تراقب إسرائيل بحذر شديد مساعي المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية بانتظار النتائج التي ستتمخض عنها الاجتماعات التي بدأت في القاهرة بين الرئيس ياسر عرفات وممثلي حركة "فتح" التي يرأسها من جهة، وزعماء "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" من جهة أخرى، لكنها ترى في الوقت ذاته أن تحرك فصائل "جبهة الرفض" الفلسطينية بهذا الإتجاه يعتبر نصراً شخصياً لعرفات. وفي الوقت الذي امتنع فيه المسؤولون السياسيون حتى الآن عن التعليق على الاتصالات الفلسطينية - الفلسطينية الأخيرة ، حرصت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية على تغطية تطورات الإتصالات الجارية بين قيادات الفصائل الفلسطينية المعارضة والسلطة الفلسطينية بتفاصيلها الدقيقة، واهتمت بسماع مواقف المسؤوليين الفلسطينيين الذين دأبت في الماضي القريب على نعتهم ب"الإرهابيين" من مصادرها الأولية، من خلال إجراء المقابلات الصحافية والإذاعية في أجواء وصفها محللون سياسيون إسرائيليون بأنها تتناسب وأجواء "المصالحة العامة" التي تسود المنطقة منذ أسابيع، وحطمت بذلك "الحاجز" القائم. وقالت مصادر إسرائيلية ل"الحياة" إن تل أبيب تنتظر حدوث "تحول ملموس ونوعي في موقف الفصائل الفلسطينية المعارضة تجاه اتفاقات أوسلو". وقال الباحث الإسرائيلي في معهد موشيه دايان للبحوث والدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة تل أبيب إيلي ريخيس ان المؤسسة الحاكمة في إسرائيل ترى في إستئناف الحوار بين حركة "فتح" و"الشعبية انجازاً تكتيكياً" للرئيس عرفات، مشيراً الى أن فصائل المعارضة الفلسطينية وعلى رأسها "الشعبية" "هي التي بادرت الى الاتصال مع عرفات المستمر في طريق العملية السلمية". وأوضح البروفيسور الإسرائيلي ل"الحياة" أن الرأي السائد في إسرائيل هو أن عرفات نجح في "إحداث شرخ في فصائل المعارضة الفلسطينية وحطم مفهوم "المقاومة" في أذهان هؤلاء. ويربط الإسرائيليون بين موقف سورية الجديد إزاء التنظيمات الفلسطينية التي تتخذ لنفسها حتى اللحظة من دمشق مقرا لها وبين "التحول" في مواقف هذه التنظيمات من السلطة الفلسطينية التي هي نتاج لاتفاقات أوسلو التي كانت سبباً في القطيعة وقطع الحوار وتحجيم دور منظمة التحرير بصفتها المرجعية السياسية الأعلى للشعب الفلسطيني. ويورد الإسرائيليون 3 سيناريوهات محتملة لتأثير ما يطلقون عليه "الشرخ" الحاصل في الفصائل المعارضة على موقف الأحزاب الإسلامية التي تقف "حركة المقاومة الإسلامية" حماس على رأسها، أولها "إضعاف حماس" وعزلها في ظل تقاطر الفصائل الفلسطينية للحاق بعرفات، أو حمل الحركة الإسلامية على الانخراط في مؤسسات السلطة. أما السيناريو الثالث فيتمثل بدفع "حماس" الى مزيد من "التطرف" من منطلق القول "الجميع خان إلا نحن لا زلنا متمسكين بمبادئنا". وقال المحلل السياسي داني روبنشتاين إنه "إذا نجح عرفات في إعادة قادة المعارضة من دمشق الى الضفة وغزة ودمجهم في سلطته سيكون بالإمكان اعتبار ذلك تحطيماً للمعارضة الفلسطينية وتعزيزاً ملموساً للحكم الفلسطيني في مواجهة حماس والجهاد". ويرى ريخيس في مسألة عودة قادة الفصائل الفلسطينية الى الأراضي الفلسطينية "ورقة رابحة" في يد عرفات، وكذلك في يد المفاوض الإسرائيلي الذي سيكون بإمكانه "استرضاء عرفات" بالموافقة على عودة بعض القياديين الفلسطينيين.