اقرتها "اوبك" لانقاذ اسعار النفط، اذ بلغت الكمية التي خفضتها منذ العام الماضي نحو 1.3 مليون برميل يومياً، اي اكثر من ربع اجمالي الخفوضات المتفق عليها. وأدى ذلك الى ارتفاع الفائض في طاقتها الانتاجية الى نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً.