أحسست بالحرج الذي سبّبتهُ لهم عندما متُّ في غرفةٍ ضيقةٍ بالكاد أخرجوني الى الصالةِ وبدأوا العويل كنتُ متضايقاً من البدين الذي يدعك جسدي بقسوة ومن الرجال الذين يتحدثون في الخارج قلتُ لزوجتي: لا تصرخي وحاولتُ أن ألفت نظر البنت دون جدوى كنت تعيساً لأنني لم أكتب وصيّة ولأن الأحداث جرت هكذا دون مشورتي وبالرغم من المخاوف التي داهمتني فقد وضعت أمام البنت قصاصة طلبتُ فيها أن تُجري تعديلاً في قصيدتي الأخيرة لكنها أشاحت بوجهها وراحت تبكي وصرختُ في الولد أن يحرق مسوّداتي جميعاً وألا يسمح لأحدٍ من النقاد أن يستغلها ضدي لكنه كان مشغولاً بإلقاء التعليمات أحسستُ أنني خفيفٌ وأنني أتجول في وقتٍ واحد في الشارع والغرفة ضربتُ زوجتي على مؤخرتها مداعباً عندما وجدتها تفكر في النساء اللواتي عرفتهن لكنها لم تعرني التفاتاً فكرتُ في المكتبة والصور التي تجمعني مع كبارالشخصيات ورحتُ أضحك فلا أحد يعنيه شيء من هذا ألقيت القصائد من الشرفة ألقيت الصور وشهادات التقدير ألقيت كلام النقاد والميداليات وخطابات الأصدقاء ولّما لم يتجمع الناس قدّرت ألقيتُ بنفسي عندئذٍ سمعت الصراخ وتجمّع المارّة وهرول الجميع على السلالم وامتلأت النوافذ بالوجوه ثم رأيت جسدي محمولاً وأحسست بالحرج الذي سبّبتهُ لهم عندما راحوا يرتبون الصالة بسرعةٍ قبل أن يصل هؤلاء الذين يصعدون السلالم وهم ينهجون أنا الكومبارس العتيد الذي عاش أكثر من حياته والتقى بكل الشخصيات حتى التي لم توجد قط أنا الذي عشت في الماضي قريباً من الرشيد وأنبياء العهد القديم واستدعيت الى حيواتٍ أخرى ستأتي بعد موتي لن أسمح بهذا العبث أبداً إذ كيف تمدد كجثةٍ طوال العرض حتى لو كان كل شيءٍ كما يقول المؤلف ليس إلا أخيلةً تمرّ برأسي وأن الشخصيات والوقائع ليست سوى حلمٍ جميلٍ طويلٍ سينتهي عندما أنهض أخيراً بين تصفيق الجمهور لا. لن تجوز عليّ حيلةٌ كهذه فما الذي يحدث لو أنني فاجأت الجميع بالدخول في النص سعيداً بارتباك الأبطال أمامي وبالشتائم التي تأتي من وراء الكواليس * شاعر مصري مقاطع من ديوان تحت الطبع في عنوان "جليسٌ لمحتضر"